شدّد صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر على "أن القمة الخليجية في مملكة البحرين تأتي وسط تحديات تتزايد ومخاطر لا تخفى على أحد، وهو ما يتطلب مضاعفة الجهود نحو المزيد من التنسيق والتكاتف بين دولنا وشعوبنا للتصدي لهذه المخاطر والتعامل مع مختلف التحديات".
جاء ذلك في الحوار الصحفي الذي أجرته صحيفة (الرياض) السعودية مع سموه أمس وذلك بمناسبة انعقاد القمة الخليجية بمملكة البحرين، حيث أكد سموه أن أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس لا يألون جهداً في تحقيق مصالح دولهم والحفاظ على ما حققوه لشعوبهم من منجزات ومكتسبات حضارية وتنموية، مرحبا سموه بإخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في قمتهم السابعة والثلاثين، التي تستضيفها مملكة البحرين اليوم، مؤكدا سموه أن لقاءات القادة دائما ما تكون لقاءات خير وبركة تحمل الخير لشعوب دول المجلس وتصب نتائجها في صالح تعزيز مسيرة التكامل الخليجي بما تضيفه من منجزات تقوي الكيان الخليجي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

وفيما يلي نص الحوار:

* تستضيف مملكة البحرين هذا العام القمة السابعة والثلاثين، لأصحاب الجلالة والسمو، قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.. كيف تنظرون سموكم إلى هذه القمة والتحديات التي تحيط بها؟.
بداية يسرني أن أرحب بكم، وأن أشيد بالدور الإعلامي الذي تقوم به صحيفة "الرياض" في تنوير الرأي العام العربي والخليجي بكافة القضايا المحلية والاقليمية والدولية، والارتقاء بوعي القراء إلى الالمام بمختلف هذه القضايا بكل احترافية ومهنية.
ونحن نعتز باستضافة مملكة البحرين، القمة السابعة والثلاثين، لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ونرحب بالأشقاء القادة في بلدهم البحرين، فلقاءاتنا واجتماعاتنا المكثفة تعزز من هويتنا المشتركة، والجميع يعلم أن التعاون الخليجي ليس وليد اللحظة بل منذ أمد طويل، وهو تعاون لم ينقطع منذ الآباء والأجداد، ومنذ استقلال هذه الدول تحول إلى تعاون مؤسسي من خلال الاتفاقيات الموقعة بين دول المجلس.
ونثق في أن اجتماع القادة المقام على أرض البحرين، كما هي اجتماعاتهم السابقة، سيحمل بمشيئة الله الخير لشعوب دول المجلس بما يلبي تطلعاتهم وطموحاتهم في مختلف المجالات، فلقاءات القادة دائما ما تكون لقاءات خير وبركة، وتصب نتائجها في صالح تعزيز مسيرة التكامل الخليجي بما تضيفه من منجزات تقوي الكيان الخليجي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
ونرى أن هذه القمة تأتي وسط تحديات تتزايد ومخاطر لا تخفى على أحد، وهو ما يتطلب مضاعفة الجهود نحو المزيد من التنسيق والتكاتف بين دولنا وشعوبنا، للتصدي لهذه المخاطر والتعامل مع مختلف التحديات، ونعلم أن هذا الأمر يشكل أولوية قصوى لدى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، الذين لا يألون جهداً في تحقيق مصالح دولهم والحفاظ على ما حققوه لشعوبهم من منجزات ومكتسبات حضارية وتنموية، فكل قمة خليجية هي منطلق نحو التقدم بخطوات متوازنة إلى ما يصبو إليه قادة وشعوب دولنا من رفاه وازدهار.
ونؤكد أهمية استمرارية التجمعات الخليجية المشتركة وتكثيفها لما لها من دور في مناقشة كافة المستجدات والوصول إلى أقصى درجات التفاهم والتنسيق حيال مختلف القضايا الاقليمية والدولية، فهذه اللقاءات من شأنها أن تعزز منظومة التعاون المشترك وتزيد التقارب بين دول وشعوب المجلس على كافة المستويات.

* سموكم لا يتوقف عن دعم مبادرة انشاء "الاتحاد الخليجي"، و يكاد لا يخلو أي تصريح لسموكم، حول العلاقات بين دول مجلس التعاون أو ما تواجهه المنطقة من مخاطر، من تأكيد على أهمية وضرورة الاسراع باعلان هذا الاتحاد.. برأي سموكم ما الذي يعيق أو يؤخر هذا "الاعلان" حتى الآن؟.

