عواصم - (وكالات): اتفقت القوى الكبرى أمس في ميونيخ جنوب ألمانيا على خطة طموحة لوقف المعارك في الحرب الدائرة في سوريا خلال أسبوع وتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية، وذلك في ختام 5 ساعات من مفاوضات تهدف إلى إحياء عملية السلام المتعثرة، بينما توقع وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر أن ترسل السعودية والإمارات قوات خاصة إلى سوريا لمساعدة مقاتلي المعارضة في معركتهم ضد تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي لاستعادة مدينة الرقة شمال سوريا، فيما قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إنه «لا يمكن هزيمة «داعش» إلا إذا أزيح الرئيس بشار الأسد عن السلطة» مضيفاً أن «هذا الهدف سوف يتحقق في نهاية المطاف». من جهته، قال مدير المخابرات المركزية الأمريكية جون برينان أن «داعش» استخدم عدة مرات في ساحة المعارك أسلحة كيميائية ويمكنه صنع كميات صغيرة من الكلورين وغاز الخردل. من جانبه، أكد الأسد تصميمه على استعادة السيطرة على كافة الأراضي السورية محذراً في الوقت نفسه من أن ذلك سيتطلب وقتاً طويلاً. وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بعد محادثات مطولة شارك في رعايتها مع نظيره الروسي سيرغي لافروف إن الدول الـ 17 المشاركة اتفقت على «وقف للمعارك في جميع أنحاء البلاد في غضون أسبوع».
كما اتفقت المجموعة الدولية لدعم سوريا على «بدء تسريع وتوسيع ايصال المساعدات الإنسانية فوراً». وقال كيري إن ذلك «سيبدأ هذا الأسبوع أولاً إلى المناطق الأكثر احتياجاً (...) ثم إلى الذين يحتاجون إليها في البلاد وخصوصاً في المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها».
وأشار إلى أن المساعدات ستشمل سلسلة من المدن المحاصرة منها دير الزور شرقاً حيث يطوق مسلحون متطرفون قوات الأسد.
وتابع أن الأولوية ستكون أيصاً لإيصال المساعدة الإنسانية «إلى الفوعة وكفريا والمناطق المحاصرة في ريف دمشق مضايا والمعضمية وكفر بطنا».
وأضاف أن «وصول المساعدات الإنسانية إلى هذه المناطق حيث الحاجة إليها أشد إلحاحاً، يجب أن يشكل خطوة أولى في اتجاه وصول المساعدة بلا عراقيل إلى كافة أنحاء البلاد». وكانت مفاوضات السلام انهارت هذا الشهر بعد بدء هجوم لقوات النظام السوري مدعوم بالطيران الروسي في حلب شمال البلاد. وأجبرت عمليات القصف 50 ألف شخص على الفرار وسمحت بتطويق المعارضة وادت الى مقتل 500 شخص حسب التقديرات، منذ أن بدأت في الأول من فبراير الحالي. وقال كيري إن المفاوضات بين المعارضة والنظام ستستأنف في أسرع وقت ممكن، لكنه حذر من ان «ما لدينا الآن هو حبر على ورق ونحتاج لأن نرى في الأيام المقبلة أفعالاً على الأرض». وعبر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير الذي يستضيف المؤتمر عن الرأي نفسه. وقال «سنرى في الأيام القليلة القادمة ما إذا كان هذا اختراقاً فعلاً (...) عندما يرى العالم أن اتفاقات اليوم قائمة وتنفذ من قبل نظام الأسد والمعارضة السورية و»حزب الله» ومسلحي المعارضة وكذلك من قبل روسيا». وساد بعض التوتر في المفاوضات التي حذر رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف خلالها من «حرب عالمية جديدة» إذا أرسلت الدول الخليجية قوات لدعم مسلحي المعارضة السورية. لكن مجموعة العمل خرجت بوثيقة تعكس مستوى مفاجئاً من التعاون بين الأطراف الأساسيين على الرغم من التوتر الذي تثيره حملة القصف الروسية.
