بعكس المصطلحات الذرائعية التي صكتها ووظفتها جهات غربية وشرقية للتغطية على هدفها النهائي عبر تبريكاتها المصلحية بالرؤية السعودية 2030، جاء الاهتمام الخليجي موازياً للاهتمام السعودي نفسه. ليس في وسائل الإعلام فحسب، بل بين شباب وسائل التواصل الاجتماعي وشريحة رواد الديوانيات والمجالس من جيل عاصر التحولات الخليجية كلها.
وفي الخليج لا نتوقف عن تكرار القول إن المملكة العربية السعودية هي العمق الاستراتيجي لنا فرادى ومجتمعين، كما ندرك أن ذلك يعني أيضاً أن دول الخليج هي خطوط أمامية لذلك العمق. ويثلج صدورنا طموح هو استمرار لـ «عاصفة الحزم» و«درع الشمال» في الجسارة والقوة. فالرؤية تعزز حقيقة أن الدماء الشابة من صناع القرار قد أخذت زمام المبادرة لقيادة عملية التغيير، فمرتكز «شعبٌ طموحٌ، معظمُه من الشباب، هو فخر بلادنا وضمان مستقبلها» في الرؤية يجعل الرهان على نجاح الشباب شبه مضمون في منظومة الأمن الخليجية لتوسيع العمق الاستراتيجي ولتقوية الخطوط الأمامية.
ونقر أننا لا نملك ما يملكه غيرنا من أدوات التحليل الاقتصادي، لكن تلك الصورة المشرقة للرؤية لا تحول دون ممارسة الشفافية التي أشار إليها الأمير محمد، ليس من قبل السعوديين فحسب، بل من قبل أخوانهم الخليجيين. فعند من لم يفقد شجاعة التساؤل حيرة لم تسوغها مقابلة الأمير التلفزيونية حول تأثيرات الرؤية على الاقتصادات الخليجية، وإن كانت تكاملية أو تنافسية! فضخامة الرؤية تظهر أنها ستذهب إلى أعمق مما يمكن رصده خلال المرحلة الحالية. فقد أطلقت الرؤية مفتاح الحل للأزمات التنموية في الخليج، والقوة المعطلة التي يمكن أن تمثلها الصناديق السيادية. فما حجم تأثير الصندوق السعودي على الصناديق السيادية الخليجية؟ وما حجم الصناديق الخليجية لو اجتمعت؟
كما وردت جزئية توطين الصناعات العسكرية، والاكتفاء الذاتي، ينقصها الإشارة للخليج، لنخرج من دائرة المستهدفين في «تصدير منتجاتنا العسكرية لدول المنطقة»، ونكون شريكاً أكثرمن كوننا زبوناً، وجزءاً من جغرافية التوطين، بل وجزءاً من تخفيض فاتورة الإنفاق العسكري. بل إن ذكر العالم العربي قد جاء 23 مرة، والإسلامي 7 مرات، والعالم 20 مرة في الوثيقة. أما الخليج فجاء ذكره مرتين فقط في فقرة واحدة تقول «يعّد اندماجنا في محيطنا الخليجي ودفع العمل الخليجي المشترك على كل المستويات من أهم أولوياتنا، لذلك سنعمل جاهدين على استكمال مسيرة التعاون الخليجي، وبخاصة فيما يتعلق باستكمال تنفيذ السوق الخليجية المشتركة وتوحيد السياسات الجمركية والاقتصادية والقانونية واستكمال إنشاء شبكة الطرق وشبكة سكك الحديد الخليجية»، وقد تختصر الفقرة السابقة ما نبحث عنه، لكنه اختصار لم يشفِ ما في الخاطر، وربما يعزى الأمر إلى أننا من أهل البيت. فما موقع الخليج في الرؤية السعودية 2030؟
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج