أكثر من شوه صورة الإسلام، هم المسلمون أنفسهم وليس غيرهم، فهم الذين أوغلوا في تشويه سماحة دينهم وإبرازه كأحد الأديان البدائية في عصرنا الراهن. المسلم الذي يجب أن يسلم الناس من يده ولسانه، أصبح اليوم أكثرهم دموية وعنفاً، إضافة إلى أنه لا يتورع عن الغش والسرقة والتحايل على القانون وخداع الناس وتضليلهم والكذب عليهم. هذه القيم التي شدد على رفضها الإسلام الجميل أصبحت عنوان مرحلتنا وهي التي باتت تعبر عن هويتنا الدينية الممسوخة في كل أنحاء المعمورة!
أصبح الإنسان المسلم في العالم الإسلامي وحتى في خارجه يوغل في ضرب الإسلام وتحطيم صورته الرائعة، فكل العناوين المحرمة دينياً وأخلاقياً يقوم بارتكابها بدم بارد، كالكذب والنهب والخداع وصولاً لسفك الدم الحرام تحت ذريعة أفكار منحرفة لا علاقة لها بالإسلام، ولعل ما ساهم في تعزيز مثل هذه القيم السلبية في وعي الإنسان المسلم هو وجود بعض من رجال الدين الذين أخذوا المقاصد الشرعية بطريقة غير شرعية لخدمة أجنداتهم السياسية والإيديولوجية فحرموا ما أحل الله وحللوا حرامه، بل بنوا على هذه المسوخات الفكرية المشوهة مناهج للتعليم الديني في طول الوطن الإسلامي وعرضه حتى أصبحنا مضرب الأمثال للرجعية وأرباباً للعنف والإرهاب والجهل والتخلف عبر المحيطات.
لو ننظر إلى حجم السرقات والغش وعدم أداء الأمانة في العمل والمال لكان نصيب الأسد للمسلمين الذين يفترض بهم أن يكونوا خير أمة أخرجت للناس، وهذا السلوك المتردي نجده في مجتمعاتنا المحلية وفي المجتمعات الإسلامية التي نسافر إليها، ففي سفرنا لبعض الدول الإسلامية نكتشف حجم الكارثة التي يقوم بها المسلمون من مظاهر وتصرفات لا تليق في كونهم يمثلون الإسلام، ولو نريد أن نجمع القصص التي يحكيها لنا المسافرون عند عودتهم من بعض الديار الإسلامية لأوطانهم لذهلنا بسبب تلكم التصرفات غير الإسلامية بتاتاً، بل بعضهم يمارس أكثر من ذلك في الدول الأخرى التي لا تدين شعوبها بالإسلام، ولولا القانون الصارم في غالبية الدول الأوروبية وغيرها لرأينا المسلمين يوغلون في تحطيم نقاء الإسلام وسماحته على صخرة سلوكهم المشين.
ربما يقول البعض إننا نقول هذا الكلام المسيء عن المسلمين ولا نقوله عن بعض أتباع الأديان الأخرى، فنرد عليهم بأننا في الحقيقة لا نبرئ أي أحدٍ أو ملة من كل سلوك فاحش في الفعل والقول، لكن ما يهمنا وما يجب تسليط الضوء عليه هنا هو في من ننتمي إليهم في العقيدة والفكر، فحين يسرق غير المسلم ربما نجد له العذر في شريعته، لكن ما عذر المسلم الذي يسرق وهو يعلم جيداً أن رسولنا الكريم قال «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»؟ فكيف ونحن الذين سحنا في الأرض من أجل سفك دماء الأبرياء في كل مكان بحجة الكفر والردة وغيرها من العناوين المضللة؟ فهل هذا هو الإسلام النقي الطاهر؟ أم هؤلاء هم الذين يمثلونه؟
قد يقول قائل أيضاً بأن هناك منظمات ودول تساهم في تشويه صورة الإسلام، فنقول لهم، لولا وجود الكثير من المسلمين الذين ساهموا بشكل مباشر في تشويه دينهم لما استطاع غيرهم أن يقوموا بهذه المهمة، لكننا شوهنا ديننا بالوكالة عنهم بدءاً بأداء الأمانة وانتهاء بفريضة الجهاد.