نعم نحن نري أن التعاون الخليجي أمر مصيري، ونؤكد دائماً على أهميته وضرورته ليس كمطلب طارئ يواكب دواعي المرحلة الحالية وتحدياتها وما يحيط بمنطقتنا من مخاطر وتهديدات، وإنما توجه استراتيجي وأساس قامت وترسخت عليه دعائم مسيرة التعاون منذ انطلاقتها الأولى، فالتعاون هو الملاذ للعيش في عالم مليء بالمتغيرات وهو المستقبل الآمن للمنطقة.
ولننظر إلى العالم من حولنا، الذي تتكاتف دوله وتتكتل، وتتخذ مجالات التعاون فيما بينها أشكالاً جماعية للتعامل مع الأزمات السياسية والاقتصادية وغيرها، فلا بديل في عالمنا اليوم، عن التعاون الجماعي، ولم يعد هناك مكاناً لعمل منفرد، حتى بين أقوى الدول وأكثرها استقراراً على الصعيد الاقتصادي، ونرى أنه لابد لتعاون دول المجلس أن يقفز إلى أجواء أوسع، وأن يكون الاقتصاد والأمن في مقدمة الأولويات.
نحن نعيش الآن في عالم التكتلات والكيانات القوية، وعلينا التعامل مع مختلف التحديات بنهج جماعي يحمي دولنا ومصالح شعوبنا، ولا يتيح لأية مخططات من أي جهة كانت، أن تنفذ إلى مجتمعاتنا، أو أن تنال من منجزاتنا ومكتسباتنا، أو تهدد أمننا، فلدينا فهما عميقًا لبعضنا البعض كدول في المنطقة وعلينا أن نرسم المستقبل الذي ينتظرنا وفق ما يحقق مصالحنا بالدرجة الأولى.

* كقائد خليجي يمتلك خبرة واسعة وحنكة في إدارة شئون الحكم، ما هو المطلوب من قادة دول مجلس التعاون في المرحلة الحالية.. وما هي الأولويات التي يفترض أن تكون مطروحة على طاولة البحث في القمة المقبلة من وجهة نظر سموكم؟.

الأشقاء أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، لا يألون جهداً في تلمس نبض شعوبهم، والتعرف على آمالهم وطموحاتهم، فنحن في دول المجلس، قيادة ومواطنين، نتشارك في الآمال والطموحات، والقادة دائما ما يسعون إلى تلبية هذه الطموحات وفق الظروف والمعطيات المتاحة.
ولعل استعراض مسيرة المجلس منذ انطلاقته في عام 1981 وحتى اليوم يؤكد هذه الحقيقة، فالبناء على ما تحقق لا يتوقف، وما تم انجازه طوال تلك السنوات يدعو إلى الفخر والاعجاب، مع تأكيدنا على أنه ما يزال هناك الكثير لتحقيقه، ونرى أن علينا دائما أن نراجع أنفسنا كما يواكب التطورات المتلاحقة التي يعيشها عالم اليوم.
ونحن في دول مجلس التعاون لدينا أولويات عديدة تكون حاضرة بصفة دائمة على جدول أعمال القمم الخليجية، فلدينا أمن دول المجلس وضرورة حمايته وصونه، ودعم الاستقرار، فلا تقدم ولا تنمية من دون أمن واستقرار، إضافة إلى محاربة الارهاب بكافة أشكاله، باعتباره أخطر تحد يواجه العالم بأكمله، وليس دولنا وحدها.
وهناك التقدم الاقتصادي الذي نرجوه لدولنا ورفع معدلات التنمية، وهى تحد كبير يتطلب التعاون الجماعي بين دول المجلس لتحقيق هذا الهدف، فنحن في دول مجلس التعاون، نملك إمكانيات كثيرة يمكن تسخيرها، بالعمل الجماعي، لتحقيق المزيد لشعوبنا، ومواجهة الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالعالم بين الحين والأخر، والحد من أثار تلك الأزمات وتداعياتها على اقتصاديات دول المجلس.

* هل ترون سموكم أن ما تحقق حتى الآن على صعيد التعاون بين دول المجلس يلبي طموحات شعوب تلك الدول، وما هي طموحات وآمال سموكم المستقبلية لهذا التعاون؟.

