كتب ـ عبدالرحمن صالح الدوسري:
ناصر محمد «أبو بدر» كنز معلومات حقيقي، صاحب ذاكرة رياضية خصبة، بحرينية وخليجية وعربية، مُجيد للنكتة محب للآخرين، للحديث معه مذاق مختلف، فتح لنا دفاتر سالف الأيام، جُلنا في صفحاتها وصورها، كانت الحكايات هناك تحمل عبق الماضي الجميل، وسوالف أيام زمان وأغانيها وأشعارها وذكرياتها.
البداية من محطة السيارات
ولد أبو بدر في محطة السيارات القديمة بالمحرق 22 فبراير 1954، أقام في السعودية بمنطقة الخبر شطراً من حياته، في عام 1960 قدم إلى البحرين مع أسرته عندما عمل والده في شركة «بابكو».
درس في مدرسة عمر بن الخطاب عاماً واحداً، انتقل بعدها إلى مدرسة خالد بن الوليد ثم إلى الهداية الخليفية يقول «كنت حينها في الصف الخامس الابتدائي، كانت آخر سنة ابتدائية في المدرسة عام 1965، عدت بعدها إلى الهداية لدراسة الإعدادية، واستمرت دراستي فيها حتى تخرجي عام 1972».
في بنك البحرين الوطني
قضى أبو بدر حياته موظفاً في بنك البحرين الوطني «كانت البداية يوم 2 يوليو 1972، ولا أزال مستمراً بالعمل في البنك، تنقلت بين العديد من الدوائر والأقسام المختلفة، وأعمل الآن سكرتيراً لمجلس إدارة البنك.. عملت مع أشخاص كثر أكن لهم كل المحبة والتقدير، بدأت براتب 60 ديناراً».
ويتذكر أبو بدر زملاء الدراسة «محمد سلطان وعلي عبدالرحيم كانا زميلي الصف منذ بداية دخولي المدرسة، والأخير عمل معي في البنك حتى تقاعده المبكر مؤخراً، وعيسى الشايجي رئيس تحرير صحيفة الأيام والمرحوم عبدالله السيد وحمد الحربي وأحمد عبدالرحيم».
المشوار الكروي
يعتبر ناصر محمد الانتقال إلى فريق النهضة من أهم المراحل في بداية حياته الرياضية «كنت ألعب في الفريج بمحطة السيارات القديمة بالمحرق، وكالعادة البداية تكون مع الفرق الصغيرة، كنت القائد دوماً وحصلت على دعوة من المدرب أحمد هزيم للانضمام لأشبال النهضة عام 1967، كانت بداية عشقي للأخضر».
توطدت علاقة أبو بدر مع أعضاء النادي «خرجت بالعديد من المعارف اعتز بصحبتهم وفي مقدمتهم الثلاثي شناف فيصل، أحمد هزيم، ومحمود جمال» ويضيف «لعبت في فريقي الأشبال والشباب مع مجموعة من اللاعبين منهم إسحاق عبدالله، أحمد بوحجي، يوسف أحمد، محمد المناعي».
سمع أبو بدر عن الأب الروحي والرئيس الفخري للنادي أو الفريق آنذاك الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة «لم أعرفه أو اقترب منه إلا في أواخر السبعينات، كانت أول سفرة لي معه في المؤتمر الرياضي العربي الأول بالمغرب عام 1979 مع الإخوة جميل الجشي، مبارك بن دينه، محمد حمادة، كنت أمثل الصحافة البحرينية في المؤتمر آنذاك».
كسب ناصر محمد في فريق النهضة الكثير من الأصدقاء، لعب معهم وشاركهم العديد من مباريات النادي أمثال «فؤاد العمادي، إبراهيم أكبر، وليد الساعي، عبدالجليل العبدالله، سلطان إبراهيم، محمد علي نجم المناعي، محمد الحدي، علي غدير وإخوة آخرون».
