قدمت إيران منذ اندلاع الثورة التي أسقطت الشاه وجاءت بالخميني على متن طائرة فرنسية لطهران، قدمت للعالم أسوأ أنواع الديكتاتوريات الحديثة.
هذه الدولة التي لم تكفها أطماعها بشأن مخططها التوسعي وإضرارها بالدول ومنها بلادنا البحرين، بل مارست ديكتاتوريتها القصوى في الداخل، وقامت أولاً باستعباد الشعب الإيراني أو قمع المناهضين لسياسة العنف والعنصرية والاضطهاد.
حفيد الخميني اعترف قبل شهور بأن جده قتل الآلاف «في تخفيف للرقم الحقيقي طبعاً»، والهدف من ذلك تثبيت دعائم حكمه.
مؤسس الثورة الذي جاء ليصور نفسه أنه الحاكم العادل المطلق في العالم، وأنه الباعث لحلم الدولة الصفوية بالعودة والتوسع، ومنح نفسه الوصاية على مطلق شيعة العالم، بل وعلى كل البشر، هذا الرجل كان القتل عنده هواية، طبعاً لكل من يخالفه ولكل من يعارضه، ولكل من هو ليس على مذهبه.
بالتالي التاريخ الحقيقي الذي لم يطله تزوير الإعلام الإيراني وعملاء النظام ومن هم على «قائمة الدفع النقدي» لهم، يثبت التاريخ الحقيقي حجم الجرائم الإيرانية المرتكبة بحق الناس، والتي كلها تضرب مبادئ الحرية وحقوق الإنسان وحرية التعبير في عرض الحائط.
آخر الإجراءات المتخذة في إطار عملية «قمع» حرية الشعب الإيراني هو قيام السلطات بتدمير 100 ألف طبق لاقط للقنوات الفضائية، وبررت السلطات ذلك بأن العملية تأتي في إطار حماية المواطنين الإيرانية والناشئة من تأثيرات القنوات الغربية والأجنبية، وأن هذه القنوات تبث ما من شأنه غسل أدمغة الشباب.
لكن الفبركة الإعلامية المعتادة من قبل القنوات الإيرانية تجعلك تضحك ساخراً، حينما تقول بأن المواطنين تعاونوا وقد سلموا «أطباقهم اللاقطة» طوعاً، رغم أن الأنباء كلها أشارت لقيام السلطات بعملية «مداهمات» لمصادرة هذه الأطباق.
الواقع يقول بأن لو تعيش في إيران، فإنك إما تكون موالياً حتى النخاع للمرشد الأعلى الذي نصب نفسه وكيلاً لله في الأرض، تكون موالياً لشخص قبل الوطن، وذلك حتى تأمن شره، أو تكون ذا نفوذ ومرضياً عليك من المرشد بالتالي يحق لك نهب وسرقة خيرات البلد، أو تكون تابعاً ترضى بالقليل لترى الفقر نعمة وكرماً من المرشد، وبخلاف ذلك تكون معارضاً مناهضاً للنظام، ولذلك تستحق الإعدام بلا محاكمة والسجن بلا تهمة والتنكيل والتعذيب المستمر.
في إيران التي يرى فيها الانقلابيون والمحرضون لدينا في البحرين، يرون فيها جنة على الأرض، ليس لك حرية شخصية، لا يحق لك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، يمكنك أن تستخدم المخدرات ولا تحاسب، يمكنك أن تمارس الدعارة ولا تحاسب، لكن لا يمكنك استخدام «الفيسبوك»، واليوم لا يمكنك ممارسة حريتك الخاصة في بيتك ولا مشاهدة ما تريد عبر شاشة تلفازك.
هذه هي الحرية التي تتشدق بها إيران كنظام، هذه هي الديمقراطية التي يطمح لها الخونة لدينا من أتباع المرشد الأعلى.
حملة مصادرة «الأطباق» ليس هدفها ما قيل على الإطلاق، بل على العكس، يدرك الساسة الإيرانيون بأن القنوات الفضائية بالأخص الخليجية والغربية كلها قنوات «تفتح» عيون الشعب الإيراني على نوعية الحياة التي تعيشها الشعوب الأخرى، يرون كيف هي حياة أهل الخليج، ويرون كيف الغرب يعيش، وكلها أنماط معيشة مغيبة ومقموعة في إيران، بالتالي التأثر بالثقافات الأخرى تعتبره إيران من الأخطار الكبيرة التي تهدد عملية «غسل الأدمغة» و»استعباد» البشر في داخلها.
السيطرة على شعب واعٍ متعلم منفتح مطلع على التجارب حول العالم، أصعب بكثير من السيطرة على شعب جاهل لا يعي ما يدور حوله.
لذلك حينما يحاول النظام الإيراني أن يفرض على شعبه «العزلة» الإقليمية والدولية، وأن يوصل قمعه لحريات البشر لتصل إلى مستوى التحكم في شاشات تلفازهم، فاعلموا بأن هناك خوفاً حقيقياً من تأثر الناس بما حولهم، وخوفاً من المقارنات بخصوص الحريات الشخصية والحقوق المجتمعية وحرية الأديان.
إيران قوتها كنظام كان دائماً عبر تحشيد البشر، وعبر أساليب الترهيب، وباستخدام ورقة الدين والمذهب وسيكولوجيا المظلومية وعقد الثأر وحياة النواح والغضب.
حينما تدفع الناس للانغماس في كل هذه الأمور، فإنك بالتالي تؤسس لجيش من الأفراد الذي يتبعونك عميانياً، لا يرون في العالم سواك كمثال أعلى وأوحد وأفضل.
طبعاً النظام الإيراني لن يقبل بأن تؤثر الثقافات الأخرى على أجياله الناشئة، لن يقبل بأن يكون لمسلسل أمريكي مثل «تايرنت» أي «الطاغية» تأثير عليهم حينما يرون تفاصيله ويفهمون مغزاه ومضمونه، فيرتد بالتالي كانعكاس على الداخل، والأمثلة كثيرة لا تنتهي.
إيران يهمها أن تحصر وتعزل شعبها في زاوية واحدة، ترسل لهم رسائل واحدة، تحجبهم عن العالم، وتقول لهم عبر إعلامها بأن مولاكم وسيدكم الأعظم الأوحد هو الخامنئي، وأن الولاء له وحده، وأن العالم بأسره ضدكم، وبالتالي عليكم أن تعيشوا دوماً في رغبات الثأر والانتقام واحتلال دول الغير، فهي غايتكم والتي من أجلها ولدتم ووجدتم.
هكذا يغسلون أدمغة شعوبهم، وهكذا هي حريتهم وديمقراطيتهم الزائفة، والمهزلة أن في البحرين من يهلل لهذا النظام الإيراني الفاشيستي ويمني نفسه بأن يحكمه الخامنئي يوماً.