كد القادة العرب، مساء الاثنين، في ختام إعلان قمة نواكشوط بموريتانيا، الذي ناقشه وزراء الخارجية العرب، الالتزام بتطوير آليات مكافحة الإرهاب أيا كانت صوره، وتعزيز الأمن والسلم العربيين، ودرء ثقافة التطرف والغلو ودعايات الفتنة وإثارة الكراهية.
وناقشت القمة العربية الـ27، التي شارك فيها 7 أمراء ورؤساء الدول العربية، عدداً من الأزمات وقضايا النزاع في المنطقة، خاصة في اليمن وسوريا والعراق وليبيا، وبحثت خططاً ومبادرات لتعزيز التعاون العربي.
وشدد إعلان نواكشوط على مركزية القضية الفلسطينية، وحث على تكريس الجهود للتوصل لحل شامل وعادل ودائم يستند إلى مبادرة السلام العربية.
وأبدى ترحيب القادة العرب بالمبادرة الفرنسية الداعية إلى عقد مؤتمر دولي للسلام قبل نهاية العام الجاري يمهد له بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية لتحقيق حلم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، كاملة السيادة على مجالها الجوي ومياهها الإقليمية وحدودها الدولية وفق إطار زمني.
ودعا البيان الأطراف في ليبيا إلى السعي الحثيث لاستكمال بناء الدولة من جديد والتصدي للجماعات الإرهابية، وناشد الفرقاء في اليمن تغليب منطق الحوار والعمل على الخروج من مسار الكويت بنتائج إيجابية تعيد لليمن أمنه واستقراره ووحدة أراضيه في أقرب وقت.
وأعرب عن الأمل في أن يتوصل السوريون إلى حل سياسي يعتمد على الحفاظ على وحدة سوريا ويصون استقلالها، ويؤكد دعم العراق في الحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه ومساندته في مواجهته للجماعات الإرهابية وتحرير أراضيه من تنظيم داعش الإرهابي.
ورحب إعلان نواكشوط بالتقدم المحرز على صعيد المصالحة الوطنية الصومالية، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، كما شدد على تضامن القادة العرب مع جمهورية السودان في جهودها لتعزيز السلام والتنمية في ربوعها وصون سيادتها الوطنية والترحيب بعملية الحوار الوطني الجارية والجهود المتصلة بتفعيل مبادرة السودان الخاصة بالأمن الغذائي العربي كأحد ركائز الأمن القومي العربي.
وأعلن القادة العرب دعمهم لجهود الإغاثة الإنسانية العربية والدولية الرامية إلى تقديم المساعدات العاجلة للمتضررين من الحروب والنزاعات من لاجئين ومهجرين ونازحين، ولتطوير آليات العمل الإنساني والإغاثي العربي، واستحداث الآليات اللازمة داخل المنظومة العربية لتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة ومساعدة المتضررين والدول المضيفة لهم.
وجدد القادة العرب الدعوة إلى إلزام إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة منع الانتشار النووي، وإخضاع منشآتها وبرامجها النووية للرقابة الدولية، ونظام الضمانات الشاملة، وتأكيد ضرورة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. والقمة هي الأولى التي تستضيفها موريتانيا منذ تأسيس الجامعة عام 1945.
وفيما تخوف البعض من انعقاد القمة في موريتانيا لدواع أمنية ولوجيستية، حاولت سلطات البلاد جاهدة بذل كل ما في وسعها لتأمين أعمال القمة التي تريد لها أن تكون ناجحة على صعيد التنظيم على الأقل.
وتجدر الإشارة إلى أن جامعة الدول العربية أعلنت في فبراير الماضي، نقل اجتماعات القمة إلى موريتانيا، بعد اعتذار المغرب عن عدم استضافة الاجتماعات التي كانت مقررة في أبريل الماضي.
وكان الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبدالعزيز، افتتح جلسات عمل الدورة الـ27 من قمة الدول العربية المنعقدة في نواكشوط، التي تأخرت انطلاقتها بسبب انتظار وصول أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، الذي استقبله الوزير الأول الموريتاني يحيى ولد حدمين.