أمالنا وطموحاتنا لخير شعوبنا لا سقف لها، وما دمنا نعمل فإن الآفاق تبقى دائما رحبة، وتتسع للمزيد من الانجاز وتستوعب الطموحات، ولقد تحقق الكثير بالفعل، واستطعنا أن نتجاوز العديد من التحديات. ولعلكم تتذكرون ما شهدته حقبة الثمانينيات والتسعينيات وحتى الآن، من صعوبات وتهديدات، شهدنا فيها الكثير من الأحداث التي القت بظلالها وتداعياتها على مسيرتنا، ولكن تمكنت دولنا وشعوبنا من تجاوزها، فقد كان لدينا تصميماً ـ دولاً وشعوباً ـ على النجاح واستمرار مسيرتنا التعاونية، وقد تمكّنا بفضل من الله، ثم بتكاتف قادتنا وشعوبنا وتلاحمهم، من الحفاظ على تماسك مجلس التعاون، وحماية أمن دولنا، وصون استقرارها، رغم المحاولات التي تستهدفنا بمخططات لا تنتهي، والتدخل في شئوننا الداخلية، أو المساس بنسيجنا الاجتماعي، ووحدتنا الوطنية، وهي محاولات باءت جميعها، ولله الحمد، بالفشل، وتحطمت على صلابة مواقفنا، وقوة وحدتنا.
وأود أن أوكد لك أن طموحاتنا لا تنتهي، وهي تبدأ بحلم "الاتحاد الخليجي"، الذي نسعى إليه في المستقبل، وتتواصل هذه الطموحات إلى كل ما يحقق الخير لدولنا وشعوبنا، وتصّدر دولنا لقوائم الانجازات في كل مجال، فنحن نملك طاقات بشرية ومادية هائلة، وعقول تبتكر دوما كل ما يضيف جديداً يحقق الخير لنا جميعاً.
وأقول لك إن المستقبل مشرق بإذن الله، ولدينا الكثير مما يمكن تحقيقه، متسلحين بالعزم والايمان، وبقدرتنا على أن نحقق ما نريد، وأن نمتلك دائماً إرادتنا، وأن لا نسمح للدخلاء، باختراق مجتمعاتنا أو العبث بأمننا، أو النيل من منجزاتنا، ونحن بفضل من الله قادرون على ذلك، وعلى النهوض بمجتمعاتنا، والوصول بها إلى مصاف أرقى وأفضل.
وعلينا باستمرار أن نحدّث منظومتنا وخاصة الأمن الذاتي لدولنا، فهذا أمر ضروري لحماية أمن المنطقة وتوفير الاستقرار لشعوبها، فنحن لسنا دعاة حرب وإنما دعاة محبة وسلام.
وأود أن أؤكد كذلك على أن التكامل الاقتصادي فيما بيننا كدول خليجية لابد أن يتم بشكل أسرع، وأن لا ننشغل بأي أمور تقف حائلا دون ذلك، وأن نتجاوز كل العقبات التي تحول بيننا وبين هذا التكامل، ولكن في الوقت ذاته فإننا نفخر بأن لدينا نجاحات كبيرة منذ قيام مجلس التعاون.

* تكتسب العلاقات بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، أهمية خاصة، وتؤكدون سموكم دائماً على عمق هذه العلاقات وقوتها ومتانتها.. ما هي طموحات سموكم لهذه العلاقات في الفترة المقبلة، وهل ترون أن هناك جوانب تحتاج إلى التطوير في التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين؟.

