تقرير - مما لا شك فيه أن الأهمية النسبية للقطاع العقاري تنعكس على مؤشرات الاسعار السائدة للسلع والخدمات، بالإضافة إلى تأثرها بأي تغيير يطرأ على أسعار المنتجات العقارية على أنواعها، بيعاً وشراءً وتأجيراً. وفي المقابل فمن الطبيعي أن تتأثر أسعار المنتجات العقارية وقدرتها على التماسك بالمؤشرات المحيطة ذات العلاقة بقطاع النفط وأسواق المال وميزانيات إنفاق الدول.
وفي هذا الصدد يؤكد التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا القابضة على حقيقة مفادها أن ثبات الأسعار واتجاهها نحو الصعود سيكون منحصراً بأسعار الأراضي لدى دول المنطقة والعالم في المرحلة الراهنة. يأتي ذلك في ظل استمرار الطلب على كافة أنواع الأراضي والمواقع لدى دول المنطقة بشكل خاص، على الرغم من التحديات التي تواجهها اقتصاديات المنطقة ومؤشرات تراجع قيم السيولة الاستثمارية الباحثة عن الاستثمار. في الوقت الذي تعتبر فيه الأراضي المكون الأساسي للسوق العقاري، وأن استمرار الطلب على المنتجات العقارية سيدعم بقاء الأسعار مرتفعة وقابلة للارتفاع خلال الفترة القادمة. مع التأكيد على أن الأراضي مازالت تحافظ على مكانتها كملاذ آمن أمام التحديات والأزمات المالية والاقتصادية.
وأشار تقرير المزايا إلى أن قطاع الأراضي في الإمارات حافظ على بريقه خلال الفترة الماضية وحتى اللحظة، فيما بقيت جاذبيته الاستثمارية تتجاوز الاستثمار في تملك العقارات على مستوى العوائد ومعدلات التذبذب التي تتأثر غالباً بمؤشرات العرض والطلب والظروف المحيطة، يأتي ذلك في ظل توقعات بأن تزداد أسعار الأراضي بوتيرة أسرع من ارتفاع أسعار الوحدات السكنية خلال السنوات القادمة، مع الإشارة هنا إلى أن الأسعار لم تصل بعد إلى مستواها المسجل خلال العام 2008، وبغض النظر عن طبيعة تلك الأسعار ومبرراتها ومدى عدالتها واعتمادها على قوى العرض والطلب، الأمر الذي يبقي المجال مفتوحاً أمام المزيد من الارتفاع على الأسعار، والجدير ذكره هنا أنه نظراً لارتفاع قيم الأراضي فان الاستثمار فيها سيظل محصوراً بعدد محدد من المستثمرين، بالإضافة الى دخول شركات التطوير العقاري كأحد المنافسين للاستثمار في الأراضي، حيث يتطلب الاستثمار في الأراضي توفر قيم سيولة كبيرة لا تتوفر لدى الكثير من الأفراد الراغبين في الاستثمار. وتشير البيانات الصادرة عن دائرة الأراضي والأملاك في دبي إلى أن الطلب على الأراضي يفوق الطلب على الشقق والفلل السكنية، الأمر الذي يحمل مؤشرات جيدة على استمرار وتيرة النشاط وتوقع المزيد من المشاريع لدى قطاعات السياحة والتسوق والسكن والعمل.
وتطرق تقرير المزايا إلى الحراك الذي يسجله السوق العقاري القطري خلال السنوات الأخيرة، تبعاً لاستمرار وتيرة نمو القطاع مدعوماً بمشروعات استكمال البنية التحتية، والتي توقع لها أن تصل إلى 200 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة، مع توقعات بحقيق قفزات نوعية خلال العام الحالي على مستوى أحجام المبايعات العقارية سواء كانت الأراضي الفضاء أو العقارات على اختلاف أنواعها وفئاتها، والجدير ذكره هنا أن أسعار الأراضي في قطر قد شهدت ارتفاعات قياسية خلال السنوات القليلة الماضية وذلك كنتيجة مباشرة لارتفاع الطلب أولاً، وتوقعات بارتفاعه أكثر ثانياً، بالإضافة إلى عامل توفر السيولة والدور السلبي الذي يقوم به السماسرة على هذا الصعيد، لتصل نسب الارتفاع خلال فترة قصيرة من الزمن إلى 30%، الأمر الذي من شأنه مضاعفة تكاليف الإنشاء ومن ثم السعر النهائي للمنتجات العقارية والذي حتماً سينعكس على أسعار البيع النهائية وأسعار التأجير، بما ينذر بتكون فقاعة سعرية حادة إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، يضاف إليه القدر الكبير الذي أصبح لملاك الأراضي في التحكم في السوق، يذكر أن مؤشر أسعار الأراضي الفضاء في قطر قد ارتفع بنسبة تجاوزت 270% خلال الفترة بين 2009 العام 2014، لتستحوذ قيمة الأرض على ما يقارب 50% من القيمة الإجمالية للعقار.