ودعا لافروف إلى «اتصالات مباشرة بين العسكريين الروس والأمريكيين» في سوريا. وأكد أن المفاوضات حول انتقال سياسي «يجب أن تبدأ في أسرع وقت ممكن بدون إنذارات او شروط مسبقة». من جهته، صرح كيري أن «وقف الأعمال العدائية»، العبارة التي اختيرت عمداً بدلاً من وقف كامل لإطلاق النار، ينطبق على كل المجموعات باستثناء «المنظمات الإرهابية» مثل تنظيم الدولة «داعش» وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وقال كيري إن مجموعة عمل خاصة للأمم المتحدة تترأسها روسيا والولايات المتحدة ستعمل في الأسابيع المقبلة على «وضع طرق وقف طول الأمد وشامل ودائم لأعمال العنف».
وستشرف مجموعة أخرى على تسليم المساعدات بما في ذلك الضغط على سوريا لفتح الطرق بينما لم تتم الموافقة سوى على 10 طلبات من أصل 116 تقدمت بها الأمم المتحدة. وقال كيري إن «مجموعة العمل هذه ستجتمع في جنيف اليوم. وأضاف أنها «ستقدم تقريراً أسبوعياً حول التقدم أو النقص للتأكد من أن إيصال المساعدات بشكل مستمر وفي الوقت المحدد والموافقة عليها يسير قدما».
لكن روسيا والولايات المتحدة بقيتا على خلاف حول عدد من القضايا وخصوصاً مصير الأسد.
من جانبه، أكد عضو الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية جورج صبرا أن الفصائل المقاتلة هي التي ستتخذ القرار النهائي بشأن اتفاق القوى الكبرى في ميونيخ على وقف الأعمال العدائية في سوريا. من جهتها، رحبت تركيا باتفاق القوى الكبرى معتبرة أنه يشكل «خطوة مهمة» على طريق تسوية سياسية للنزاع في هذا البلد. من جهته، أبدى الأسد استعداده للتفاوض مع معارضيه لكن مع «مكافحة الإرهاب» في آن، معتبراً أن هذين المسارين منفصلان، كما دعا الحكومات الأوروبية الى تهيئة الظروف التي تسمح بعودة السوريين الى بلادهم بعد تدفق مئات الالاف منهم الى اوروبا. وقال الاسد ردا على سؤال حول قدرته على استعادة الاراضي السورية كافة، «سواء كان لدينا استطاعة أو لم يكن، فهذا هدف سنعمل عليه من دون تردّد»، موضحاً أنه «من غير المنطقي أن نقول إن هناك جزءاً سنتخلى عنه».
من جهته، أعلن نائب رئيس الوزراء التركي يالتشين أكدوغان أن نحو 100 ألف مدني موجودون حالياً في المخيمات التي أقيمت في سوريا قرب الحدود التركية، بمن فيهم الـ35 ألفاً والذين فروا من المعارك الجارية في محيط مدينة حلب. وألمح أكدوغان إلى تباطؤ حركة تدفق اللاجئين إلى الحدود منذ بضعة أيام قائلاً «في هذه اللحظة الراهنة، ليس هناك تجمعات على الحدود ولا حشود غفيرة من الأشخاص الذين يحاولون عبور الحدود».
وأعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 51 ألف مدني نزحوا منذ بدء الهجوم الذي أطلقه النظام السوري بداية الشهر الحالي بدعم من الطيران الروسي على فصائل المعارضة في محافظة حلب. وتوجه 35 ألفاً منهم معظمهم من الأطفال والنساء نحو الشمال، على أمل الدخول إلى تركيا عبر مركز أونجو بينار الحدودي. وكان حوالي 70 ألف نازح آخر مقيمين في منطقة شمال حلب. ورفضت السلطات التركية التي تستضيف أساساً 2.7 مليون سوري على أرضها، السماح لهم بالدخول ونظمت بدعم من منظمات تركية ودولية غير حكومية إقامتهم في الجانب السوري.
وسمح لمجموعة من الجرحى فقط بالعبور إلى تركيا.
وهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أوروبا بإرسال مئات آلاف اللاجئين إليها إذا لم يحصل على مزيد من المساعدة.