حاوره عبدالله إلهامي:
قال رئيس جامعة المملكة د.يوسف عبدالغفار إنه من المقرر الانتقال إلى المباني الجديدة للجامعة والمصممة لاستيعاب حوالي 2000 طالب، بحلول العام الدراسي المقبل في سبتمبر، وذلك بعد أن وافق مجلس التعليم العالي على اعتمادها كحرم جامعي متكامل، ومشتملاً على كل الإمكانات والمرافق الخدمية الطلابية التي ستساهم في كفاءة الأداء التعليمي للطلبة.
واعتبر د.يوسف عبدالغفار، في حوار مع «الوطن»، أن الجامعة جاهزة لمراجعة برامجها الثلاث المغلقة وتقييمها من الهيئة الوطنية المختصة بالتقييم والاعتمادية.
وأشار إلى أن حصوله على جائزة القيادات الآسيوية في مجال العطاء العلمي والتعليمي المتميز إضافة كبيرة لرصيد المملكة على مستوى التعليم العالي، مشيراً إلى أن إسهاماته العلمية والتعليمية تصب في النهاية في مجال تطوير التعليم البحريني الذي توليه قيادتنا الرشيدة عنايتها واهتمامها، وتضعه في سلم أولويات خطط التطوير التي تعمل على تنفيذها، إيماناً بتكاتف الجهود والخبرات وتوحيد الأهداف.
ويعتبر البروفيسور يوسف عبدالغفار الأول بحرينياً الذي ينال جائزة القيادات الآسيوية في مجال العطاء العلمي والتعليمي المتميز، للعام الثاني على التوالي.
وفيما يلي نص الحوار:
ماذا يمثل حصولكم على جائزة القيادات الآسيوية في مجال العطاء التعليمي المتميز للعام الثاني على التوالي؟
الجائزة تتويج للقدرات العلمية البحرينية وتأكيد على حضور المملكة وتنافسيتها في المحافل العالمية في مجال التعليم العالي، إذ إنها تمنح بناء على الرؤى المستقبلية لتطوير التعليم العالي في المنطقة العربية والآسيوية، والمساهمة في إثراء مفهوم التعليم المستقبلي وتعزيز دور الجامعات البحثي والتنموي، إضافة إلى القدرات الشخصية للمرشح، بما في ذلك القدرات الإدارية والقيادية للمؤسسات التعليمية العليا، وما حققه المرشح من مشاركات علمية في المحافل الدولية وما يتمتع به من إنجازات وعضوياتها في الهيئات والمراكز العلمية العالمية.
وفي سياق الحديث عن الجامعات العربية عموماً، فإنه من المؤسف أن دخول الجامعات العربية في قائمة أفضل 500 جامعة على مستوى العالم، بحسب تصنيف مؤسسة شانغهاي، يكاد يكون محدوداً جداً، لكن ما يبعث على التفاؤل أنه خلال الأربع أو الخمس سنوات الأخيرة ظهر تقييم جديد لمؤسسة أخرى لديها معايير مختلفة عن سابقتها، وتسمى «QS» ومقرها في سنغافورة، وسجلت بعض الجامعات العربية حضوراً في قائمتها لأفضل 500 جامعة، إلا أن هذه الجامعات العربية تبقى تتراوح في مستوياتها في القائمة ما بين 450-500، بخلاف جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك سعود اللتين حققتا مستويات متقدمة عن غيرها من الجامعات العربية.
لقد أصبح معيار التقدم والتطور للجامعات يقاس بترتيبها في مثل هذه القوائم العالمية، لكن جدير بالذكر أن أفضل الجامعات تصنيفاً هي جامعات خاصة، مثل جامعة هارفورد وجامعة MIT، فهما جامعتان تمتلكان ميزانيات بحجم دولة، ولديهما أوقاف ومقدرات بحثية ضخمة، وأساتذة متميزون، الأمر الذي أوصلها إلى هذا المستوى من التقدم والتطور، آملين أن تتمكن جامعاتنا العربية والخليجية، من الوصول إلى هذه الإمكانات التي تهيئها للمكانة العلمية المتقدمة.
ما الخطط المستقبلية للتوسع في جامعة المملكة على مستوى المباني والمجال الأكاديمية؟
من المقرر الانتقال إلى المباني الجديدة المصممة لاستيعاب حوالي 2000 طالب، بحلول العام الدراسي القادم في سبتمبر، وذلك بعد أن وافق مجلس التعليم العالي على اعتمادها كحرم جامعي متكامل، ومشتملاً على كل الإمكانات والمرافق الخدمية الطلابية التي ستساهم في كفاءة الأداء التعليمي للطلبة.
وقد سمح لنا مجلس التعليم العالي في سبتمبر العام الماضي بقبول 150 طالباً، وفي الفصل الثاني سمح المجلس لكل الجامعات بقبول عدد مماثل لعدد خريجي الفصل الأول من نفس العام، وهذا العام نأمل زيادة هذا العدد لأسباب متعلقة بانتقالنا للمبنى الجديد بطاقته الاستيعابية الجديدة، ونتوقع ألا يقل ذلك عن 300 طالب في مختلف البرامج، وقد رفعنا لأمين عام مجلس التعليم العالي خطاباً متضمناً هذه الزيادة.