مارس كرة السلة بتشجيع من الكابتن محمود جمال «لعبت مع فريق البحرين فترة قبل تأسيس الاتحاد مع مجموعة ضمت جاسم مرشد، يوسف أحمد، عبدالله كمال، جاسم مسيفر، أحمد النعيمي وخالد جمعة، ولعبت لنادي الرفاع لثلاثة مواسم مع بداية تأسيس اتحاد كرة السلة، وحصلت على كأس اللاعب المثالي للدرجة الثانية مع الفريق، وحققنا بطولة دوري الدرجة الثانية مرتين».
ودع أبو بدر عالم الكرة نهائياً بعد أن لعب السلة لنصف موسم مع فريق الحالة، وبطلب من مدرب الفريق آنذاك عبدالله عيسى عام 1977» ويتابع «أحببت السلة وعشقت اللعبة، وعشقي للسلة ما زال يرافقني، أما كرة القدم فقد لعبتها على مستوى الشباب وحققنا عام 1971 بطولتي الدوري والكأس تحت قيادة المدرب محمود جمال، لكني برزت في كرة السلة أكثر، ومازالت تربطني علاقات وطيدة مع الجيل الثاني للعبة».
ويذكر ناصر محمد صديقه صالح بن هندي «كان مدرس التربية الرياضية في مدرسة الهداية الخليفية، عمل فيها لمدة عام واحد اتجه بعدها إلى الحرس الوطني ـ قوة الدفاع، كنت الطالب الذي تشرف بالتعرف على المدرس ومازالت علاقتي قائمة به حتى اليوم».
عالم الصحافة
بدأ ناصر محمد مشواره الصحافي مع مجلة المواقف «كنت أعد مجلة الحائط بمدرسة الهداية عام 1972، بدعم من الأستاذ إبراهيم سعد مدرس الرياضة ومساندة د.عبدالحميد المحادين والأستاذ أيوب هليل».
ولعمل أبو بدر في المواقف قصة «كانت آنذاك بصدد إصدار ملحق رياضي، ودعيت لأكون ضمن الجهاز المعاون في إصدار الملحق، كانت بداية عملي بالمجلة منذ عام 1973، بعدها حضرت دورة كأس الخليج الثالثة بالكويت عام 1974».
تعرف ناصر محمد وتعامل مع زميل العمر محمد لوري «كانت توجيهاته طريقاً سرت عليه، عشقت النادي العربي بسبب حبي للاعب محمد الأنصاري، وكانت علاقتي مع لوري قوية، ولأنه من أبناء الحورة الذين أكن لهم كل التقدير والمحبة، خاصة أن بيت خالتي وزوجتي حالياً من الحورة، كنت أذهب إلى هناك وتعرفت على مجموعة كبيرة من العرباوية من اللاعبين والجمهور وأعضاء النادي».
البداية مع الأنباء الكويتية
بداية انطلاقة أبو بدر القوية في مجال المراسلات الصحافية كانت صدفة «في نادي القادسية الكويتي التقيت الأخ سرور سالم ديسمبر 1975، وتعرفت على الأخوين العزيزين عبدالمحسن الحسيني وأسامة صبري، وعرضا علي فكرة العمل كمراسل لجريدة الأنباء الكويتية التي كان مقرراً أن تصدر يناير 1976، وقبلت العرض وعملت بالجريدة ولا أزال حتى اليوم واحداً من أقدم العاملين بالأنباء وصاحب رقم قياسي أعتقد أنه لن يتكرر لمراسل صحيفة».
في الأنباء الكويتية تعلّم ناصر وتخرج «اعتز بالعمل في الصحيفة، وعرفت كيفية السعي للحصول على الخبر وما لعبته من دور في مسيرة الرياضة البحرينية.
في عام 1977 استدعاه محمد حمادة للعمل في لجنة العلاقات العامة باتحاد الطائرة «عملت معهم عدة سنوات رشحت من خلالها لعضوية اللجنة الإعلامية بالاتحاد العربي لكرة الطائرة عام 1978، ودخلت مجلس إدارة الاتحاد عام 1980 برئاسة الراحل الشيخ عبدالرحمن بن فارس آل خليفة لمدة عام، ومع حمادة أمضيت 7 سنوات أخرى ثم سنة مع المرحوم سمو الشيخ سلمان بن محمد آل خليفة حتى عام 1989».
