لم يكن الأسبوع الماضي كسائر الأسابيع، حيث كان الأسبوع خليجياً بامتياز، توشحت فيه شوارع البحرين بأعلام الدول الخليجية، وتغنت فيه الإذاعات بالأغاني الخليجية، وتميز فيه تلفزيون البحرين بتغطية خاصة خلال هذا الأسبوع.
كان كل شيء خلال الأسبوع المنصرم خليجيا، فتوجهت أنظار العالم لخليجنا العربي وتحديداً إلى المنامة التي تستضيف القمة الخليجية الـ 37، هذه القمة التي وصفها المختصون بأنها قمة استثنائية بسبب توقيت انعقادها حيث تعقد هذه القمة في وقت استثنائي، بالإضافة إلى وجود رئيسة الوزراء البريطانية، والسبب الأخير أن العديد من المحللين أكدوا أن هناك علاقة ارتباط بين الجولة الخليجية التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين إلى عدد من الدول الخليجية بالتزامن مع وقت انعقاد القمة.
وكان للشعب الخليجي رأي أيضاً عبر عنه بوضوح من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فراح عدد كبير منهم يغرد حول القمة الخليجية وتطلعاته تجاه نتائجها ومخرجاتها، وقد كانت معظم الأصوات الشعبية لديها مطلب «الانتقال من مرحلة التكامل، إلى مرحة الاتحاد».
ورغم أن القمة لم تفرز كل ما تطلع إليه شعب الخليج، إلا أنها أفرزت عدداً مهماً من المخرجات، نطلع نحن شعوب الخليج أن يبدأ العمل عليها في أسرع وقت ممكن.
الكلمات العظمية التي ألقاها القادة العظماء خلال القمة توضح بأن القادة حفظهم الله لديهم نفس التطلعات والمخاوف التي عند شعوب أبناء الخليج، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على انعدام الفجوة بين رؤى وتطلعات قادتنا حفظهم الله وبين رؤى وتطلعات شعوبهم.
تحدثت هذه القمة عن عدد كبير من النتائج أهمها الملف الأمني الذي طالب فيه القادة أن يتم العمل على تعزيز المنظومة الأمنية والدفاعية. أما على الصعيد الاقتصادي فقد تمت الدعوة إلى تحويل المنطقة لمركز مالي واقتصادي عالمي، وتشكيل شبكة خليجية من وسائل الاتصال والمواصلات الحديثة، ودعم رواد الأعمال من الشباب، ومن الأمور التي لفتت انتباهي هي توحيد أسس مناهج التعليم بمراحله المختلفة، حيث سيسهم هذا التوحيد في زيادة توحيد الهوية الخليجية، وتوحيد الفكر الخليجي، وأستطيع أن أعتبر هذه النقطة من النقاط الرئيسة التي يجب بدء العمل فيها خلال المرحلة المقبلة، لما لها من أهمية على توحيد الصفوف الخليجية، وتوحيد العقل والفكر والهوية الخليجية التي يجب أن تكون من أولى الخطوات إذا ما أردنا فعلاً الانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد. فلا يغيب عن بال أي شخص منا أهمية التعليم في تشكيل الوعي عند المواطن. فالتعليم ليست عملية تلقين عدد من العلوم وحسب، أن العملية التعليمية هي من أهم البيئات المؤثرة في تشكيل وعي المواطن. ولهذا تسمى معظم الوزارات التعليمية بأنها وزارات للتربية والتعليم، وليس التعليم وحسب.
وها نحن نرى عدداً كبيراً تأثر بثقافات مختلفة نتيجة تلقيه التعليم في عدد من الدول الغربية التي تؤمن بفكر معين. لا أقصد هنا التأثر الناتج عن العيش في دولة معينة بل أقصد التأثر نتيجة التعلم في مدارس أو جامعات هذه الدول.
إن عملية التعليم هي من أهم الأسس لبناء الحضارات ورقيها، ونحن بالفعل بحاجة إلى توحيد مناهجنا التعليمية ولكن قبل التوحيد لابد أن تتم عملية «غربلة» و»إعادة صياغة مضامين هذه المناهج» بما يتناسب مع الرؤية الخليجية الجديدة، وبما يتناسب مع ما نريد أن نشكل عليه وعي الطالب الخليجي.
حيث يجب أن تكون مناهجنا بالإضافة إلى متانتها ورصانتها العلمية فإنها يجب أن تعكس كذلك الهوية الخليجية وتعززها، وتصنع من الطالب مواطناً خليجياً يؤمن ويعتز بفكرة التعاون الخليجي لاسيما بعد التغيرات التي طرأت على الهوية الوطنية والخليجية.
مازلت أذكر جيداً المقررات الدراسية التي درستها، كانت الصفحة الأخيرة من الكتاب تحتوي على أعلام جميع دول مجلس التعاون الخليجي، لأنها كانت مناهج مشتركة، تصدر من نفس المصدر وهي الأمانة العامة لمجلس التعاون، المناهج آنذاك كانت «متحدة» وكانت تخرج لنا طلبة «متحدين» معتزين بأنهم «خليجيون». وكم أتمنى أن أرى مشروع التعليم والمناهج الخليجية الموحدة التي ستجعلنا أكثر قرباً من تطبيق حلم الاتحاد الخليجي.