قلناها مراراً، تأتي مرحلة تاريخية حرجة يصبح الوقت فيها كالسيف إن لم تقطعه قطعك! تصبح المسائل ليست اختيارية بل إجبارية وإلزامية، وتأخير أي خطوة قد يقلب المعادلة رأساً على عقب، فتتغير النتائج وتكون كارثية وصادمة! يكون عامل الوقت هو الفيصل ونقطة التحول الكبيرة للأحداث واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب هو من يحسم المسألة برمتها ولنا في المواقف التاريخية المصيرية خير مثال!

منذ أن بدأت الأزمة الأمنية في عام 2011 والخلايا الإرهابية الإيرانية في البحرين تلمح تارة وتعلن تارة أخرى عن الإرهاب المسلح، عن نفير ما يسمى بـ «الكفاح المسلح»، عن أهمية تنفيذ الانقلاب المسلح، كل هذه المسميات من التخطيطات الإرهابية تصب في خانة واحدة «اختطاف شرعية البحرين وعروبتها» وكلها مؤشرات عن امتلاكهم لمخازن الأسلحة المهربة وتلقيهم التدريبات اللازمة، ألم يعلنوا في أزمة البحرين الأمنية بعد أن «حمى الوطيس فيها» وبدأت جرائمهم تزداد وتيرتها و«تنفلت»، أنهم سيبدأون في القيام بسلسلة اغتيالات لعدد من الشخصيات الوطنية والسياسية قبل إسقاط النظام بالكامل؟

الجريمة الغادرة التي تمت واستشهد فيها الملازم أول هشام الحمادي رحمه الله - ألهم الله أهله وذويه الصبر والسلوان ومسح على قلوبهم - سابقة إجرامية خطيرة وتطور نوعي للجرائم الإرهابية، بلا شك كل هذا الكلام صحيح لكن لننظر من زاوية أخرى: ألم يعلنوا مراراً وتكراراً أنهم سينتقلون إلى مرحلة الإرهاب المسلح؟ ألم يعلنوا كثيراً أنهم يطمحون إلى المواجهة المسلحة مع النظام؟ ألم تعلن خلاياهم المساندة في العراق وسوريا ولبنان أنهم يدعمون هذه الفكرة وأن قتل رجال الأمن هي الخطوة الأولى لمشروعهم حيث تأتي من باب تصفية «مرتزقة النظام» كما يصفونهم تمهيداً لإسقاطه؟ بل ألم يقولوا مؤخراً أنهم سيثأرون ممن تم إعدامهم كما قالوا إنهم سيلبسون أكفانهم دفاعاً عن قائد إرهابهم من حلل دماء رجال الأمن ودعا لسحقهم بالإرهاب المدعو عيسى قاسم؟

الحمادي في عيونهم ليس رجل أمن، يؤدي واجبه الوطني قبل الوظيفي، وليس مواطناً بحرينياً مثل بقية المواطنين، وشاباً في مقتبل عمره، بل في تصنيفهم العنصري المتطرف «عميل للنظام ودمه حلال»! ليس مهماً بالنسبة لهم أن يكون لدى الحمادي رحمه الله أبناء لم تتجاوز أعمارهم الثلاث سنوات، وليس مهماً أن تحرم منه والدته وترمل زوجته، ليس مهماً شعور أهله وهم يستمعون إلى كيف تمت عملية اغتياله ويرون قتلته، ومن يدعمهم من عديمي الإنسانية والإحساس، يشاطرونهم التبريكات، كما إن الإحساس يكون منعدماً، وهم يتداولون صوره ويهنئون بعضهم البعض، ويضعون صوره على الكعك والحلويات ويصممون مقاطع الفيديو التي تحوي أغاني الفرح والشماتة بموته، وينشرونها على «يوتيوب»، المهم أن يروح ضحية أجندتهم القذرة.