ويسرد أبو بدر علاقته بنادي الوحدة «كان السبب الرئيس فيها عندما رشحني الأخ عبدالله الذوادي وبدعم من بعض الإخوة لاستلام أمانة السر في النادي في أول مجلس ترأسه الشيخ فواز بن محمد آل خليفة أبريل 1992، على أساس التعيين لمدة عام واحد رغم عدم موافقة رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة على الطلب، إلا أن الذوادي أقنعه بالموافقة للعمل عاماً واحداً لكن هذا العام استمر 9 سنوات حتى 2001، بعد أن عُيّن الشيخ فواز رئيساً للمؤسسة وتسلم الشيخ هشام بن عبدالرحمن رئاسة النادي عام 1997».
كان ناصر الصحافي الرياضي الوحيد الذي حضر 6 دورات أولمبية منها دورتين في لوس أنجلوس وسيول اللتان حضرهما أيضاً محمد لوري حيث كان أمين سر اتحاد الطائرة، وحضر كصحافي فيما بعد 4 دورات في برشلونة أتلانتا سيول وأثينا ويقول «اعتز بمن عملت معهم خلال مشواري الرياضي والصحافي، ولكن يظل بعضهم علامات مميزة في حياتي أكن لهم كل الشكر والتقدير».
في ميادين العمل الإداري
يضيف ناصر «شجعني الأخ محمد حمادة على دخول ميدان العمل الإداري إلى جانب حبي وعشقي للصحافة، كان أول منصب لي في العلاقات العامة باتحاد الكرة الطائرة عام 1978 ودخلت مجلس إدارة الاتحاد عام 1980، واستمرت علاقتي مع اللعبة 3 دورات حتى عام 1989 مع الراحل سمو الشيخ سلمان بن محمد بن سلمان آل خليفة، وكنت قبلها مع الشيخ عبدالرحمن بن فارس ومن بعده حمادة بعد سفر أبو فراس إلى لندن كسفير، وتوليت منصب أمين السر العام 1980».
رُشح للعمل كأمين سر لاتحاد السلة عام 2001 حتى عام 2005 «لم أتمكن مع الأسف الشديد من العمل مع بناء الصالة الجديدة، وضم المجلس الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل خليفة رئيساً ومن الأعضاء حميد عباس وجاسم السندي وجعفر الثقفي وسلمان حبيل وعزيز السماك وعبدالرضا قربان».
عمل أميناً للسر بنادي البحرين تقديراً منه لدور النادي في مسيرة حياته الرياضية «مع الأسف لم أستطع تكملة المشوار إلا عاماً واحداً، عاد خلاله الفريق إلى صفوف أندية الكبار بعد هبوطه».
مؤلفات وجوائز
دخل ناصر ميادين الكتابة والتأليف أيضاً، منها كتاب «والله زمان» عام 1995 «جمع الكتاب العديد من الصور القديمة بمجال الرياضة البحرينية، وهذه الصفحة تحمل نفس الاسم كنت بدأتها من مجلة «هنا البحرين» ثم نقلت إلى الأيام وتخصصت فيها على مدى سنوات طويلة ومازالت».
ويعتبر أبو بدر حصوله على جائزة الراحل طارق المؤيد للصحافة الرياضة في سنتها الأولى كأول من يحوزها لعام 2010 مصدر اعتزاز وفخر «اعتز بالحصول عليها خاصة أنها تحمل اسم وزير الإعلام السابق المرحوم طارق المؤيد، صاحب الدور البارز في تأسيس الإعلام الحديث في البحرين، وأهدي الجائزة لروح شقيقي المرحوم عبدالله». وأسهم ناصر مع سالم رشدان في إعداد كتاب «الفيصل فقيد الشباب « عن المرحوم الشيخ فيصل بن حمد آل خليفة عام 2008، وقبل ذلك كتاب «ملك ومحبة شعب» عام 1987 «شاركت في تأليف كتب اعتزال للعديد من اللاعبين المعتزلين على مدى سنوات طويلة».
