تعكس السياسة معاني عديدة في معجم اللغة لكن يبرز منها ارتباطها بإدارة وتسيير شؤون البلاد.
من هذا المنطلق تعتمد غالبية شعوب العالم على مبدأ الشراكة في إدارة شؤون بلدانها بدءاً من رأس الدولة وصولاً لجميع المشتغلين في الخدمات العامة والمناصب الحكومية مهما علت أو صغرت، أما الاقتصاد فهو المحرك الرئيس لشؤون البلاد فمن خلاله يتم تمويل جميع قطاعات البلاد لتظل قادرة على تسيير كافة شؤونها سواء التعليمية أو الصحية أو الخدميّة وغيرها.
لقد عكست مملكة البحرين الشراكة الأبدية بين السياسة والاقتصاد إذ اعتمدت في الماضي على الاقتصاد البسيط من خلال البحر والزراعة وملامح من حياة أهل البادية كمصادر للرزق وتسيير شؤون بلدانها وفقاً لطبيعة الثقافة العربية. كما استطاعت الدولة تسخير النفط كمورد طبيعي منذ اكتشاف النفط في الربع الأول من القرن العشرين في إدارة شؤونها حيث نقلت اقتصاد المجتمع إلى مرحلة الازدهار وأصبح الاستثمار محركاً للعديد من القطاعات كالتعليم والصحة والتجارة وغيرها.
ورغم ما شكله الاقتصاد بطابعه الرأسمالي من نقلة نوعية في نمط حياة المجتمع البحريني استمرت الدولة في لعب دور الرعاية لكل من يعيش على أرضها من مواطنين ومقيمين، وقد اتضح جلياً هذا الأسلوب في إدارة شؤون البلاد حين ضمنت الدولة دعم وتسهيل خدمات كثيرة سواء التعليمية أو الصحية أو الخدميّة عاكسة بذلك نمط ثقافة المجتمعات العربية حيث أسلوب الرعاية الأبوية في مجتمع أساسه الأسرة.
إن الحديث عن نضوب النفط كمورد طبيعي لم يكن وليد اللحظة أو هذه الفترة بل كان حديثاً قديماً يشي بتغيّر نمط اقتصادنا في القرن الحادي والعشرين. لكن المميز في الأمر أنه لم يكن سوى حديثاً عابراً فإن صاحبته دراسات اقتصادية فهي قليلة كما إن الخطاب الإعلامي التثقيفي والتوعوي بمستقبل اقتصادنا ظل بعيداً عن تناول مرحلة اقتصاد ما بعد النفط.
أن ما يشهده مجتمعنا من تجاذبات سياسية واقتصادية نتيجة الخطوات التي قامت بها الدولة بإعادة توجيه الدعم المقدم للعديد من الخدمات نتيجة لتراجع أسعار النفط العالمية يؤكد أن الحديث عن نضوب النفط كان مجرد حديثاً عابراً لم يستعد له المجتمع، هذا وتبرز ملامح هذه التجاذبات في تفاصيل جلسات السلطة التشريعية وخاصة مجلس النواب بل إن الحديث بات الشغل الشاغل للجميع من مواطنين وحتى مقيمين في لقاءاتهم وصولاً لمواقع التواصل الاجتماعي وهي المجال الإعلامي البارز لسرعة تداول المعلومات والأخبار بل والشائعات أيضاً.
من هنا نؤكد أن الشراك كانت أبدية بين السياسة والاقتصاد في إدارة شؤون البلاد فإن للإعلام أيضاً موقعاً بين هذه الشراكة فهو الذي يعكس صوت المجتمع وهو المؤثر الفاعل في الوعي وجانباً من التكوين الثقافي لأفراد المجتمع.
إن الحاجة باتت ماسة لتطوير الخطاب الإعلامي بشتى مجالاته مع التركيز على الإعلام والاقتصاد بكافة تفاصيل هذه العلاقة.
جاسم التميمي