- العلاقات بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، قد لا تحتاج إلى مزيد من التأكيد على قوتها ومتانتها، فهذا أمر غني عن البيان، ومشهود لكل العيان، فهي ليست مجرد علاقات ثنائية بين بلدين شقيقين، وإنما هي علاقة تمازج وانصهار بكل ما يعنيه ذلك من معاني، ولا يمكن اختزال تلك العلاقة في بضع كلمات، لأنها بطبيعتها، مسيرة تروى عبر مراحل التاريخ، وحقائق تتجسد على أرض الواقع، وعرى وثقها الأجداد والآباء وتزداد قوة ورسوخاً جيلاً بعد جيل.
نحن نعتبر مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية كيان واحد وشعب واحد، فالمملكة العربية السعودية، هي دائما بالنسبة لنا السند والعضد، لا تتأخر عنا أبداً، ولا نتأخر عنها أبداً، وتجمعنا صلات القربى والمصاهرة والمصير الواحد، ولن تفلح بمشيئة الله أي محاولة لفصم عرى هذا الارتباط التاريخي الوثيق.
والمملكة العربية السعودية، بدورها ومكانتها وثقلها، هي الذخر والسند ومحور الارتكاز، ليس للبحرين وحسب، وإنما للعرب والمسلمين جميعاً، هكذا كانت، وستظل عبر التاريخ، حماها الله، وسدد على طريق الخير خطى قادتها، وحقق لشعبها الشقيق الوفي كل ما يتمنى من خير وتقدم ونماء. ولن ننسى في مملكة البحرين مواقف السعودية الشقيقة.
كما نعرب عن خالص تقديرنا للدور المحوري والفاعل الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية الشقيقة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في دعم التضامن الخليجي وتطوير مرتكزاته ليكون قادرا على التعامل مع كافة التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون، ونصرة الامتين العربية والاسلامية، وما تنهض به من مسئوليات جسام في مواجهة أي تهديد لأمن واستقرار المنطقة بما يجسد ما تمثله المملكة من ثقل إقليمي ودولي وما تحظى به من مكانة مرموقة كحصن شامخ للإسلام والعروبة.

* تحتفل مملكة البحرين هذا الشهر بذكرى العيد الوطني.. كيف تنظرون إلى ما تحقق في المملكة على مدى سنوات طويلة.. وكيف ترون المستقبل في بلدكم العزيز؟.

- ذكرى العيد الوطني هي فرصة متجددة للتأمل وتجديد العزم على العمل والانجاز من أجل خير أبناء شعب البحرين، وتعزيز مكانة بلدنا إقليمياً وعالمياً على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية، في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل مملكة البحرين، والذي يقود مسيرة التطوير والتحديث بكل تفان وإخلاص.
ونرى أن المستقبل مشرق بمشيئة الله، ويحمل الكثير من الخير لبلدنا وشعبنا، إنطلاقاً من ثقتنا في أنفسنا وفي أبناء شعبنا، وتمسكنا بوحدتنا وقدرتنا على تحقيق الإنجاز تلو الأخر لصالح وطننا، وتضافر جهودنا وتكاتفنا جميعاً، وإصرارنا على النجاح.
ونحن نفتخر دائما بأبناء البحرين رجالاً ونساء، فهم ثروتنا التي لا تنضب، وهم من يشكلون قوة الإنجاز والعطاء، ونثق في قدرتهم على مواصلة العمل وبذل الجهد، جيلاً بعد أخر، من أجل بحرين الغد، والمستقبل الأفضل. فهل ترون أن هناك مستحيلاً في وجود مثل هذا الشعب؟، وهل يمكن لأحد أن يتشكك في قدرته على تحقيق الانجاز تلو الأخر؟. نحن نثق في شعبنا، ونثق في قدراتنا، وفي عزمنا على تحقيق الأفضل دائماً بمشئية الله.

* وجه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين الدعوة إلى رئيسة وزراء المملكة المتحدة تيريزا ماي للمشاركة في القمة الخليجية المقبلة بالبحرين. كيف تقيمون سموكم مغزي هذه الدعوة، وما هي الفوائد التي ستجنيها دول المجلس من تلك المشاركة؟.

- نحن في مملكة البحرين ودول مجلس التعاون، نحرص دائماً على علاقات الصداقة والتعاون مع مختلف دول العالم، ولذلك شهدت بعض قمم مجلس التعاون السابقة، دعوة قادة من دول العالم للمشاركة فيها كضيوف شرف ومتحدثين أمام القادة.
ونحن تربطنا بالمملكة المتحدة علاقات صداقة وتعاون تاريخية وثيقة، تمتد إلى مائتي عام، فضلاً عن أن المملكة المتحدة إحدى أكبر الدول المؤثرة في العالم، ولها ثقلها السياسي والاقتصادي وتاريخها العريق، ولديها أيضاً تجربتها التي يمكن للأخرين الاستفادة منها في مختلف المجالات.
ومن هنا، تأتي أهمية الدعوة التي وجهها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، إلى السيدة تيريزا ماي، رئيسة وزراء المملكة المتحدة، للمشاركة في القمة التي ستستضيفها مملكة البحرين، فهذه المشاركة سوف تشكل فرصة للقاء مع أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، وتبادل الرؤى والأفكار حول مختلف القضايا والتطورات الاقليمية والدولية، ووضع التصورات التي تكفل تطوير التعاون بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون والانتقال به إلى أفاق أوسع تعود بالنفع على الجانبين.
ورؤيتنا في مملكة البحرين تؤمن دائماً، بأهمية التعاون مع مختلف دول العالم، وترى في ذلك ضرورة وأهمية قصوى، لتحقيق الأمن والسلم الدوليين، وينبغي أن نتعاون جميعاً من أجل مستقبل أكثر استقراراً وأكثر حرصاً على مصالح الشعوب، وحماية للأجيال القادمة.

