اتفقت روسيا وتركيا وإيران، الدول الراعية لمحادثات السلام حول سوريا في أستانة، على إنشاء آلية لتطبيق ومراقبة وقف إطلاق النار في سوريا في ختام يومين من المحادثات بين وفدي النظام والفصائل المعارضة.

ميدانياً، قتل 30 شخصاً في غارات للطيران الروسي والسوري على دير الزور، بينما تواصلت المعارك بوادي بردى، وأعلن الجيش التركي أنه قصف 116هدفاً لتنظيم الدولة "داعش" الإرهابي ضمن عملية "درع الفرات".

وقال وزير خارجية كازاخستان خيرت عبد الرحمنوف أثناء تلاوته البيان الختامي للقاء أستانة إنه تقرر "تأسيس آلية ثلاثية لمراقبة وضمان الامتثال الكامل لوقف إطلاق النار ومنع أي استفزازات وتحديد كل نماذج وقف إطلاق النار".



وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا يأمل بإنشاء الآلية وقد دعمتها ايضا المعارضة التي تأمل "تجميد العمليات العسكرية" خصوصاً في وادي بردى وهي منطقة رئيسة لتزويد دمشق بالمياه دارت فيها معارك حتى أمس.

وأعلن الموفد الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا الكسندر لافرنتييف أن "مجموعة" ستبدا عملها في فبراير المقبل في أستانة وهدفها "مراقبة وقف إطلاق النار".

واعتبر ان المحادثات التي جرت بحضور "خبراء عسكريين" روس كانت نتيجتها "ايجابية بشكل عام".

كما قامت روسيا بصياغة مسودة دستور لسوريا وسلمت نسخة منها الى المعارضة التي رفضتها.

وقال مصدر في المعارضة ان "الروس وضعوا المسودة على الطاولة لكننا لم نأخذها حتى. قلنا لهم اننا نرفض مناقشة هذا".

من جهتها، اعلنت واشنطن "ترحيبها بهذه الإجراءات للحد من العنف والمعاناة في سوريا" داعية الى ايجاد "بيئة أكثر ملاءمة لنقاشات سياسية بين السوريين".

وقالت الدول الثلاث أيضاً إنها تدعم مشاركة المعارضة السورية في محادثات السلام المقبلة التي ستعقد في جنيف في 8 فبراير المقبل برعاية الأمم المتحدة.

وشدد البيان على أنه "لا يوجد حل عسكري للنزاع، وانه من الممكن فقط حله عبر عملية سياسية تعتمد على تطبيق قرار مجلس الامن رقم 2254 بشكل كامل".

وقالت روسيا وايران حليفتا دمشق، وتركيا الحليف الرئيسي لفصائل المعارضة انها ستسعى "عبر خطوات ملموسة وباستخدام نفوذها على الأطراف، إلى تعزيز نظام وقف إطلاق النار" الذي دخل حيز التنفيذ في 30 ديسمبر الماضي وأدى إلى خفض العنف رغم خروقات متكررة.

وورد في البيان أيضاً أحد المطالب الرئيسية لوفد النظام وهو الفصل بين المعارضين "المعتدلين" ومتطرفي تنظيم الدولة "داعش" وجبهة فتح الشام "جبهة النصرة سابقاً".

وأكد البيان أن وفود البلدان الثلاثة "يعيدون التأكيد على تصميمهم محاربة "داعش" و"النصرة" بشكل مشترك" كما أنهم "يعبرون عن قناعتهم بأن هناك حاجة ملحة لتصعيد جهود إطلاق عملية مفاوضات وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254".

كما أكدت الدول الثلاث أن اجتماع أستانة "منصة فعالة للحوار المباشر بين" دمشق والمعارضة وفقاً لما "هو مطلوب بموجب قرار مجلس الأمن 2245".

ولم يوقع أي من الطرفين السوريين على البيان الختامي ولم تحصل أي جلسة مفاوضات مباشرة بينهما، وكانا ممثلين بالدول الراعية للقاء أستانة.

من جهته، قال رئيس وفد الحكومة السورية بشار الجعفري خلال مؤتمر صحافي "نعتقد أن اجتماع أستانة نجح فى تحقيق هدف تثبيت وقف الاعمال القتالية لفترة محددة الأمر الذى يمهد للحوار بين السوريين".

واضاف رداً على سؤال ان "في وادي بردى 8 او 9 قرى تم تحريرها بالكامل، وبقيت واحدة هي عين الفيجة، لذلك لم يعد هناك مشكلة اسمها وادي بردى".

وتابع أن "المجموعة الإرهابية الموجودة في عين الفيجة وتستخدم المياه كسلاح للضغط على الناس والحكومة هي جبهة النصرة، لذلك العميات العسكرية مستمرة ضدها هناك". وختم الجعفري أن "تحديد المناطق شأن سيتولاه الخبراء العسكريون (...) سيتم وضع خرائط عسكرية وتبادل معلومات بين الضامنين والجيش السوري لتحديد أماكن داعش والنصرة والمتحالفين معها".

من جهته، أعلن رئيس وفد فصائل المعارضة محمد علوش أن دمشق وطهران تتحملان مسؤولية عدم إحراز "تقدم يذكر" في هذه المباحثات.

وقال علوش "إلى الآن لا يوجد تقدم يذكر في المفاوضات بسبب تعنت إيران والنظام".

والمحادثات هي الأولى منذ بداية الحرب بين ممثلين عن النظام وقادة الفصائل الذين يتولون قيادة الآلاف من المقاتلين ويسيطرون على عدد من المناطق.

واذا كانت روسيا غيرت بشكل جذري الوضع في سوريا من خلال تدخلها العسكري في خريف عام 2015، وخصوصاً تمكن الجيش السوري من طرد المقاتلين من حلب في ما شكل اكبر انتصار للنظام منذ بدء الحرب، إلا أن مبادراتها لإقامة سلام دائم تواجه صعوبات.

وتزامناً مع محادثات أستانة، دعت الأمم المتحدة الدول المانحة إلى تخصيص 4.6 مليارات دولار إضافية لمساعدة ملايين السوريين اللاجئين في البلدان المجاورة لسوريا.