جيد أن نقر بأن «سيادة حكم القانون» أرضية مشتركة ممكن أن نقف عليها كمتخاصمين كجماعات كأفراد كمؤسسات، أليس هذا ما صوتنا عليه كميثاق؟
ولا بأس إن أعطينا بعضنا بعضاً دروساً في معنى سيادة القانون فأهلاً بهكذا حوار، نتلاقى في بعض نقاطه ونتقاطع مع بعضه الآخر.
وعلى هذا الأساس نحن نتفق جميعاً على أن أهم الأسس التي يجب أن يقوم عليها القانون حتى يسود هو أن يطبق على الجميع دون استثناء، ذلك قول سليم لا نختلف عليه، وعلى هذا الأساس يجب بالتالي أن يلتزم الجميع بالقانون أيضاً، فلا تلتزم به جماعات وترفض الالتزام به جماعات أخرى، أو أفراد يطبقونه حرفياً احتراماً له وأفراد ينادون بالدوس عليه أو يبحثون عن الأعذار والتبريرات لمخالفته أو للدفاع عن مخالفيه.
فإذا اتفقنا أن القانون يجب أن يطبق على الجميع بلا استثناء يجب أن أيضاً أن نتفق على أن القانون يجب أن يلتزم به الجميع دون استثناء يضع ريشة على كائن من كان.
هذا في حال اتفقنا على مصدر القانون وطبيعته.
أما في حالة الاختلاف على مصدر القانون وطبيعته كما لمح البعض ولم يصرح ولا أدري ما الخشية من التصريح؟!! فقال تصريحاً إن للقانون أسساً حتى يحترم وينفذ:
1- أن يسن القانون ويصدر عبر عملية «مقبولة» تمثل إرادة المجتمع.
2- أن يعكس «تركيبة» المجتمع.
3- أن يحمي القانون الحقوق الأساسية فلا «يخل بجوهر الحق وروحه».
ممتاز، لكنه قال تلميحاً بأن هذه الأسس الـ3 غير متوفرة من وجهة نظره في بعض القوانين البحرينية، أي:
1- أن العملية أو الآلية التي صدر بها القانون البحريني كانت غير مقبولة.
2- أن تركيبة الجهة التي أصدرت القانون «الشورى والنواب» لم تكن -حسب البعض- تعكس واقع المجتمع البحريني.
3- وأن القانون أخل بجوهر الحق وروحه.
في هذه الحالة فإن الاختلاف بيننا وبين هذا البعض أننا نرى أن دولة القانون هي التي لا تسد باب الطعن ولا تسد باب الاعتراض، فتفتح الطريق وتيسره على من يرى أن هناك «خللاً» في القانون من جهة إصداره أو من مضمونه ليبدي اعتراضه وليعمل على تصحيح اعوجاجه إن وجد، إنما هو الآخر طريق قانوني ودستوري وسلمي وله آلياته ومؤسساته، حتى لا يكون الاعتراض على القوانين تعطيلاً لها، فالطعن على دستورية القوانين متاح للمتضررين منه في البحرين والحمد لله والمحكمة الدستورية هي من يقوم بهذا العمل وقد سبق وأن أنكروا عليها قبل بدء عملها أن تكون محكمة جادة وحقيقية ولكنهم ذاتهم طعنوا على قوانين فيها وكسبوا طعنهم!! أي أننا لا نتكلم عن مؤسسات شكلية وصورية، ثانياً حتى تعديل القوانين له آلية داخل السلطة التشريعية سهلة وميسرة ومنذ بدء عودة الحياة النيابية والتعديل على القوانين عملية لم تتوقف أبداً، حتى الاعتراض الخاص على تركيبة السلطة التشريعية وآليتها وإجراءاتها متاح ضمن السلطة التشريعية ذاتها، باختصار ليس هناك مجال للتعذر بأن من يخالف القانون له الحق أن يصرح بأنه تحت نعليه، أو يجوز له عدم الالتزام بالقانون لأنه غير «راضٍ» عنه أو غير «مقتنع» بتركيبة جهة إصداره، وهذا هو خلافنا مع البعض، وعليه لا يجوز أبداً أن تبرر تلك المخالفات، فتلك ليست حرية ولا يشرعها أي قانون بما فيها القانون الدولي، فذلك تحريض على الإخلال بالأمن تحاسب عليه كل الدول وتمنعه وتجرمه.
وعليه فإننا نرى أن الالتزام بالقانون -كما هو- واجب وفرض من قبل الأفراد ومن قبل المؤسسات، خاصة تلك التي يناط بها إنفاذ القانون، فإن ارتكب شخص ما مخالفة لتلك القوانين وتقاعست المؤسسة عن إنفاذ القانون عليه فتحاسب تلك المؤسسة والقائمون عليها. مع الأخذ في الاعتبار أن الجهات الأمنية المنوط بها إنفاذ القانون ليست هي الجهة التي وضعته حتى يصب جام الغضب عليها وعلى أفرادها دون أن تنطق المؤسسات المدنية التي تتحدث عن سيادة القانون بحرف تدينها.
فلا يجوز في هذه الحالة وبأي حال من الأحوال أن يكون العنف وسيلة للاعتراض على القانون ولا أن يكون التحريض على مخالفة القانون والتبرير للمخالفين والبحث لهم عن ذرائع جائزاً وإلا اعتبر الباحث عن ذرائع شريكاً للمخالف!!
أخيراً؛ هذه «التبريرات» كانت هي المنافذ للفوضى غير الخلاقة التي ابتلينا بها وبمنظريها وبها خسرنا بناء كان ينمو نمواً طبيعياً يحتاج قليلاً من الوقت وكثيراً من الممارسة وتراكم الخبرات حتى يزدهر، إنما لا نقول سوى حسبي الله على من برر ومن أمعن في الطعن في هذا البناء.