عند الحمادي تنسف حقوق الإنسان والإنسانية وصحوة الضمير، تنسف الحريات وتعدم المشاعر وتصمت دكاكين حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية والإعلامية المختلة التي تستبدل كلمة استشهاد باغتيال، الحمادي رجل أمن يؤدي مهمته في الدفاع عن البحرين، لكن عند من بالخارج هو شوكة في خاصرة أوهامهم، وهو سيف مسلط على رقابهم، لذا فهو خارج دائرة أضوائهم ونضالاتهم المشبوهة، الحمادي إن ذهبت قصته من ساحة إعلامهم المضلل وحاولوا إغلاق ملف قضيته وتفاصيل قصته فلا يجب أن يذهب دمه عبثاً لدينا في البحرين، ولا يجب أن تقل عقوبة من اقتطفوا حياته بهذه الوحشية سوى الإعدام، الإعدام لكل إرهابي قاتل!

وكلاء الإرهاب الإيراني في البحرين لن يتوقفوا أبداً والتاريخ يشهد بذلك بدءاً من عواصف الفوضى الأمنية التي تظهر شرارتها ثم تخفت على أمل أن ترجع أقوى مما سبق، مثلما حدث في مرحلة الثمانينات ثم التسعينات، حتى يومنا هذا، هم لن يهدأوا حتى يؤسسوا دولتهم الإرهابية في البحرين، كما فعلوا في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، هم يريدون «حزب الله» بنسخة بحرينية، هم يريدون «الحشد الشعبي» البحريني، المسألة أكبر من «مجرد جهالوا» يرمون الشرطة بالمولوتوف والإطارات الحارقة.

لقد قالوها مراراً وتكراراً «ارحلوا»، وهم يقصدون بذلك شرفاء البحرين من الشعب قبل نظامه، هم يقصدون أن أي شخص لا يشجع توجهاتهم سيكون مصيره كمثل مصير ما يفعلونه اليوم من جرائم وحشية بأهل العراق وسوريا والأحواز واليمن، لا يمكن أن تهدأ إيران التي صرفت الأموال وهربت الأسلحة واهتمت بإنشاء المعسكرات التدريبية وسيست الخطابات الدينية حتى وصل الأمر إلى محاولات ترويج المخدرات ونشر الفساد الأخلاقي في مجتمعاتنا، لا يمكن لمشاريعها في منطقة الخليج العربي إلا أن ترى النور!

لقد كشف عملاء إيران في البحرين أكثر من مرة «أكثرها ما بين عامي 2014 و2015» نيتهم للانتقال من مرحلة سلمية القنابل والمولوتوف إلى مرحلة الإرهاب المسلح، على أمل أن تكون هناك حرب أهلية مكملة لسلسلة الحروب الأهلية في المنطقة، التي عندما تشيع فإنه بإمكان عصاباتهم الإرهابية في لبنان والعراق وسوريا التسلسل إلى داخل الوطن، لقد أعلنوا أنهم يودون استنساخ التجربة اللبنانية تحديداً في تنفيذ الاغتيالات السياسية، هم باختصار يريدون البحرين بحراً من الدماء!

مرحلة الاغتيال الطائفي هي ما ينشدونه، الإرهاب المتطرف هو عنوانهم، لذا فسيف الوقت يجب استغلاله لقطع كل هذا المد الإرهابي، التأخر ولو لفترة قد يعني المجازفة بخسارة جولتك في محاربة الإرهاب للأبد! لابد من تغليظ قوانين الإرهاب ولابد من محاكمة الإرهابيين في المحاكم العسكرية، ولابد من إيجاد سجن خاص بالإرهابيين، ولو كلف الأمر أن تديره قوة أمنية خاصة، الاستثناءات في الحروب دائماً ما تكون الخيار الأفضل ونحن اليوم نواجه حرباً طاحنة ضد الإرهاب بسبب الانعكاسات الإقليمية من حولنا غير الحرب التي واجهناها في 2011 والظروف لن تخدمنا دائماً إن لم نخدم أنفسنا.

* إحساس عابر:

إلى عائلة الشهيد هشام الحمادي رحمه الله، ابنكم بطل من أبطال الأمن، فلا تحزنوا فقد سبقكم للجنة، وهو شفيعكم عند الله بإذنه لأنه شهيد الوطن ومن قتله فليجزع فمستقره جهنم وبئس المصير.