وألّف كتاباً عن دورات كأس الخليج من الأولى وحتى الثامنة تحت عنوان «دورات كأس الخليج من البحرين وإليها» ويقول «جميع هذه الكتب لهم مكانة كبيرة في قلبي لما تحمله من أمور مهمة في خدمة البحرين». كُرّم ابو بدر في العديد من المناسبات منها يوم التكريم الأولمبي من الاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية كأحد المؤسسين للاتحاد عام 1978، والاتحاد العربي للصحافة الرياضية.
تاريخ وشخصيات
هناك العديد من الأشخاص والأخوة لهم مكانة خاصة لدى ناصر محمد «منهم الأستاذ أحمد هزيم والكابتن والوالد شناف فيصل والأستاذ محمود جمال، وصالح بن هندي والشيخ عيسى بن راشد آل خليفة اللذان اعتبرهما المثل الأعلى، واستفدت من كل واحد منهما في عدة نواحٍ، كان لهما التأثير الإيجابي في حياتي».
ولايمكن لناصر أن ينسى أحمد محمود «كان أول من شجعني على الانضمام لبنك البحرين الوطني، وكذلك الزميلان الراحل أسامة صبري من القاهرة والأخ العزيز عبدالمحسن الحسيني من الكويت، لدورهما في عملي بجريدة الأنباء وتوجيهاتهما طيلة سنوات البداية، والكثير من لاعبي الكرة في القاهرة منهم المرحوم حمادة الشرقاوي والكابتن علي أبوجريشة، ولا أنسى مساهمة إسحاق خنجي في تزويدي بالصور من أرشيفه الغني بلاعبي وأحداث الرياضة في البحرين أيام زمان».
حكايا الرحلات
أبو بدر عاشق للسفر منذ أيام الشباب الأولى، زار دول العالم وجال شرقها وغربها «كنت أحب السفر مع الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، وكانت سفرتي الأولى معه إلى المغرب عام 1979، وبعدها استمرت رحلاتي مع أبو عبدالله إلى أكثر من دولة ومناسبة رياضية، وكانت من ضمن سفراتي الجميلة، مشاركتي الرسمية كصحافي في دورة الخليج العربي الثالثة بالكويت عام 1974، بعدها سافرت للعديد من الدورات الخليجية والعربية والآسيوية، وكانت سفراتي المتكررة لأشقائي وأصدقائي في مصر من الرياضيين واللاعبين والمسؤولين والفنانين، تجعلني أحرص على زيارتهم أكثر من مرة بالسنة، ومازالت الكويت والقاهرة أقرب المدن إلى قلبي».
أنا وأولادي أصدقاء
يُشبّه ناصر محمد علاقته بأسرته بالصندوق المغلق «العلاقة مع أبنائي بنيت على الصداقة والصراحة، مايجعلني دوماً قريباً من عائلتي، أشاركهم كل قضاياهم ومشاكلهم، ولا أجد منهم إلا الصراحة والقلب المفتوح في الحوار».
يعتز أبو بدر بتربيته لأبنائهم «تربية سبق أن غرسها فينا آباؤنا وأجدادنا، حب هذه الأرض وأهلها وحكامها ودائماً ولاؤنا لهذا البيت الذي أكلنا وشربنا وتربينا فيه ومازلنا ننهل من خيراته».
لناصر أربعة أولاد وبنت «أكبرهم بدر ملازم أول بوزارة الدفاع ويعمل مهندساً، وهو خريج اسكتلندا، فهد طبيب أسنان خريج جامعة أوكرانيا، وأنفال خريجة هندسة ديكور وتعمل مدرسة، ومحمد طالب جامعي، وأصغرهم فيصل لازال طالباً في المرحلة الثانوية».
ويشكر أبو بدر جريدة الوطن على ما تقدمه من خدمة جميلة من خلال «ملفى الأياويد» «لتعيد للذاكرة أياماً جميلة مضت لتدرسها الأجيال الحالية تماماً كما أفعل من خلال تجربتي في «والله زمان»، أود أن أنقل صوراً جميلة لزمن جميل بسيط عاشه أهلة بكل محبة ومودة».