مع تطور الشبكة العنكبوتية «الإنترنت»، خلق الفضاء الرقمي، وبات متطوراً على مدار اللحظة، فتشكلت منصات تواصلية عديدة ومتنوعة تحت سقف سمي بـ «المجتمع الافتراضي»، كونه يتم التواصل والتفاعل معه من خلف شاشة وغرف دردشة وحسابات أنشأت على مختلف المواقع السوشالية، بدون حدود زمنية وبدون هوية مؤكدة بل افتراضية. ورغم أنها مواقع ومساحات افتراضية إلا أنها ذات شحنات ثقافية مليئة بالحوار والتواصل وتبادل الآراء وتنوع النقاش. ويعتبر وصف المنصة التواصلية الحديثة على مواقع التواصل الاجتماعي «السوشال ميديا» وصف حديث العهد والتداول، المراد به كل ما له علاقة بالعالم التخيلي، بالجزء المادي منه المتمثل في إبداع طرق ووسائل جديدة في عالم تقنية المعلومات والاتصالات والإنترنت، ومن الجزء الاعتباري منه فهو يضم أنشطة عالمنا اللاافتراضي «الواقعي».
مع تزايد مواقع التواصل الاجتماعي وتزاحم المتصلين عليها من مختلف صفوف المجتمعات العربية والغربية، تزاحمت الآراء والأفكار حولها بين مؤيد لها ومعارض، إلا أنه في الواقع كان لنشأة العالم الافتراضي على المنصة السوشالية الفضل في نهاية فوبيا المكان! لأن الخوف من المكان دليل على تملكنا لمكان آخر، وعندما ندخل لمنصة أو موقع العالم الافتراضي نصبح لا نخشى شيئاً بحكم عدم مقدرتنا على تملك الافتراضي باعتباره فضاء، فلذلك وصفت شبكة «الإنترنت» كعالم افتراضي بأكثر الأمكنة تحررية وعدم مقدرة أي شخص أو طرف فيها أو متواجد عليها بامتلاكها.
الجدير بالذكر هنا، أن أبرز سمات مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت بصفة عامة تتجلى في قيام نظام خاص بها، يسمى بـ «نظام الإنترنت»، حيث تكمن مميزاته في أنه يقوم على معادلة زمنية تجمع في ذات الوقت السرعة اللحظية وسرعة المرور والانتقال من موقع لآخر. وهذا ما وصفه البعض بـ «الزمن العالمي»، الذي هو بمثابة الزمن العابر للحدود الجغرافية والمجتمعات ومتخطياً لحدود اللغات عبر مواقع الاتصال والتواصل الحديثة «الإعلام الاجتماعي» أي السوشالية، التي تنقل الحدث والصورة والكلمة بشكل مسموع ومرئي ومقروء من الشرق للغرب ومن الشمال للجنوب، بدون أي صعوبات تعيق هذا التواصل والانتشار الرقمي، وهذا ما عرفه الدكتور عبدالله الحيدري، أستاذ التسويق الإلكتروني بـ «الزمن الميدياتيكي». حيث إن حياة الأفراد بمختلف توجهاتهم وأعمارهم أصبحت متصلة بشكل مستمر خلال اليوم بشبكات التواصل الاجتماعي.
فالميدياتيكية هي الفترة الزمنية التي نحققها في تواصلنا الاجتماعي الافتراضي على المنصة السوشالية بشكل يومي ومستمر، بوصفنا أفراداً أو أشخاصاً اجتماعيين نعتمد في التفكير والإنتاج والتفاعل والاتصال بمن حولنا على تقنية الإعلام الجديد، وبالتالي نكون مصنعين ومستهلكين للصناعات الإعلامية الجديدة السوشالية، التي تحتضن ميول وتوجهات وطموحات كافة طبقات وشرائح المجتمعات على مستوى دول العالم.
المجتمع الافتراضي الميدياتيكي مجتمع تقني إيجابي أكثر من كونه سلبياً، طالما أحسن استغلاله وصناعته واستهلاكه. فهو يتسم بالمرونة ولا تتحكم فيه حدود جغرافية بل يجتمع من خلاله مختلف الأفراد يتشاركون على منصاتهم قضاياهم وتوجهاتهم وآرائهم لاسيما طموحاتهم.