أعتقد بأن سبب النجاح الساحق للعبة «البكيمون» وخصوصاً بين الشباب يعود إلى وجود «فراغ» كبير لم يستغل استغلالاً أمثل. فالفراغ والملل جعلا مستخدم هذه اللعبة يلاحق كائنات وهمية!! وهو أكبر دليل على «الفضاوة» و»الفراغ»!! فعدد كبير من الشباب كما تطلعنا وسائل الإعلام اليوم منشغل بتجميع بيكومونات!!
الفراغ هو أحد أعداء الإنسان، لاسيما إذا ما تحدثنا عن الفراغ عند الشباب، فالمعروف عن هذه المرحلة العمرية تحديداً بأنها تمتاز بفرط في الطاقة، والمشكلة الحقيقية تحدث إذا ما تزامنت هذه الطاقة المتدفقة مع الفراغ!! وهنا يدق ناقوس الخطر. فيبدأ الشباب بالبحث عن أي شيء يشغلون فيه أوقاتهم حتى وإن كان هذا الشيء هو صيد «بكيمونات»!!
إن وجود وقت فراغ يتبعه بالمقابل فراغ فكري وسياسي قد يجعل من أي شاب فريسة سهلة لأي جماعة أو تنظيم أو أي فكر منحرف، ولهذا فيجب على أولياء الأمور أن يملأوا وقت فراغ أبنائهم بأشياء تفيدهم وتنمي شخصياتهم ومهاراتهم، لضمان عدم انسياق أبنائهم وراء أي فكر منحرف حتى وإن كان فكراً «بيكمونياً» يدعو إلى صيد بيكمونات!!
وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة من قبل وزارة شؤون الشباب والرياضة والأنشطة المتنوعة المتوفرة حالياً لمعظم الفئات العمرية في مملكة البحرين مثل المعسكر الشبابي الصيفي، والنشاط الصيفي المتميز لنادي سلمان الثقافي، وعدد آخر من الأنشطة لعدد من الجمعيات الشبابية «غير السياسية». إلا أننا نجد عزوفاً من قبل بعض الشباب للاشتراك في هذه البرامج الثرية والتي تضفي مهارات إضافية على الملتحقين بها.
لا ألوم الشباب مع أنهم يتحملون جزءاً من الملامة، ولكن الملام في الدرجة الأولى يقع على أولياء الأمور فهم الذين يجب أن يوجهوا أبناءهم للانضمام إلى هذه الأنشطة التي من شأنها أن تشغل أوقات فراغهم وتعلمهم العديد من المهارات. والغريب في الأمر أنني وفي عدد من المناقشات «العقيمة» مع بعض أولياء الأمور حول عزوف انخراط أبنائهم في الأنشطة الصيفية، يضعون لي قائمة من الأعذار منها على سبيل المثال: ابني «تعبان» طول فترة السنة الدراسية وعطلة الصيف مجال للراحة، فلماذا أشغله في نشاط صيفي!! وعذر آخر هو وقت النشاط الصيفي لا يتناسب مع «ابني» إنه يسهر طوال الليل لأنه في «عطلة» ولا أريد أن أوقظه مبكراً!! وآخرون يقولون العكس بأن وقت النشاط الصيفي لا يتناسب مع أوقاتهم لتوصيل أبنائهم، وآخرون يشتكون بأن النشاط الصيفي لا يشمل المواصلات، وأن مكان النشاط الصيفي بعيد عنهم!!
إن هذه الأنشطة الصيفية تعد «استثماراً» افترفضون الاستثمار في أبنائكم؟؟ هذه البرامج والأنشطة الصيفية تمولها الدولة من أجل تنمية مهارات الشباب ومن أجل استغلال وقت الفراغ لديهم أفضل الاستغلال وهي بذلك تساعدكم على ضمان أن لا يستغل أحد الفراغ الموجود لدى أبنائكم، ويجرهم إلى طريق غير محمود العواقب، لاسيما أننا نعيش اليوم في زمن مليء بالمخاطر فجميع من حولنا من متغيرات أثبتت أن هناك أطرافاً تستهدف عقول أبنائنا فلا تحرموا أبناءكم هذه الفرصة واشغلوهم في خير يعود عليهم وعلى وطننا الغالي بالنفع والفائدة.