* اتسم هذا العام بإطلاق اشارات ذات مغزي من دول مجلس التعاون، برز أهمها في التعاون العسكري بين دول المجلس، واجراء التمارين الأمنية المشتركة، ثم التأكيد على أهمية التكامل الاقتصادي، وأن يكون لدينا تكتل اقتصادي قوى.. إلى أي مدى تم استيعاب هذه الاشارات من مختلف دول العالم؟.

- نعم .. وهذا أيضاً من المنجزات التي نفخر بها في مجلس التعاون، فقد أثبتنا للجميع، وحدة مواقفنا وكلمتنا، وأن لدينا من القوة ما يمكننا من الحفاظ على أمننا واستقرارنا، وأن يصون مكتسبات شعوبنا، فالتعاون الأمني والعسكري والتمارين المشتركة، أمر ضروري ومطلوب، وينبغي أن نعتمد على أنفسنا في ظل هذا العالم المتغير، وتقلبات السياسة والمواقف.
ولا يمكن لدولنا أن تقف مكتوفة الأيدي، أو أن تتخذ موقف المترقب إزاء كل ما يجري من حولنا، وينبغي أن نكون دائما على أهبة الاستعداد للتصدي لأي تهديدات أو مخاطر، فلن يحمي دولنا وشعوبها إلا سواعد أبنائها، هكذا علمنا التاريخ، وهذا هو ما أثبتته لنا الأحداث والتطورات، فنحن نعيش في عالم تحكمه المصالح، والمصالح تتغير وتتبدل في أي وقت، ولا يمكن أن نرهن أمن دولنا وشعوبنا لأي كان.
ولهذا لا يمكن أن نرهن مصالحنا بمواقف الآخرين وتوجهاتهم، بل ينبغي أن تكون لنا قوتنا الذاتية التي تردع ولا تهدد، وتحمي ولا تعتدي، وتصون ولا تفرط.. نعم، فنحن شعوب تلتزم بالقيم والمبادئ، ولم تهدد أحداً، ولم تعتدِ على أحد، ولم تتدخل في شئون الغير، وكانت دائما من الداعين إلى السلام والعيش الآمن، وحرصت على التعايش السلمي بين جميع الأجناس والأعراق، وهو ما تشهد به وتؤكده طبيعة مجتمعاتنا الخليجية.

* مازلنا نشهد خلافات عربية مستمرة وأحيانا عدم الاتفاق على الحد الأدنى من الرؤي تجاه مختلف القضايا التي تهمنا أو تؤثر على دولنا.. كيف السبيل لتجاوز تلك الاختلافات والارتقاء الى المستوى المأمول من التفاهم والتعاون الذي يجنب منطقتنا وشعوبنا المزيد من الخسائر وتفادى ما يضمره لنا البعض من نوايا شريرة؟.

