تواجه حملة المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب تقهقراً «غير مسبوق» في تاريخ الحزب الجمهوري، ويرجع ذلك لعدة عوامل عددتها في المقال السابق. ما أريد التركيز عليه هنا أن العامل النسائي الذي شكل دافعاً مهماً لحملة أوباما يشكل عاملاً سلبياً في حملة ترامب. ففي حملة أوباما لعبت زوجته دوراً مهماً وكانت رفيقته منذ بدء الحملة الانتخابية، والسيدة الأخرى التي ساعدت أوباما على الوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية كانت المذيعة السوداء أوبرا وينفري التي لديها جمهور واسع في أمريكا، لكن الأمر اختلف مع ترامب.
والسيدتان اللتان ظهرتا في حملة ترامب وهما زوجته وابنته أثرتا بشكل سلبي على حملته، أولاً بالنسبة لزوجته فقد ذكرت في المقال السابق أن الجمهوري المحافظ الذي روعه فستان ميشال أوباما مكشوف الذراعين لن يتقبل زوجة ترامب عارضة الأزياء السابقة وصورها الفاضحة التي مازالت على شبكة الإنترنت، أما حتى لو تخطى الأمريكي هذا العامل واقتنع بدفاع ترامب عن زوجته حيث قال إنه لا يجوز للأمريكيين أن يحاسبوا زوجته على ماضيها كعارضة، ولكن يمكنهم أن يحاسبوها على حاضرها كزوجة مرشح لرئاسة الجمهورية، فالسيدة ترامب ليست كفؤة أن تكون سيدة أولى فهي لا تجيد الإنجليزية بطلاقة الأمريكي الأصيل، ولديها لكن شرق أوروبية حادة ولا تظهر معالم ذكاء أو ثقافة عامة، فبذلك لا يمكن أن يرى فيها الأمريكي العادي السيدة التي يمكن أن تمثله أمام العالم، والدليل على ذلك أن أول ظهور لها كان وقت ترشيح المؤتمر الجمهوري لترامب بينما زوجات المرشحين عادة ما يكن لهن ظهور منذ بداية الحملة. ومن سوء حظ السيدة ترامب أن سلفها السيدة أوباما ذات حضور قوي فهي طليقة اللسان وذات ذكاء حاد وتجيد فن الخطابة بامتياز، فحين يقارن الأمريكي بين السيدتين تبدو السيدة ترامب تافهة، أما السيدة الثانية التي تؤثر سلباً على حملة ترامب فهي ابنته إيفانكا، وقد أخذ الجمهوريون على خطاب ترامب الذي عرض فيه فكرته عن خطته الاقتصادية للبلاد والتي قدمها في نادي ديترويت الاقتصادي، عندما قال إنه متأثر بفكر ابنته ايفانكا، فأحد عناصر الخطة الاقتصادية كانت زيادة النفقات الفيدرالية على رعاية الأطفال وهو ما نادت به إيفانكا في المؤتمر الوطني الجمهوري، وخطة ترامب التي تقتضي بتخفيض الضرائب على الأمريكيين الذين ينفقون على رعاية أطفالهم تقع خارج مسار الجمهوريين الاقتصادي، وفكرة ترامب أن تكون النفقات التي تدفع لرعاية الأطفال خارج المدخول الخاضع للضرائب هي من بنات أفكار إيفانكا، وقد صرح ترامب أنه يعمل على هذا البرنامج مع ابنته إيفانكا التي تشكل مسألة رعاية الأطفال موضوعاً قريباً إلى قلبها. فهنا يرى الجمهوريون أن ترامب متأثر بميومل ابنته أكثر مما هو متأثر بالتوجه الجمهوري العام. لقد صاحبت الحسناوات كل مراحل حياة ترامب وقد ساعده الوجود النسائي الحسن على بلوغه الشهرة وجعلته موضع حديث الناس، لكن اليوم انقلبت الآية فالعنصر النسائي ربما يكون له دور سلبي بالنسبة له.