وذكر الرئيس الموريتاني لدى افتتاحه القمة أن الإرهاب أحد التحديات التي تواجه العرب، وأن المنطقة ستبقى في حالة عدم استقرار ما لم تحل القضية الفلسطينية.
وتسلم الرئيس الموريتاني الرئاسة الدورية لقمة جامعة الدول العربية من ممثل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء المصري، الذي ألقى خطاب السيسي في القمة.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط: "سأحرص على الحيادية خلال عملي كأمين عام للجامعة"، مؤكدا أن "الجامعة العربية بحاجة إلى التطوير العاجل لمواجهة التحديات".
وتعهد الأمين العام الجديد للجامعة العربية بـ"إعلاء دور الجامعة خلال المرحلة المقبلة"، مشيرا إلى أن "القضية الفلسطينية ستبقى في صدر أولويات العمل العربي".
من جانبه، قال الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، إننا نجدد دعمنا للجهود الأممية للتوصل إلى حل سلمي للنزاع السوري.
وأكد دعم بلاده للشرعية في اليمن برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي.
وأشار إلى أن ادعاءات المحكمة الجنائية الدولية بشأن السودان لا علاقة لها بالعدالة، مؤكدا أن المنطقة تمر بظروف خطيرة، و"نأمل بتجنب الانزلاق إلى مزيد من الانقسام".
ومن جهته، ثمن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي موقف العرب المساند للشعب اليمني والشرعية، وذكر أن الحوثيين وصالح بدعم من إيران واصلوا الانقلاب على الشرعية والشعب، مؤكدا في الوقت ذاته أن الشعب اليمني لايزال يقاوم الميليشيات الطائفية.
وقال هادي إن المشروع الصفوي يريد تقويض اليمن بهويته العربية، مشيرا إلى أنه مضت أشهر على التفاوض، لكن الحوثيين وصالح يواصلون المماطلة.
وجدد الرئيس اليمني المطالبة بضرورة فك الحصار، وإدخال المساعدات إلى المدنيين اليمنيين، محذرا من تفتت اليمن وانزلاقه بسبب الانقلاب إلى المشروع الإيراني، كما دعا إلى تطبيق القرار 2216 الذي ينص على انسحاب الانقلابيين وتسليم السلاح.
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إن الأمم المتحدة "لا تزال منخرطة بفعالية في الجهود المبذولة في دولة الكويت من أجل وقف القتال نهائيا وإتاحة استئناف عملية الانتقال السياسي السلمي".
وأضاف ولد الشيخ أحمد في كلمة نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة أمام مؤتمر القمة العربية، أن "الحوار هو السبيل العملي الوحيد لإحلال السلام في البلدان التي مزقها الحروب الطويلة الأمد".
وأعرب ولد الشيخ أحمد عن تقديره لجهود الدول الأعضاء في جامعة الدولة العربية الداعمة لجهود الأمم المتحدة في مساعيها لحل النزاعات في المنطقة العربية.
واقترح رئيس وزراء لبنان إنشاء هيئة عربية لإقامة مناطق للاجئين السوريين داخل بلادهم، مشيرا إلى أن بلاده ليس وطن لجوء دائم.
أما رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج فقد أبدى ترحيبه بالمبادرات الساعية لإنهاء أزمة ليبيا السياسية، لافتا إلى أن الجيش الليبي يواجه داعش رغم ضعف الإمكانيات، مؤكدا في السياق ذاته رفضه لأي تدخل خارجي ينتهك السيادة الليبية دون الاتفاق مع حكومة بلاده.
وبعد انتهاء الجلسة الأولى يعقد القادة والرؤساء، جلسة العمل الثانية المغلقة لاعتماد جدول الأعمال، فجلسة العمل الثالثة المغلقة أيضا، وانتهت أعمال القمة بالجلسة الختامية المفتوحة ثم قراءة "إعلان نواكشوط" الصادر عن أشغال القمة.
وتم ختصار قمة نواكشوط في يوم واحد، واختتمت بمؤتمر صحافي لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني إسلك ولد أحمد إزيد بيه، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.