- الاختلاف أمر طبيعي، يمكن أن يحدث في أي وقت، ولكن الحكمة تكمن في احتواء خلافتنا والعمل على لم الشمل وجمع كلمتنا، ونود هنا أن نشيد بما تبذله المملكة العربية السعودية الشقيقة من جهود في لم الشمل العربي وتوحيد الصفوف للوقوف في وجه التحديات والمخاطر التي تواجهنا، ونحن أحوج ما نكون إلى الآن إلى جمع كلمتنا والنأي بالعلاقات بين الدول العربية عن أية محاولات لشق الصف أو زرع بذور التشرذم والتفرق، فهذا بالتحديد ما يريده أعداؤنا، من أجل إيجاد الذرائع للتدخل في شئوننا وتأجيج الصراعات فيما بيننا، ويجب أن نأخذ العبرة والعظة مما نراه يحدث في بعض الأقطار العربية حالياً من فوضى ودمار وتشرذم، وأن نعي حجم المخاطر المحدقة بنا جميعا.
وبطبيعة الحال فإن الرؤي قد تختلف أو تتفاوت تجاه العديد من القضايا بين دولة وأخرى، ونحن نثق في أن القادة العرب يتعاملون بحكمة مع مختلف القضايا التي تواجه العالم العربي، وأنهم حريصون على صون العلاقات بين بلدانهم، وحمايتها من أية عثرات عارضة، فما يبقى، وينبغي أن نضعه دائما في صدارة أولوياتنا، هو مصالح أمتنا، والتنبه إلى من يضمرون لها الشر، ولا يريدون بنا خيراً.
ونحن نرى أهمية تكثيف اللقاءات المشتركة بين القادة والمسئولين العرب والحرص على التنسيق فيما بين بلداننا العربية، تجاه مختلف القضايا والملفات، والخروج برؤية مشتركة، تراعي مصالح أمتنا وتحافظ على تماسكها، وتزيدها قوة وصلابة في مواجهة التحديات التي نواجهها جميعا.

* العالم يشهد متغيرات وتطورات متلاحقة، قد يتبعها تغير سياسيات وتوجهات كثيرة في أنحاء العالم .. كيف تنظرون إلى تلك التطورات .. وكيف ترون سموكم كيفية التعامل معها وتطويعها لمصالح دولنا وشعوبنا؟.

- ينبغي أن نواكب ما يشهده العالم من تطورات، ولكن مع التمسك بقيمنا وإرثنا الحضاري، فما ينفع لغيرنا ليس بالضرورة أن يناسبنا، ونتطلع دائما إلى التحديث والتطوير الذي يكون نابعنا من حاجاتنا ومتطلباتنا، ولا ننجرف إلى وراء التقليد دون وعي بما ينطوي عليه من مخاطر تهدد أوطاننا، والعلاقات بين الدول بطبيعتها تقوم على التأثير والتأثر، ويجب أن نسعى إلى ما يحقق مصالحنا بالوصول إلى أرضية مشتركة من التفاهم والتعاون مع الدول الأخرى.
نعم نحن نعيش في عالم متغير ونشهد تطورات قد يعجز الكثيرون عن ملاحقتها، لكن هذا لا يعني أن نتوقف، ولابد أن تكون لنا رؤانا ومواقفنا وتفاعلنا مع العالم المحيط بنا فنحن جزء من العالم نتأثر بما يحدث فيه، وأيضا يمكننا، كتكتلات قوية، أن نؤثر فيه ونشارك في صنع مساراته وتحديد خطواته المستقبلية.
ونرى أننا نملك مجتمعين من القدرات والامكانيات، ما يجعل لنا مكانة متميزة وكلمة مسموعة، وينبغي أن تتواصل جهودنا لتعريف العالم برؤانا، والتأكيد على أننا جزء فاعل نسعى بدورنا من أجل تحقيق التنمية المستدامة في المجالات كافة، ونحرص على تطوير بلداننا، والارتقاء بالمستويات المعيشية لشعوبنا، وهو ما لا يمكن تحقيقه الا بتعاون جماعي بين دول العالم، وترسيخ المبادئ الأساسية في التعامل بين الدول، باحترام كل طرف للطرف الأخر، وعدم قيام أي طرف بالتدخل في الشئون الداخلية لأية أطراف أخرى، وأن نعيش جميعاً في عالم يسوده الاحترام، وتنعم شعوبه، بالطمأنينة والأمن والسلام والاستقرار.

* التعاون الاعلامي في مواجهة الحملات والهجمات الشرسة التي تطال دول مجلس التعاون، بات من المطالب الشعبية قبل الرسمية.. كيف تنظرون سموكم إلى هذا الأمر، وما هو المطلوب في مواجة تلك الحملات والهجمات الظالم؟.

ـ الجواب: نعم .. ونحن نؤيد ذلك ونرى أهمية التعاون لمواجهة تلك الحملات البائسة التي تتعرض لها بلداننا، والمحاولات المستمرة لتشويه منجزاتنا والنيل مما حققناه، وهي حملات باتت معروفة التوجهات، ومن يقفون وراءها، وهي تستهدف أكثر من بلد عربي، وتندرج ضمن المحاولات المستمرة لإلحاق الضرر بمصالحنا.