ما زلت أذكر جيداً مشاركتي وصديقة خليجية كانت قد تخرجت من أمريكا قبل بضع سنوات في إحدى المؤتمرات، إذ تلقينا قبل المؤتمر بأيام قائمة أسماء المشاركين فإذا بصديقتي تخبرني عن مشاركة زميلة أمريكية لها في المؤتمر، لم ترها منذ غادرت أمريكا، وعن رغبتها في دعوتها للغداء في بيتها، وعندما التقينا بتلك الأمريكية في المؤتمر، وكنت أتوقع أن تأخذا بعضهما بالأحضان بعد غياب سنوات، لكن الواقع كان صادماً، فما كان من الأمريكية سوى إلقاء تحية باردة «Hi Miss .......»، وكأنها تقول ضمنياً «Stop». هكذا هم الأمريكيون.. باردون في علاقاتهم الشخصية، ولكنه «حسين السجواني» رجل الأعمال الإماراتي الذي كان «ترامب» سخياً في وصفه بما لا يتسق مع البرود الأمريكي، فهو بين رائع جداً، ومدهش جداً جداً لدى «ترامب».

لعله ليس «حسين السجواني» فقط، فـ «ترامب» كان قد ذكر مرة أن مطارات بعض دول الخليج تجعل مطارات أمريكا وكأنها في مصاف دول العالم الثالث، وهو ما يكشف كم أن «ترامب» مذهول ومعجب بالخليج العربي. إعجاب لا يخلو من نظرة ثاقبة بعين طامع كان قد صرّح سلفاً أنه سيطلب من الخليج دفع فاتورة تحرير الكويت والسفن الحربية التي تحمي تجارة الخليج ونفطه، فضلاً عن توفير منطقة آمنة للسوريين، وهنا يكمن «مربط الفرس» وأُسّ السياسة الخارجية الأمريكية في عهده، إنه المال والاقتصاد، الورقة التي لطالما تحدثنا عنها منذ دخول «ترامب» معترك الانتخابات الرئاسية حتى لحظة توليه الرئاسة رسمياً اليوم، إنه الاقتصاد.

كلنا يعلم أن أمريكا دولة رأسمالية، وأن الاقتصاد يحكم جلّ العلاقات فيها، وأن «ترامب» رجل أعمال قبل أن يكون رئيساً للولايات المتحدة، ورغم أن «ترامب» كان قد كشف في مؤتمر صحافي عقد مؤخراً عن رفضه عرضاً قدمه «حسين السجواني» بإبرام صفقة قيمتها مليارا دولار أمريكي، مشيراً إلى أنه لن يجمع بين التجارة والرئاسة، لكن من الطرافة أن «ترامب» قرر إحالة كل أعماله إلى أبنائه، إذ لم يستطع التخلي عن صفقة «السجواني».

* اختلاج النبض:

لكي نكسب بالخليج العربي قضايانا في قادم الأيام، علينا ألاَّ ننسى أن «ترامب» له مشاريع خليجية مقبلة لعل أبرزها افتتاح «ترامب تاوزر» في كل من جدة وقطر، وهو ما يؤكد أن «ترامب» لن يوقف نشاطه التجاري فعلياً بوصوله إلى الرئاسة، وأنه ما زالت ثمة مصالح خليجية تربطه بالمنطقة لعل أبرزها مع الإمارات التي قد تكون نافذتنا الخليجية الأوسع المطلة على «ترامب».