اكتشف فريق علماء دولي تشرف عليه استراليا والصين نحو 1500 فيروس جديد.


وبحسب البي بي سي فإن العلماء كانوا يبحثون عن أدلة وجود عدوى فيروسية في مجموعة الحيوانات التي يطلق عليها اللافقاريات، والتي تضم الحشرات والعناكب.

ولم تسهم الدراسة في توسيع نطاق قائمة الفيروسات المعروفة فحسب، بل أشارت كذلك إلى أن هذه الفيروسات موجودة منذ مليارات السنين.

ونشرت دورية "نيتشر" المعنية بشؤون الطبيعة نتائج الدراسة.

وكان الفريق الدولي حريصا على دراسة اللافقاريات بحثا عن أنواع جديدة من الفيروسات.

ويرغب العلماء في التعرف على مجمل "حياة" الفيروسات، على الرغم من أن الكثير من علماء الفيروسات يقولون إن الفيروسات ليست حية في واقع الأمر، وبدأوا في تبني تقنيات تكشف طبيعتها الجينية، والتي تظهر في الأطراف التي تصيبها بعدوى.

وكمثل التلسكوبات القوية الجديدة التي تتغلغل بعمق في الفضاء، وتكشف عن ثروة غير معروفة من النجوم، تتيح تقنيات تتبع الجيل الجديد رؤية جديدة لرقعة الفيروسات غير المرئية الهائلة في العالم، وهو عالم يطلق عليه "عالم الفيروسات".

نعرف الحمض النووي (دي إن إيه) وهو "مادة الحياة" التي تصيغ هيكل الجينوم بداخلنا. غير أن الكثير من الفيروسات تستخدم مادة كيميائية مختلفة لبناء الجينوم الخاص بها، وهي مادة تعرف باسم (أر إن إيه).

ومثل الحمض النووي، تتكون هذه المادة من طوائف من مواد أو قواعد البناء الفردية، والتي يتم التعبير عنها باستخدام الأحرف الإنجليزية: إيه، سي، جي، يو.

وتتيح تقنية تتبع الجيل الجديد للعلماء إمكانية رصد تتابع هذه الحروف بسرعة. فإذا استطعت تحديد نظام الحروف على أي سلسلة من سلاسل "أر إن إيه"، يمكنك حينئذ تحديد إذا كانت تنتمي لفيروس وما إذا كان الفيروس جديدا أم لا.

وتعتبر إمكانية اكتشاف هذه التقنية للفيروسات هائلة جدا.

وجمع الفريق العلمي نحو 220 نوعا من اللافقاريات البرية والمائية التي تعيش في الصين، واستخرجوا منها مادة "أر إن إيه"، واستخدموا تقنية تتبع الجيل الجديد. وحل العلماء شفرات تتابع لنحو 6 تريليونات حرف موجود في "مكتبات" أر إن إيه بالكائنات اللافقارية.

وعندما درس العلماء هذا الكم المجمع من البيانات أدركوا أنهم اكتشفوا نحو 1500 نوع جديد من الفيروسات، وهو عدد ضخم بكل المقاييس. وكان الكثير من هذه الفيروسات لها طبيعة مميزة بحيث لا تتناسب بسهولة مع شجرة العائلة الفيروسية المتاحة حاليا.

وقالت إيلودي غيدين، من جامعة نيويورك، وهي غير مشاركة بطريقة مباشرة في الدراسة، لبي بي سي : "إنها دراسة فريدة من نوعها تتيح اكتشافا هو الأكبر بالنسبة للفيروسات حتى الآن".

وأضافت: "من دون شك يعيد الاكتشاف تشكيل رؤيتنا لعالم الفيروسات كما يعيد رسم تطور السلالات الفيروسية".

وعلى الرغم من كون بعض اللافقاريات تحمل فيروسات يمكن أن تنقل عدوى للإنسان، مثل فيروس زيكا وحمى الضنك، لا يعتقد المشرفون على الدراسة أن هذه الفيروسات المكتشفة حديثا تشكل خطرا كبيرا.

بيد أن ذلك لا يمكن استبعاده كليا. وتعتقد غيدين أن تناول هذه القضية مهم للغاية.

وقالت: "إذا تعلمنا أي شيء من هذه المشاريع الاستكشافية الحقيقية فسيكون أن البحث في أماكن لم نبحث فيها من قبل يؤدي إلى العثور على ثراء هائل أكثر مما نتوقع".

وأضافت: "يتيح ذلك أيضا حجة قوية تهدف إلى تعزيز مراقبة الفيروسات إلى اللافقاريات خلال سعينا إلى فهم أفضل (والتنبؤ) بالفيروسات الناشئة".

وأظهرت الدراسة أيضا أن الفيروسات بمرور الوقت تبادلت مواد جينية لخلق أنواع جديدة، وهو إنجاز هائل بحسب إريك ديلوارت، من جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، الذي قال لبي بي سي: "يظهر ذلك قدرة الوحدات الوظيفية الفيروسية المختلفة على إعادة تجميع نفسها، مثل مكعبات الليغو، وخلق فيروسات جديدة حتى عندما تنشأ من فيروسات متباينة للغاية. كما تستمر مرونة الجينوم الفيروسي بطريقة مدهشة".

ويقول إدوارد هولمز، من جامعة سيدني، وهو أحد المشاركين في الدراسة، إن هذه الدراسات لا تفيد في توسيع نطاق تنوع الفيروسات لدينا فحسب، بل تتيح صورة أكثر شمولا لتاريخ الفيروسات.

وأضاف: "اكتشفنا أن معظم المجموعات الفيروسية التي تصيب الفقاريات بعدوى، بما في ذلك البشر، مثل الفيروسات المسببة للأمراض المعروفة كالإنفلونزا، في واقع الأمر تنحدر من تلك الفيروسات الموجودة في اللافقاريات".

ويعتقد أن بيانات مجموعته تبرز حقيقة أن الفيروسات التي تصيب اللافقاريات بعدوى على مدار مليارات السنين تقريبا، تطرح فرضية أن اللافقاريات هي كائنات مضيفة للكثير من الأنواع الفيروسية.

ويأمل الباحثون في أن تمهد تقنيات تتبع الجيل الجديد السبيل أمام اكتشافات فيروسية متنوعة في أنواع حيوانية أخرى. وألا تتوقف عند هذه المرحلة.

ويعتقد ديلوارت أن إجراء المزيد من الدراسات على البيانات قد يسفر عن وجود أنواع فيروسية إضافية لا تماثل الأنواع التي رأيناها من قبل.

وإذا كشفت دراسات المستقبل فيروسات قريبة من هذا العدد، فمعنى ذلك أننا نتعامل فقط مع السطح.