أكد صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء أن التنمية المستدامة تمثل سياجاً من شأنه أن يعزز قدرات الدول والشعوب في مواجهة مختلف التحديات وفي مقدمتها الإرهاب الذي يجد في الفقر بيئته الخصبة للانتشار، وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي مضاعفة الجهود لتحسين الظروف المعيشية للشعوب وابتكار الحلول التي تساعدها في توجيه طاقاتها نحو العمل والإنتاج.
وفي احتفال كبير بمقر الأمم المتحدة في نيويورك أمس الأول تم منح جائزة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة للتنمية المستدامة إلى «آنا تيباجوكا « الوزير السابق للأراضي والإسكان والتجمعات البشرية بجمهورية تنزانيا والوكيل السابق للأمين العام للأمم المتحدة، والمدير التنفيذي السابق لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «الموئل».
وبهذه المناسبة، هنأ صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء آنا تيباجوكا على نيلها جائزة سموه للتنمية المستدامة، تقديرا لإسهاماتها الكبيرة من خلال المناصب التي تولتها في دعم جهود التنمية المستدامة في العديد من دول العالم.
وأكد سموه أن «آنا تيباجوكا» شخصية دولية جديرة بالاحترام والتقدير نظير الجهود التي بذلتها لتعزيز أطر التعاون الدولي التي تخدم أهداف التنمية الحضرية والمستدامة، وبصماتها الواضحة من أجل ترسيخ أسس عمل جماعي مشترك يحقق هذه الأهداف الإنسانية النبيلة.
وأعرب سموه عن تقديره للسيدة «آنا تيباجوكا» على ما أبدته من تعاون مستمر وبناء أسهم في تطوير علاقة مملكة البحرين مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «الموئل» وأثمر عن تحقيق العديد من الإنجازات المتميزة في البحرين على صعيد التنمية بمختلف أبعادها.
وأشار سموه إلى أن الجائزة ركزت على مساندة المبادرات الفردية والجماعية على صعيد التنمية المستدامة لاسيما في الدول النامية، ونالتها مشرعات متميزة من بوركينا فاسو والبرازيل التي استطاعت تحقيق أفضل الممارسات.
وعبر سموه عن سعادته بأن الجائزة التي أطلقها في مجال التنمية المستدامة استطاعت أن تحقق أهدافها في دعم جهود الأفراد والمؤسسات وتحفيزهم على مزيد من ابتكار الحلول لهذه المشروعات.
وأشار سموه إلى أن البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى قطعت أشواطاً كبيرة وهامة في طريق تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، مضيفاً سموه إلى أن ذلك يتم من خلال رؤية متكاملة للتنمية تهتم بمختلف المجالات الإسكانية والتعليمية والصحية وغيرها بُغية الوصول إلى أعلى مستويات الرفاهية للمواطنين، معتبراً سموه ذلك أولوية قصوى.
ونوه سموه إلى حرص البحرين على مواصلة العمل في تنفيذ خطط وبرامج التنمية المستدامة، وبالشكل الذي يضمن تحقيق الأهداف السبعة عشرة لخطة التنمية المستدامة 2030 التي أقرتها الأمم المتحدة، وذلك ارتكازاً على ما أحرزته من نجاحات في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بشهادة المنظمات الإقليمية والدولية ذات الاختصاص.
وأكد سموه اهتمام البحرين بتوطيد مجالات الشراكة والتعاون مع كافة المنظمات والهيئات الدولية ذات الصلة بالتنمية المستدامة، إيماناً منها بأهمية مثل هذا التعاون في تحقيق الأمن والاستقرار العالمين وتلبية تطلعات الشعوب في النماء والازدهار.
كما أكد سموه أن الصراعات التي يمر بها العالم، وانعدام الأمن في كثير من الدول أدى إلى إزهاق كثير من الأرواح وتعريض كثير من المناطق للدمار والخراب، مما أضطر معه مئات الآلاف من المدنيين إلى الفرار من منازلهم، الأمر الذي رافقه حاجة ماسة إلى تقديم المساعدات الإنسانية بشكل عاجل.
ودعا سموه المجتمع الدولي إلى اتخاذ التدابير اللازمة لإصلاح ما دمرته الحروب وتخفيف وطأة المآسي التي يعانيها المدنيون الأبرياء.
وقال سموه إن على العالم أن ينظر اليوم بصورة جديدة إلى مستقبل هذه الشعوب ليعيش مستقبلا تتجاوز فيه ما تعرضت له من محن ونكبات، فهي تحتاج إلى إنعاش اقتصادي وتنموي لكي تنهض من جديد.
