المتابعون لتطورات الأحداث في المنطقة لابد أنهم لاحظوا أن الذين يرفعون شعارات الدفاع عن المظلومين في العالم في ازدياد، فهذا الشعار مغر ويتيح لرافعه الحصول على شعبية وتكوين شهرة واسعة من دون كبير جهد ومن دون مقابل. كل ما عليه هو الإدلاء ببعض التصريحات المنفعلة وتوجيه الاتهامات للآخرين، أفراداً ومؤسسات ودولاً. وكلما كانت الاتهامات كبيرة كانت الشهرة أسرع وأسهل وكانت الشعبية أوسع، أما إذا كان الأفراد والمؤسسات والدول أكبر فالشهرة والشعبية يمكن أن تأتيا عبر تغريدة واحدة قوامها مائة وأربعون حرفاً أو أقل.
بهذه الطريقة اشتهر كثيرون وتحولوا بين عشية وضحاها إلى «رموز» وصارت تغريداتهم تحظى بـ «مرتوتين» على مدار الساعة ومصفقين ومرددين لأسمائهم ومناصرين ومروجين لأقوالهم حتى لو كانت بعيدة عن الصدق والواقع، فطالما رفع أولئك تلك الشعارات فهذا يعني أنهم لا ينطقون بغير الحق ولا يعرفون غير الصدق.
الأمثلة في هذا الخصوص كثيرة لعل أبرزها في هذه الفترة الكويتي منزوع الحصانة عبد الحميد دشتي الذي من الواضح أنه صارت تطربه «الريتويتات» على تغريداته وتطربه «التويتات» التي تتضمن الثناء عليه وعلى أقواله وأفعاله، فيعمل لها «ريتويت» حتى وصل إلى حالة من النرجسية واعتقد أنه هو من سيتمكن من تحقيق آمال كل «المستضعفين والمظلومين والمحرومين» في العالم وأنه سيكون السبب في انتصار الحوثيين في اليمن وانتصار أولئك الذين سعوا إلى إشاعة الفوضى في البحرين، وانتصار كل من هو مع إيران.
إن صفة «رئيس المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان» التي صار يلحقها باسمه دفعته إلى التطاول وتكرار التطاول على المملكة العربية السعودية كما جاء في بعض تصريحاته وتغريداته الأخيرة، وإلى الإدلاء بتصريحات من نوع «عهداً علينا أن نستمر في الدفاع عن الشعب اليمني المظلوم وعن كافة المظلومين في العالم»!
اليوم يعتقد دشتي أنه نجم، وهكذا يعتبره كل من يعتبر كلامه كل الصدق والحق والعدل ويعتبره واحداً من القلائل – بعد المسؤولين الإيرانيين طبعاً - الذين يتوفر في صدورهم ضمير ويشعرون بما يشعر به «المظلومون والمحرومون والمستضعفون»، ولهذا فإنهم صاروا يطلقون عليه صفة «نصير المستضعفين»، وهي الصفة التي من الواضح أنها ترضي غروره ونرجسيته فلا يتردد عن مهاجمة الأفراد والمؤسسات والدول بما في ذلك المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ومن غير أن يعبأ بما قد يتسبب فيه ذلك من حرج لدولة الكويت التي نزع برلمانها عنه رداء الحصانة وطرده من مجلس الأمة شر طردة ورفع بعض مواطنيها عليه القضايا في المحاكم.
طريق سهل يمكن لمن أراد أن يصير نجماً كما دشتي أن يسير فيه ويتحقق له مراده سريعاً، ذلك أن رفع راية «نصرة المستضعفين» من شأنها أن تفتح أبواباً يحصل بها إضافة إلى ما يمكن الحصول عليه رضى إيران التي تقدم نفسها أيضاً على أنها نصير المستضعفين في كل مكان والمدافع الأول عن المظلومين في العالم.
لكن، ما هو تأثير كل هذا الذي يطرب دشتي ومن معه ومن خلفه على دول مثل المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين؟! وما المكاسب التي يمكن أن تتحقق لـ «لمظلومين والمحرومين والمستضعفين» من هكذا تصريحات وتغريدات تصدر عن دشتي وغيره سواء من جنيف أو خارجها؟! الواقع يؤكد أن الجواب هو لا شيء، فلا السعودية والبحرين أو غيرهما يمكن أن تتأثر بهكذا تصريحات وتغريدات فاقدة للقيمة، ولا أولئك الذين يزعمون أنهم «مظلومين ومحرومين ومستضعفين» يستفيدون منها. المستفيد الوحيد من كل ذلك هو دشتي نفسه الذي يبدو وكأنه يأكل بين مجموعة فقد أفرادها نعمة البصر.