أعرب اقتصاديون عن تفاؤلهم الكبير بالعام الجديد 2017 بأن يكون الانفراج الحقيقية للوضع الاقتصادي على مستوى البحرين والمنطقة ككل، تقودها خطوة "أوبك" التاريخية بخفض إنتاجها لأول مرة منذ العام 2008 وارتفاع سعر البرميل فوق حاجز الـ 55 دولار.

واكدوا في تصريحات خاصة لوكالة أنباء البحرين (بنا)، ان البحرين اتخذت خطوات تقشفية جريئة في العام 2016 تمثلت في تقليص النفقات الحكومية ورفع الدعم عن سلع وخدمات اساسية، مما كان له أكبر الاثر في تحسن هيكل المالية العامة وامتصاص صدمات الهبوط الحاد لأسعار النفط في الاسواق العالمية.

وبينوا ان البحرين قادرة على مواجهة اي ازمات اقتصادية او مالية بفضل حنكة السياسات المتخذة من قبل القيادة الرشيدة والحكومة الموقرة والدور الكبير الذي يلعبه مجلس التنمية الاقتصادية لمستقبل افضل للاقتصاد الوطني.

وقال المستشار الاستثماري اسامة معين ان الاوضاع التي ادت الى ركود في الاقتصاديات الاقليمية والعالمية مازالت موجودة لم تتغير، ولكن هناك نور في نهاية نفق الظروف الجيوسياسية في العام 2017، مما سينعكس بدوره إيجابا على الوضع الاقتصادي للمنطقة والبحرين على وجه الخصوص كونها جزء اساسي من الاقتصاد الاقليمي.

وتوقع معين ان تعود أسعار النفط في الاسواق العالمية الى الارتفاع مجددا وتتخطى حاجز الـ 55 دولار للبرميل خلال العام 2017، مما سيدعّم مرة أخرى موازنات الدول المصدرة والمنتجة للنفط ومنها البحرين، جنبا الى جنب مع الاستمرار بكل تأكيد في تنويع مصادر الدخل.

ويرى معين بان قطاعات الانشاء والمقاولات والخدمات والاتصالات والمواصلات سيكون لها السبق او النصيب الاكبر في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، ويطرأ عليها انتعاش كبير بفضل الطلب الكبير عليها.

بدوره، أكد المحلل الاقتصادي الدكتور أكبر جعفري وجود عدة مؤشرات بأن السنة القادمة ستكون افضل من الناحية الاقتصادية أرجعها لعدة اسباب منها: تحسن اسعار النفط والاحتمالية الكبيرة لوصولها الى 60 دولار للبرميل وحدوث انفراجة سياسية في عدة ملفات اقليمية عالقة.

وبين جعفري ان قرار منظمة "أوبك" التاريخي في خفض الانتاج بنحو 1.2 مليون برميل بداية من يناير 2017، وتحمّل السعودية حصة الأسد من هذا التخفيض بواقع نصف مليون برميل يوميا سيلعب دورا كبيرا في العام القادم بإنعاش فرص النمو الاقتصادي وإيجاد بارقة أمل في عودة الزخم الاقتصادي وضخ مزيد من السيولة في القطاعات الرئيسة، مما يعني مزيد من المشاريع واستثمارات تطوير البنى التحتية.

واضاف جعفري بالقول: "لا يمكننا التنبؤ بما ستؤول اليه الامور ما بعد مارس 2017، ولكن ما يمكن الجزم به هنا هو ان منظمة اوبك على استعداد لخفض الانتاج مرة اخرى اذا اقتضت الحاجة، وتخفيف وطأة استثمارات شركات الصخر الزيتي الأمريكية على الوضع العام لاقتصاديات المنطقة".

ويرى جعفري ان البحرين في العام 2016 اتخذت خطوات جادة غير مسبوقة لتدارك تبعات ازمة اسعار النفط العالمية، لتشمل رفع الدعم عن المحروقات وعدد من السلع الاساسية وتحقيق وفرة مالية قدرها 860 مليون دينار، اي ما يعادل ثلث موازنة الدولة.

واعرب جعفري عن امله في ان تواصل الحكومة توجهها الحميد في تقليص الدعم عن المزيد من السلع والخدمات حتى يتسنى لها تدعيم موازنة الدولة وكبح جماح الدين العام، ملمحا الى ايجابيات فرض ضرائب بشكل تدريجي مع توفير حماية لذوي الدخل المحدود.

من جهته، قال رجل الأعمال الدكتور يوسف مشعل ان البحرين خطت خطوات كبيرة في سبيل الخروج من ازمة الهبوط الحاد لأسعار النفط، وكانت في توقيت في غاية الاهمية للحفاظ على المكتسبات الاقتصادية اللامحدودة.

واوضح مشعل ان ما يميز عام 2016 رفع الدعم عن بعض الاغذية ورفع اسعار الوقود التي كان لها اثر طيب في انعاش فرص الاستقرار المالي للدولة وهيكلة المالية العامة بصورة صحية، ولتفادي الوقوع في براثن المديونية العامة.
وبين مشعل ان ما يدل على عدم تأثر البحرين بتقلبات 2016 الاقتصادية هو استمرار العمل على اقامة المزيد من مشاريع تطوير البنى التحتية على راسها تطوير مطار البحرين الدولي وبث الحياة مجددا في مشاريع التطوير العقاري المتعثرة.

وأكد مشعل ان القطاع الخاص مطالب في العام 2017 ان يؤدي المسؤولية التي عليه في المساعدة والمؤازرة للحكومة في الوضع المالي الحالي وان يساهم في تنمية ميزانية الدولة، منوها الى ان تغيرات 2016 تساعد القطاع الخاص على الشروع في عملية ان يكون المحفز الاساسي للنمو الاقتصادي في المملكة وليس الحكومة كما هو معتاد.