وأضاف سموه أن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسئولياته في مواجهة هذه الأوضاع المأساوية التي تواجه أمن الإنسان في الدفاع عن السلام والأمن، وأن يهتم الجميع بمساعدة هذه البلدان لتمكينها من العودة إلى وضعها الطبيعي والانتعاش الاقتصادي والعمراني والتنموي. وطالب سموه المجتمع الدولي بأن يتحمل بشجاعة مسؤولياته في التصدي لمسببات الحروب والصراعات، من أجل عالم أكثر أمناً وازدهاراً تنعم فيه الشعوب بخيرات التنمية المستدامة.
وشارك في الاحتفال الذي نظمته البحرين بالتزامن مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة كل من: بيتر تومبسون رئيس الدورة الحالية للجمعية العامة، وأحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، ود.عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهيلن كلارك مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصاحبة السمو الملكي الاميرة بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود، بحضور حشد كبير من الوزراء والدبلوماسيين وممثلين عن الدول العربية والأجنبية المعتمدين لدى الأمم المتحدة، إضافة إلى كبار المسؤولين بالمنظمة الدولية ولفيف من رجال الصحافة والإعلام.
وفي بداية الاحتفال، ألقى الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية، كلمة رحب فيها بالحضور، معرباً عن خالص اعتزاز شعب البحرين بالقيادة الحكيمة والتزام الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، مؤكداً أن حكومة البحرين تمكنت من إنجاز الأهداف الإنمائية للألفية ومهدت الطريق لتنفيذ فعال لأهداف التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن جائزة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة للتنمية المستدامة، تعكس تقديره سموه للجهود المبذولة من قبل الأفراد والمنظمات والمؤسسات في مجال التنمية، والحرص على تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات والتجارب بين مختلف الدول.
ولفت إلى أن البحرين صنفت في مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية بتحقيق معدلات مرتفعة جداً على صعيد التنمية البشرية.
ونوه الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة بالسجل الحافل وبالإسهامات الكبيرة لـ«آنا تيباجوكا» في تعزيز التعاون الدولي في التنمية الحضرية المستدامة، وجهودها الدؤوبة خلال توليها منصب الرئيس التنفيذي لموئل الأمم المتحدة، على مدى عشر سنوات، من أجل تحسين أوضاع الفقراء في المناطق الحضرية في العالم.
من جانبه اعرب رئيس الجمعية العامة في دورتها الحادية والسبعين بيتر تومبسون سفير جمهورية فيجي لدى الأمم المتحدة في كلمة له في الاحتفال عن تهانيه لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء إزاء مبادرة سموه الابداعية في إنشاء جائزة للتنمية المستدامة في هذا الوقت الذي تعمل فيه دول العالم على تضمين أهداف التنمية المستدامة في خططها الوطنية، كما أعرب عن سعادته للمشاركة في هذا الاحتفال الهام.
ولفت إلى أن أهمية الجائزة التي تعمل على رفع مستوى الوعي في أهمية التنمية المستدامة، معرباً عن تهانيه للسيدة آنا تيباجوكا لنيلها هذه الجائزة الرفيعة، داعياً إلى مساهمتها المستقبلية وتوظيف خبراتها في المساهمة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.
بعدها، ألقى وزير الإسكان باسم الحمر كلمة أكد فيها أن جائزة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة للتنمية المستدامة تمنحنا فرصة للتأمل والتفكير، لكي نضع أولئك الذين يجسدون المثل العليا والمبادئ لسكن لائق ومتحضر ومستدام في دائرة الضوء، كما أنه يتيح لنا أن نؤكد من جديد أن التقدم ليس مرغوبا فقط ولكن الأهم من ذلك أنه ممكن.
وأضاف أن صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء وضع منذ بدايات تحمل سموه مسؤولية رئاسة الوزراء خطة واضحة لدولة حديثة متطورة تقنياً مع اقتصاد نابض بالحياة والمستقبل المستدام، وتقديراً لهذه الإنجازات حصل سموه على العديد من الجوائز منها على سبيل المثال وليس الحصر جائزة الشرف للإنجاز المتميز عام 2007، وجائزة الأهداف الإنمائية للألفية عام 2010، جائزة اليونسكو لتعزيز التعليم، جائزة الاتحاد الدولي للاتصالات لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات جائزة «ابن سينا» من اليونسكو.
وأشار إلى أن البحرين قطعت خطوات كبيرة في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة، وأسهمت هذه الإنجازات بشكل إيجابي في تحقيق رفاهية المواطنين في مجالات الصحة والتعليم وغيرها، ولذلك فقد تم تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية وتجاوزها في عدد كبير من مناطق البحرين.