وفي السياق ذاته يقول تقرير المزايا أن لقرار فرض الضريبة على الأراضي الفضاء في السوق السعودي تأثيرات على مجمل الحراك وعلى قيم وأحجام المبايعات المنفذة خلال العام الماضي، بالإضافة إلى تأثيره على الأسعار السائدة، والتي يتوقع له أن يدفع هذا القرار أصحاب الأراضي الفضاء لتطويرها أو بيعها للمستثمرين العقاريين، الأمر الذي يحمل معه وفي كلا الحالتين تخفيف الضغوط على الطلب على العقارات وبالتالي انخفاض الأسعار السائدة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أسعار العقارات في السعودية تعتبر من أعقد التحديات التي تواجهها الحكومات المتعاقبة، بالإضافة إلى المعاناة التي يواجهها المواطن والتي لا حدود لها في تملك سكن أو شراء عقار سكني. ويعول على قرار فرض الرسوم على الأراضي تجفيف منابع السيولة التي تمول عمليات المضاربة وتدوير الأموال، وبالتالي إلغاء الكثير من فرص المزايدات على أسعار السوق والتي كانت تتركز تأثيراتها السلبية على أسعار الأراضي المحتكرة من قبل كبار الملاك، فيما تتوقع الأوساط العقارية بأن يؤدي القرار إلى دعم تراجع أسعار الأراضي وتسريع الخلاص من الأزمة العقارية والإسكانية، مع التأكيد هنا على أن النتائج المباشرة للقرار على الأسعار المتداولة مازال طفيفاً وأن السوق يمر في فترة ركود ملموسة، وأن مستويات الأسعار لاتزال مرتفعة جداً مقارنة بمستويات دخل الأفراد ومقارنة أيضاً بقدراتهم الائتمانية.
وأكد تقرير المزايا على أن العوائد التي يجنيها ملالك الأراضي جراء ارتفاع الأسعار تتجاوز نسب العائد الذي يجنيه من خلال تأجير الوحدات السكنية أو الاستثمارية، ويتجاوز أيضاً العائد الخاص ببيع المشاريع العقارية للمستخدم النهائي أو للمستثمرين، وذلك إذا ما تم إضافة نطاقات التذبذب على الأسعار من وقت إلى آخر، بالإضافة إلى تكاليف البناء والتمويل والصيانة وما إلى هنالك من تكاليف مصاحبة، واللافت هنا تزايد الاتجاه نحو الاستثمار في الأراضي كلما تزايدت الضغوط المالية والاقتصادية والدخول في أزمات مالية، ذلك أن أسعار البيع والتأجير تتراجع على العقارات بنسب كبيرة، فيما تبقى أسعار الأراضي متماسكة، وفي أحيان كثيرة تشهد ارتفاعات ملموسة، هذا ويعود سبب تنافس المطورين والملاك على شراء الأراضي لدى السوق العقاري الإماراتي على سبيل المثال، نتيجة لارتفاع نسب العوائد المتوقعة خلال السنوات القادمة والتي تتراوح بين 30% و50%، فيما تتراوح عوائد التأجير بين 10% و20% في أفضل الأحيان وبشكل خاص على القطاع الفندقي والذي يعتبر أفضل من الاستثمار في قطاع العقارات السكنية.
في المقابل فإن الارتفاعات الكبيرة التي سجلتها أسعار الأراضي في قطر مكنت الملاك من تحقيق عوائد تجاوزت 100% خلال فترة قصيرة من الزمن مع التأكيد هنا أن كافة التحديات والأزمات المالية لم تؤثر على تصنيف الأراضي كملاذ آمن للاستثمار، تلاها الاستثمار في العقارات على اختلاف أنواعها.
وشدد تقرير المزايا على أن هناك تبعات استمرار ارتفاع أسعار الأراضي لابد للجهات ذات العلاقة التنبه لها والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها وفي الوقت المناسب، يأتي في مقدمتها ارتفاع أسعار الأراضي وارتفاع حجم وعدد وقيمة المشاريع التي تنفذها حكومات دول المنطقة ومشاريع القطاع الخاص، والذي أدى إلى ارتفاع الطلب على الأراضي، في المقابل فإن البحث عن الملاذات الآمنة لتوظيف السيولة الاستثمارية يرفع أسعار الأراضي كون القطاع يوفر عوائد ثابته على المدى الطويل على الرغم من حالة عدم الاستقرار التي تواجهها اقتصاديات الدول في الوقت الحالي، هذا ويأتي عامل ارتفاع عوائد الاستثمار في القطاع العقاري واستحواذه على حصة كبيرة من النشاط الاقتصادي، يعني منح المستثمرين فرص استثمارية استثنائية ويتيح لهم حماية سيولتهم وتوظيفها لدى أكثر القطاعات ربحية، ويؤكد المزايا على أن ارتفاع أسعار الأراضي له تأثيرات اقتصادية كبيرة ومن شأنها أن تجعل التطوير العقاري غير اقتصادي سواء كان للعقارات المتوسطة أو الفاخرة والتي تتمتع بهامش ربح مرتفع في العادة، ويرفع من تكاليف إنشاء مشروعات جديدة ويؤثر على عائداتها وأرباحها وبالتالي إضعاف المركز التنافسي للمشروعات الجديدة وما إلى ذلك من تأثيرات سلبية على معدلات التضخم السائدة، ذلك أن تكاليف الأراضي هي المسبب الرئيس لتضخم أسعار السوق سواء كانت على البيع أو على التأجير للوحدات العقارية.
وفي الإطار يقول تقرير المزايا أنه وفي سبيل السيطرة على ارتفاع أسعار الأراضي، ترجح المؤشرات قيام عدد من دول المنطقة بفرض ضرائب ثابته على الملاك الذين لا يقومون باستثمار الأراضي خلال فترة زمنية محددة من تاريخ الشراء، الأمر الذي يدفع إلى زيادة العرض من الأراضي ويخفض متوسط الأسعار السائدة تبعاً لذلك، وفي المحصلة يرى المزايا أن ارتفاع أسعار الأراضي مؤشر طبيعي لارتفاع الطلب وارتفاع زخم المشاريع العقارية وان الارتفاع المتواصل وغير المبرر الناتج عن الاحتكار والمضاربة تشكل خطراً على نمو القطاع العقاري وعلى تصنيفه كأحد أفضل الملاذات الآمنة التي توفرها اقتصاديات دول المنطقة وتعتمد عليها في جذب رؤوس الأموال المهاجرة.