واشنطن - (أ ف ب): يتساءل مراقبون، هل تستكمل واشنطن التي فرضت الخميس الماضي عقوبات على موسكو لاتهامها بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الامريكية هذه الإجراءات بهجوم معلوماتي؟ السؤال مطروح على الادارة الامريكية، لكن قرارا بالقيام بذلك سيكون خطوة غير مسبوقة ومحفوفة بالمخاطر.
وتشمل الإجراءات التي أعلنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما قبل أقل من شهر على مغادرة البيت الأبيض طرد 35 شخصاً اتهموا بأنهم عملاء استخبارات، وإغلاق مقرين شمال شرق الولايات المتحدة اعتبرا قاعدتين يستخدمها هؤلاء العملاء.
كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية «جي ار يو» وجهاز الأمن الفدرالي «اف اس بي، كي جي بي سابقاً» وعلى 4 مسؤولين في جهاز الاستخبارات العسكرية بينهم رئيسه ايغور كوروبوف. وأعلن أوباما أنه لن يتوقف عند هذا الحد.
وتتهم واشنطن موسكو بتنسيق القرصنة المعلوماتية التي طاولت الحزب الديمقراطي والبريد الإلكتروني لفريق المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون وأثرت، بحسب الحزب، على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي فاز فيها دونالد ترامب الداعي الى علاقات جيدة مع روسيا.
وحذر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته من أن بلاده ستتخذ تدابير أخرى للرد «في الوقت الذي نختاره» بما في ذلك من خلال عمليات سرية لن يتم إطلاع الرأي العام عليها.
ويمكن أن تكون العمليات السرية رداً معلوماتياً تقوم به مثلاً وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي ايه» القادرة على الوصول إلى كل الشبكات المعلوماتية في العالم.
وسيكون الرد بمثابة تأكيد من واشنطن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قدرتها على استخدام القرصنة والاختراقات الإلكترونية لبلبلة السلطة الروسية.
ويقول ايفان بتروتسكي ومايكل بوزنانسكي، وهما جامعيان أمريكيان متخصصان في السياسة الدولية والاستخبارات، إن الهجمات المعلوماتية يمكن أن تستهدف أيضاً أجهزة كمبيوتر تابعة لمقربين من بوتين.
وكتب بتروتسكي وبوزنانسكي في مقال نشره مؤخراً موقع «وور أون ذي روكس» الأمريكي الذي يتابع قضايا الأمن والحرب أن «استهداف هؤلاء المسؤولين الذين يعتبر دعمهم أساسياً لبوتين يمكن أن يشكل رادعاً كافياً لعدم السعي إلى التدخل مجدداً في الانتخابات».
وأضاف معدا المقال أن السلطات الأمريكية يمكن أن تسعى إلى زعزعة المؤسسات المالية الروسية «بهدف تغيير موقف الرأي العام الروسي ضد النظام»، دون أن يعطيا تفاصيل حول الشكل الذي يمكن ان تتخذه هذه الهجمات.
وتقول سوزان هينيسي، مسؤولة الشؤون القانونية السابقة لدى وكالة الأمن القومي «ان اس اي»، إن العقوبات يجب أن ترافقها عملية سرية «تتضمن تهديدات محتملة إزاء مسؤولين في الكرملين حتى يدركوا أن بوسعنا بلوغ مواقع يعتقدون أنها محمية».
إلا أن الخبراء يجمعون على نقطة وهي أن قيام دول بشن هجوم معلوماتي على دول أخرى مغامرة مجهولة العواقب وتتضمن مخاطر كبيرة لأن هذا المجال لايزال غامضاً إلى حد كبير. ويقول ستيف غروبمان، المدير الفني في «انتل سكيورتي»، المجموعة الأمريكية المتخصصة في الأمن الإلكتروني، «يجب التخطيط جيداً لأي رد معلوماتي سري وتنفيذه بدقة لتفادي إلحاق أضرار جانبية بأنظمة معلوماتية لم تكن مستهدفة».
وحذر غروبمان على غرار العديد من الخبراء، من اندلاع حرب معلوماتية ستكون مدمرة للجانبين، وقال «أي تصعيد للهجمات المعلوماتية من الجانبين يمكن أن يؤدي إلى نزاع فعلي على الأرض».
أما جيمس لويس، الاختصاصي في شؤون الأمن المعلوماتي في مركز «سي اس آي اس»، فيقول إن إدارة أوباما ستتريث قبل أن تشن هجوماً، في حال قررت ذلك فعلاً.
ويضيف أنها لن تستخدم «الأسلحة الإلكترونية» المدمرة المتوفرة لديها والتي تتم الإشارة إليها بين الحين والآخر من دون تحديد ماهيتها.
ويتابع لويس «هناك رغبة قوية بتفادي تصعيد للنزاع»، لأن الروس «لجؤوا إلى الإكراه والتجسس والسياسة ويمكننا القيام بالمثل».
في كل الأحوال، أبرز التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية مرة أخرى ضرورة تعزيز أمن الشبكات وأجهزة الكمبيوتر الأمريكية ضد أي عمليات اختراق.
ويشدد كلود بارفيلد، الخبير في مركز الدراسات الأمريكية المحافظ «اميركان انتربرايز انستيتيوت»، على ضرورة «أن تحسن الإدارة الأمريكية دفاعاتها المعلوماتية إذا أرادت الحؤول دون حصول تدخلات مماثلة في المستقبل».