ونوه إلى أن برنامج عمل الحكومة (2015 - 2018) يجسد تركيز الحكومة على الأولويات الاستراتيجية في مملكة البحرين وتحقيق تحولات مستدامة، فالبرنامج يقوم على مبادئ الاستدامة والشفافية والعدالة والتنافسية ويعكس مجالات اهتمام كل من خطة عمل الحكومة والأهداف الإنمائية للألفية وأهداف التنمية المستدامة ولذلك فإن البرنامج يستثمر موارد ومقدرات البحرين في تلبية احتياجات جميع المواطنين.
وأوضح أن البحرين تمكنت من توفير المساكن بأسعار معقولة للمواطنين وهو إنجاز لم يحققه سوى عدد قليل من البلدان في العالم، حيث أنجزت البحرين عدداً كبيرا من الخدمات الإسكانية للمواطنين لاسيما لشريحة ذوي الدخل المنخفض، مبيناً أن الحكومة أنفقت حتى الآن 3.1 مليار دينار لتمويل بناء وتوفير أكثر من 109 ألف وحدة من المشاريع الإسكانية على مدى السنوات الأربعين الماضية.
بعدها، ونيابة عن صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، قام الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وبمشاركة كل من وزير الإسكان والشيخ حسام بن عيسى آل خليفة بتقديم جائزة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء للتنمية المستدامة إلى السيدة «آنا تيباجوكا»، متمنين لها دوام التوفيق والنجاح.
ثم ألقت «آنا تيباجوكا» كلمة أعربت فيها عن شكرها وتقديرها لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء على منحها الجائزة، قائلة: «إنني أشكر بعمق صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، وأتقبل بامتنان بالغ هذه الجائزة نيابة عن جميع الذين عملوا معي من أجل تحقيق هذا الإنجاز»، مؤكدة أن التنمية المستدامة ستتحقق على أيدي قادة ملتزمين بجدول الأعمال العالمي للتنمية المستدامة مثل صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء.
وشددت على أن التضامن الإنساني والصداقة أمران ضروريان على جميع المستويات وفي جميع البلدان إذا أردنا الحصول على السلام والرخاء، مشيرة إلى أن فكرة الجائزة تنطلق من كونها رمزا للالتزام بتحقيق وتنفيذ الأهداف التي حددها المجتمع الدولي لنفسه، فضلا عن الجائزة تثير في النفوس وضوح وجدية جدول الأعمال المطروح بخصوص التنمية المستدامة.
وقالت إنه رغم أن التحديات ضخمة، إلا أنها ليست بأي حال من الأحوال عصية على إمكانية التغلب عليها في ضوء وجود قيادة ملتزمة ذات رؤية وشعب مثل شعب مملكة البحرين»، وتابعت:» هناك العديد من التحديات التي لاتزال ماثلة أمامنا، وسوف تكون هذه الجائزة بمثابة حافز يعيد إنعاش الجهود من أجل مواصلة العمل».
وبهذه المناسبة، نقل الشيخ حسام بن عيسى آل خليفة تحيات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وتهاني سموه للسيدة «آنا تيباجوكا» لنيلها هذه الجائزة، تقديراً لإنجازاتها أثناء توليها مسؤولياتها بالأمم المتحدة ودفع جهود تحقيق التنمية المستدامة في مختلف دول العالم، وفي بلادها كوزيرة ونائبة برلمانية وإسهاماتها الكبيرة على الصعيد التنموي. وقال الشيخ حسام بن عيسى: «إن صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء يؤمن بشدة أن مسؤولية القائد هي ضمان الأمن والاستقرار ومراعاة مصالح البلاد والمواطنين، وأن سموه كرس حياته لهذه القضية النبيلة وهو ما كان محل تقدير إقليمي ودولي كبيرين».
وأضاف: «نحن تعلمنا ونتعلم كل يوم من سموه المعنى الحقيقي للعمل القيادي، فهو القائد الحكيم الذي سخر نفسه وحياته للحفاظ على البحرين وتماسك شعبها، ومن هذا المنطلق انشأ سموه جائزة باسمه لدعم وتقدير كل من يعمل على خدمة وطنه».
وتابع الحضور فيلماً وثائقياً يبين إنجازات البحرين على الصعيد التنموي واستعراض الجوائز الدولية التي نالها صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء من قبل الأمم المتحدة وغيرها من لمنظمات الدولية، إضافة إلى نشاطاته سموه وجهوده لأجل رفعة وازدهار المملكة.
وعلى هامش الاحتفال، تم تنظيم معرض صور وتوزيع كتاب عن إنجازات التي حققتها البحرين والمرحلة المتقدمة التي وصلت إليها البحرين وما حققته من تطور هام وكبير في ظل عملية التطوير والتحديث التي تعيشها.