عواصم - (وكالات): وسط محاولات مقاتلي تنظيم الدولة «داعش» صد هجوم للجيش العراقي على مدينة الفلوجة غرب العراق، اشتدت حاجة سكان المدينة للغذاء والماء ما دفعهم للهرب لتعتقل السلطات المئات للاشتباه في تأييدهم للمتطرفين الذين يفرون منهم. وبعد أسبوع من إعلان بغداد بدء الهجوم على الفلوجة تقدمت قواتها داخل حدود المدينة للمرة الأولى الاثنين الماضي وتدفقت على المناطق الزراعية على الأطراف الجنوبية للمدينة لكنها توقفت قبل الوصول إلى الكتلة السكنية الرئيسة.
وبحلول أمس الأول، دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى توقف الهجوم بسبب مخاوف على سلامة عشرات الآلاف من الناس الذين يعتقد أنهم مازالوا محاصرين في المدينة.
وقال سكان فروا من الفلوجة قبل هجوم الجيش ولجأوا إلى مدرسة قروية قريبة إنهم سعداء بهروبهم من مقاتلي «داعش» لكنهم يخشون على مئات الرجال والصبية الذين احتجزهم الجيش.
وقال مهدي فياض «54 عاماً» مستخدماً اسماً شائعاً لتنظيم الدولة «لا تعاملونا وكأننا «داعش».
وقال فياض الذي بترت ساقه لإصابته بداء السكري في ظل حكم التنظيم المتطرف بسبب نقص الأدوية إنه هرب من المدينة مع 11 من أفراد أسرته بعد بدء الهجوم.
وساعده أقاربه في السير على عكازين. لكن ما إن وصلت المجموعة إلى خطوط الجيش حتى تم فصل الرجال الآخرين عن الباقين واحتجزوا. وأصبح فياض بلا حول ولا قوة ولم يعد هناك من يساعده على المشي.
وقال فياض وهو يقف بمساعدة عكازين باليين وضعهما تحت إبطيه «أنا فقدت ساقاً، وأطلب من أهل الخير ألا يعاملوننا مثلما عاملنا «داعش»».
وتقول الحكومة إنها لا تملك خياراً سوى فحص حالات الرجال والصبية الفارين لمنع مقاتلي التنظيم من التسلل بين صفوف المدنيين وإنها تستكمل إجراءات الفحص بأسرع ما يمكن وبأقصى رعاية ممكنة للمحتجزين في ساحة المعركة.
وقالت الأمم المتحدة إن السلطات تحتجز نحو 500 رجل وصبي فوق سن 12 عاماً من الفلوجة في عملية فحص تستغرق ما يصل إلى 7 أيام. وأضافت أنه تم إطلاق سراح 30 منهم الاثنين الماضي.
ومن المعروف أن الأوضاع سيئة في مراكز الاحتجاز بمحافظة الأنبار. والشهر الماضي قالت منظمة العفو الدولية إن صبية في سن الخامسة عشرة محتجزون في ظروف غير إنسانية ومهينة.
وقال فياض إنه يأمل الإفراج عن أقاربه المحتجزين بسرعة حتى يمكنهم جميعاً مغادرة المدرسة التي تؤويهم في قرية الكرمة الواقعة إلى الشرق من الفلوجة. وتستخدم السلطات المدرسة في إيواء 1500 لاجئ.
وأضاف «أرجو أن يعجل القادة الأمنيون بالفحص الأمني لأقاربي حتى يمكننا الانتقال لمناطق أخرى فيها خدمات وألا نبقى هنا مكدسين مع قليل من الطعام والدواء». والفلوجة التي شهدت فيها القوات الأمريكية أكبر معاركها عقب غزو العراق عام 2003 هي أقرب معاقل «داعش» لبغداد ومن المعتقد أنها قاعدة لحملة التفجيرات الانتحارية في العاصمة التي لا تبعد عنها سوى أقل من ساعة بالسيارة.
وهي أيضا أول مدينة عراقية رفع عليها «داعش» علمه في 2014 قبل أن يجتاح معظم المناطق السنية من البلاد في الشهور التالية.
وتواجه حكومة بغداد مهمة مزدوجة تتمثل في طرد المتطرفين وفي الوقت نفسه استمالة سكان المدينة وغالبيتهم الساحقة من السنة. واكثر ما يثير مخاوف السنة مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية في معارك الفلوجة وارتكابها جرائم ضد الإنسانية بحق السنة في المدينة.
وقالت فصائل شيعية تعاون الجيش في هجومه إنها لن تشارك سوى في تطويق المدينة لتفادي نشر التوترات الطائفية.
وبدأت القوات الحكومية وحلفاؤها حصار المدينة قبل 6 أشهر وتدهور الوضع الإنساني في المدينة منذ ذلك الحين. والآن بعد أن بدأت هذه القوات محاولة استرداد المدينة حذرت الأمم المتحدة من أن عشرات الآلاف المحاصرين داخلها ينقصهم الغذاء ومياه الشرب والأدوية.
وتقول الأمم المتحدة إن المتشددين يستغلون المدنيين كدروع بشرية مثلما حدث في مواقع أخرى من العراق، موضحة ان 20 ألف طفل محاصرين داخل المدينة يواجهون مخاطر التجنيد الإجباري أو الانفصال عن أسرهم.
وفي ملجأ قرية الكرمة قال بعض السكان الهاربين إن المتشددين فصلوهم إجبارياً عن أقاربهم.
ومن المحتمل أن يحدد هجوم الفلوجة مصير رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي تشهد حكومته اضطرابات منذ أشهر لاستمرار جمود الوضع السياسي. وقد وعد العبادي مراراً أن المدنيين لن يمسهم سوء.
أما مصير من أخذهم «داعش» فأكثر غموضاً من مصير من احتجزتهم السلطات.