عنوان الخبر «تظاهرات تجوب البحرين تضامناً مع المطاردين والمعتقلين السياسيين»، ومثله عناوين كثيرة تهتم مواقع «المعارضة» الإلكترونية بنشرها بهذه الطريقة، أملاً في تحقيق مراد لا يتحقق ولا يمكن أن يتحقق، وهو إقناع العالم بأن حالة الهدوء والأمان التي يرونها ويلمسونها بكل حواسهم، حتى وهم بعيدون عن مملكة البحرين غير حقيقية، وأن الحقيقة هي أن هذه البلاد لا تعرف الهدوء وأن الناس فيها يعيشون الخوف على مدار الساعة بسبب «التظاهرات التي تجوب شوارعها» والتي «يصر من يقوم بها على تحقيق كامل مطالبهم»، وأن «نصيحتهم لكل من يفكر في زيارة البحرين أن يعيد النظر ويفكر مليون مرة قبل أن يتخذ قراره لأن حالة الأمن والأمان غير متوفرة في الوقت الراهن»!
الخبر المثال هنا تضمن معلومات متناقضة، من ذلك مثلاً أن تلك التظاهرات التي أشار عنوان الخبر إنه «شهدتها البحرين»، تبين بعد قراءة التفاصيل أنها لم تشمل كل الشوارع والمناطق وإنما كانت في خمس قرى فقط هي «البلاد القديم، والدّيه، وأبوصيبع، والشاخورة، وشهركان»، وهذا يعني أن العنوان كاذب، ومن كتبه ليس صادقاً، حيث عنوان الخبر الصحفي يكون صادقاً لو كان يعبر بصدق عن محتوى الخبر، ولكن طالما أن العنوان لم يعبر بصدق عما احتواه الخبر لذا فإنه غير صادق وأن المراد منه هو إحداث البلبلة.
عندما يقول العنوان إن «التظاهرات جابت شوارع البحرين»، ثم يتبين من متن الخبر أن تلك التظاهرات حدثت في يوم واحد فقط وفي خمس قرى فقط فهذا يعني أنه بعيد عن الصدق، بل إنه كاذب. فإذا أضيف إلى كل هذا أن تلك التظاهرات قام بها نفر قليل لو تجمعوا في مكان واحد وجابوا الشوارع والطرقات معاً لما أمكن إطلاق اسم تظاهرة على فعلهم، وهو ما تؤكده الصور التي تقوم المواقع الإلكترونية نفسها بنشرها وتبثها الفضائيات «السوسة» وخصوصاً فضائية «العالم» الإيرانية التي اعتمدت فقرة التظاهرات كفقرة أساسية في نهاية برنامجها اليومي والمخصص للإساءة إلى مملكة البحرين، وتأكيد وقوف إيران إلى جانب أولئك الذين قرروا التعاون معها في تحقيق هذا الهدف.
المشاركون في تلك التظاهرات أعدادهم قليلة جداً وكلهم من صغار السن الذين يسهل القول إنهم لا يدركون ما يقومون به ويمكن تصنيف ما يفعلونه في باب «التصنيفة» وشغل أوقات الفراغ ليس إلا، وبالتالي فإن كشف سر نشر مثل تلك الأخبار بتلك العناوين المثيرة لا يمكن أن يكون صعباً على أي شخص. فالخبر الذي يكون هكذا عنوانه وهكذا محتواه لا يمكن أن يكون صادقاً ولا بد أن من يقف وراءه يرمي إلى أمور أخرى لا يجد معها غضاضة في وصف الناس له بالكاذب ، فتحقيق الهدف هنا أهم من كل ذلك .
أمر آخر مهم الانتباه له في الخبر المذكور، وهو أنه يبين أن تلك التظاهرات هي للتعبير عن «التضامن مع المطاردين والمعتقلين السياسيين»، وهذا يعني أن هناك من تتم مطاردته من قبل أجهزة الأمن، أي أن هذه الجزئية من الخبر لا تخدم كاتبها، فطالما أن هناك أشخاصاً تقوم الأجهزة الأمنية بمطاردتهم فهذا يعني أن البحرين تعيش في أمان، فالبلاد التي يقوم رجال الأمن فيها بمطاردة من تعتقد أنهم متسببون في أذى الناس وتعطيل حياتهم أو من صدرت في حقهم أحكام قضائية وهربوا منها فالأكيد أنها تجعل كل من يعيش فيها ومن يقصدها مطمئنا. أما عبارة «المعتقلين السياسيين»، فالعالم صار يعرف أنها غير صحيحة بالمرة، فمن يتم توقيفهم أو استدعاؤهم واستجوابهم ليسوا سياسيين ولكن من ممارسي الأنشطة التي يمنعها القانون لأنها تتسبب في الإضرار بالآخرين وحقوقهم.