شي جينبينغ الذي سيقود البلاد الأكثر سكاناً في العالم حتى 2022، رجل غامض ترتبط شخصيته إلى حد كبير بمسيرة رجل دولة عرف كيف يرتقي بمهارة وحذر عبر كل درجات هرم النظام الشيوعي.
وهو أول قيادي يولد بعدما أسس ماو تسيتونغ النظام في 1949، وهو ابن أحد أبطال الثورة الذين يطلق عليهم اسم «الأمراء الحمر» الذين يشكلون القيادة الجديدة لثاني قوة عالمية.
وفي سن التاسعة والخمسين يخلف شي جينبينغ صاحب القامة الطويلة الرصين بوجهه المدور الوردي وشعره الحالك السواد، هو جينتاو الذي يكبره بعشر سنوات، في منصب الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، الحزب الواحد النافذ وبالتالي في قيادة البلاد.
وخلافا للهيئة الصارمة وحركات سلفه البارد الأقرب إلى حركات الروبوت، يعتبر شي جينبينغ أكثر بشاشة وطبيعية.
وأثبت ذلك فبدا مرتاحاً في أول ظهور في ثوب القائد الأعلى وقد علت ملامحه ابتسامة عندما ألقى كلمة خلت من اللغة اللينينية المعهودة في أعلى أوساط الحزب. لكن وراء المظاهر يظل الرجل لغزاً في الأساس.
حتى أن زوجته بينغ ليونان المغنية في جيش التحرير الشعبي، أكثر منه شهرة في الصين. وقد رزق الزوجان ببنت تدعى شي مينزي تدرس في هارفرد بالولايات المتحدة تحت اسم مستعار.
وقد تصدع اللغز الذي يحيط بشي جينبينغ في يونيو الماضي عندما كشفت وكالة بلومبرغ ثروة أقاربه الطائلة لكن سرعان ما سقط التحقيق تحت الرقابة في الصين.
وزاد شي شخصياً في اللغز مطلع سبتمبر الماضي عندما اختفى بدون أي تفسير نحو 12 يوماً مثيراً عدة تكهنات حول حالته الصحية.
وقد فاجأ شي جينبينغ الجميع في 2009 عندما هاجم خلال زيارة إلى المكسيك بلهجة حادة «الأجانب، أصحاب البطون المليئة، الذين ليس لهم ما يفعلوا سوى التهجم» على الصين.
وأفادت برقية كشفها موقع «ويكيليكس» أن شي جينبينغ تحدث مع دبلوماسيين أمريكيين عن شغفه بأفلام الحرب الهوليودية ويبدو أنه يفضل فيلم «يجب إنقاذ الجندي رايان» للمخرج سبيلبرغ.
ومن أجل الإلمام بلغز شي يجب العودة إلى سنوات شبابه الغامضة.
كان أبوه شي جونغشون أحد مؤسسي الحركة المسلحة الشيوعية في الشمال لكنه سجن في عهد ماو قبل أن يرد له الاعتبار مع عودة دينغ سياوبينغ إلى السلطة.
وعانت بقية العائلة من الثورة الثقافية بين 1966 و1976، عندما أرسلت أمه شي إلى معسكر أشغال شاقة وقتلت أخته غير الشقيقة.
وتفيد النبذة الرسمية أن شي اغتنم في شبابه المكتبات المهجورة ليتثقف فعكف على قراءة كل ما عثر عليه من كتب، وأرسلوه إلى الريف عندما كان مراهقاً إلى قرية شانشي التي تتميز منازلها بأنها كهوف «لإعادة تربيته» بين الفلاحين على غرار الملايين من طلاب الثانويات والجامعات.
واستاء من الظروف الصعبة وريبة القرويين ففر بعد بضعة أشهر، لكن قبض عليه وأودع في معسكر أشغال شاقة قبل العودة إلى أشغال الريف في شانشي، وانضمامه إلى الحزب في 1974.
والتحق سنة 1975 بجامعة تسينغوا الشهيرة في بكين بتوصية من الحزب الشيوعي وتخرج بشهادة مهندس في الكيمياء وهي مهنة لم يمارسها أبداً.
وتولى أول مناصبه بفضل علاقات والده ثم تحول بنجاح إلى أحد الكوادر الشيوعيين متمسكاً بالتكتم ومتفادياً العقبات.
وعاد شي إلى البيئة المفضلة في طفولته ثم تزوج من ابنة سفير الصين في بريطانيا قبل أن يطلقها بعد 3 سنوات.
وفي 1985 انتقل إلى آيوا في أمريكا العميقة لدراسة الزراعة الأمريكية.
وتابع صعوده، فعين حاكما لإقليم فيجيان سنة 2000، ثم في 2002 زعيم الحزب في جيجيانغ الولايتان اللتان تعتبران واجهة الإصلاحات في الصين.
ودعاه هو جينتاو في 2007 لتنظيف شنغهاي حيث أطاحت فضيحة فساد بزعيم الحزب فحل محله.
وفي أكتوبر 2007، انضم شي جينبينغ إلى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي الذي يعتبر نواة الحكم في الصين.
وبعد أن كان الرجل رقم 6 من بين 9، واصل صعوده حتى أصبح في مارس 2008 نائب الرئيس ثم نائب رئيس اللجنة العسكرية الكبيرة النفوذ في أكتوبر 2010 وتحول إلى مساعد هو جينتاو.
وغالباً ما يفترض في الخارج أن القادة الصينيين إصلاحيون عندما يتولون مهامهم غير أن البعض يرى أن شي من المدافعين عن القطاع الخاص والانفتاح على الاستثمارات الأجنبية.
ويرى آخرون أنه لن يغير شيئاً في الاتجاه الحالي، بينما يقول البعض الآخر أن ليس لديه ما يكفي من المعلومات حول الطريقة التي سيحكم بها البلاد.
^ «فرانس برس»