وضعت الحكومة مجلس النواب في زاوية ضيقة بعد أن ربطت كل ما يتعلق باحتساب الترقيات والحوافز ووقت العمل الإضافي والدورات لموظفي الدولة بتمرير الميزانية واعتمادها من قبل مجلس النواب، وجعلت أصحاب السعادة النواب في موقف لا يحسدون عليه. النواب الآن بين أمرين، أحلاهما مر، إما تمرير الميزانية - التي لم تصلهم بعد من الحكومة - بأسرع وقت ممكن، أو عدم تمريرها من أجل مناقشتها والسعي «المستميت» للحصول على أكبر قدر من «المكتسبات» للمواطنين وإدراجها ضمن هذه الميزانية. في الخيار الأول، فإن الحكومة في حال إقرار النواب للميزانية ستمضي سريعاً في تقديم الترقيات والحوافز والدورات واحتساب العمل الإضافي للموظفين، ولكن الخاسر الأكبر هنا هم النواب الكرام الذين خسروا ورقة دعائية هامة جداً، كانوا يعولون عليها في رفع أسهمهم وتجميل أسمائهم أمام الشعب، على اعتبار سعيهم «المستميت» لإضافة «مكتسبات» للمواطن في هذه الميزانية، كما جرت العادة دائما في كل مناسبة ترفع فيها الحكومة الميزانية لإقرارها من النواب. أما الخيار الثاني، فهو عدم تمرير النواب للميزانية وإصرارهم على تضمينها بعض «المكتسبات» للمواطنين، وبالتالي تأخر إقرار الميزانية لشهور، وهنا سوف يتسبب من النواب بعرقلة الترقيات والحوافز ووقت العمل الإضافي والدورات التدريبية للموظفين، وهذا ما سيؤدي بالتأكيد إلى استياء شعبي كبير من أداء مجلس النواب. اللوم هنا لا يقع على تأخر الحكومة في إحالتها الميزانية لمجلس النواب، والذي كان من المفترض تقديمها قبل شهرين أو ثلاثة، ولكن اللوم الأكبر يقع على النواب الذين لم يسألوا أو يستوضحوا من الحكومة عن أسباب تأخرها في رفع الميزانية للمجلس، حتى يتسنى للنواب الحصول على وقت كاف لمناقشتها وتبادل وجهات النظر بشأنها. السؤال الذي يشغل بال الكثير من المواطنين الآن هو، هل سيرضى مجلس النواب بهذا التعامل من الحكومة؟ أم أنه سينتصر لكرامته، وبالتالي سيعمل على رد اعتباره من هذا التعامل؟ فهو لن يرضى أن يكون مجرد مجلس «يبصم» على الميزانية. ولكن لو «عملها» المجلس ووضع «إضافات» للميزانية، فعليه أن يعلم أن وراءه مجلس الشورى، الذي سينظر هنا للمصلحة العامة للدولة، أي بمعنى آخر أن المجلس سيحتسب «كل دينار» أضافه مجلس النواب على مشروع الميزانية وسيدخل من «أبواب واسعة» تتعلق بالإيرادات وأسعار النفط، والإيرادات غير النفطية، والعجز في الميزانية، وغيرها الكثير من «المتاهات»، وكل هذا التعطل سيدفع ثمنه المواطن.. فماذا أنتم فاعلون يا نواب الشعب؟