وفيما يتعلق بالبرامج الدراسية فإننا نعمل جاهدين على تطويرها بشكل مستمر، إذ إنها ترسل سنوياً لمجموعة من المحكمين العالميين في أنحاء أوروبا لإضافة ملاحظاتهم عليها، وما يتم الاتفاق عليه من قبلهم ينظر فيه بشكل جدي لإضافته، بحيث تعتبر الاستعانة بجهات وخبرات علمية خارجية لإبداء الرأي والتقييم يعتبر زيادة كبيرة لقيمة مناهج جامعة المملكة التي تسعى دائماً إلى التطوير هذه البرامج بما يتواءم مع الرؤى العلمية الجديدة وحاجة سوق العمل، إضافةً إلى تطوير المرافق المختلفة من أنظمة ولوائح ونشاطات منهجية ولا منهجية ومختبرات وقاعات التدريب والتطبيق العملي من خلال الورش التدريبية المختلفة.
ما أبرز إنجازات النظام التعليمي بالجامعة.. ومحاولات التعاون مع جامعات عالمية للاعتراف بشهادتها؟
تتميز «المملكة» بثلاث نقاط رئيسة، أولها التفرد على مستوى الكثير من جامعات المنطقة في اعتماد مقرر التفكير الإبداعي كمتطلب جامعة لكافة التخصصات ولجميع الطلبة، والذي يساعد في فتح أفق أوسع للطلبة للتفكير بشكل متطور، وبرزت نتائجه من خلال طلبة كلية الهندسة المعمارية والتصميم الذين نالوا جوائز محلية عدة من بينها «جائزة الشيخ ناصر للإبداع في مجالي «التصميم الهندسي» و»التصوير الفوتوغرافي» إضافةً إلى حصول جامعة المملكة على بطولة المناظرات الثقافية على مستوى الجامعات البحرينية وذلك بعد فوزها على جامعة البحرين في المباراة النهائية.
كما تركز الجامعة على التدريب العملي لجميع الطلبة، إذ يتم توجيههم بالتنسيق مع الشركات والمؤسسات المختلفة في سوق العمل لقضاء فصل دراسي كامل في برنامج تدريبي تفصيلي، والنقطة الأخيرة تتمحور في زيادة الجانب التطبيقي خلال السنتين الدراسيتين الأخيرتين للطلبة بحيث تتوفر لهم الجاهزية العملية للانخراط في سوق العمل.
وزيادة في التوسع في تعزيز البرنامج التطبيقي فإننا بصدد التنسيق مع مجموعة من الجامعات الأوروبية، وبالتحديد في ألمانيا وبريطانيا، للتعاون معهم في تصميم برامج تدريبية وتطبيقية للهندسة المعمارية والتصميم، وإدارة الأعمال بشكل خاص، وفيما يتعلق بالاعتراف بالشهادة التي تمنحها الجامعة، فإنها تأتي في مرحلة لاحقة بعد تنفيذ برامج التعاون في مجال التدريب للطلبة.
كيف ترون واقع المخرجات التعليمية من مؤسسات التعليم العالي في سوق العمل؟
من المهم أن يؤخذ بعين الاعتبار جانب الثقافة العامة، ليصبح مكملاً للجانب العملي، ولعل تدني مستوى الاهتمام بالثقافة العامة، أوجد ركوداً في دراسة العلوم الإنسانية مثل اللغة العربية والتاريخ وعلم النفس والاجتماع، لذلك يجب أن تكون النظرة العامة قادرة على خلق توازن في العلوم والمعارف وتوجيه الطلبة لاختصاصات مختلفة، إضافة إلى التمكين الثقافي للطلبة، فخريجو الجامعات ينبغي أن يكون لديهم حد أدنى من المستوى الثقافي الذي يميزهم عن غيرهم من غير الدارسين الجامعيين.
إلى أي مدى استطاعت السياسات التعليمية المتبعة حالياً في المملكة دعم الاقتصاد الوطني؟
قبل تأسيس مجلس التعليم العالي أعطيت رخص لمجموعة من الجامعات، انطلقت بحرية في جميع الاتجاهات، وحينما أنشئ المجلس وضع قوانينه ولوائحه المختلفة والتي ضبطت أعمال الجامعات الأكاديمية والإدارية، وفي هذا السياق فإننا نأمل بتحقيق تشاركية بين المجلس والجامعات من خلال مثلاً الاجتماعات الدورية بينهما، يكون الهدف منها تعميق الإحساس بالمسؤولية للجامعات، وإشراكها في خلق الرؤية الوطنية للتعليم والتعليم العالي، ونحن إذ نقدر للمجلس دوره الفاعل في التواصل مع مختلف الجامعات، فإننا على يقين بأن مثل هذا التواصل الدائم والمستمر من شأنه أن يعزز من إمكانات الجامعات ويجعلها أكثر قدرة على التطور لخدمة التعليم العالي، ومن ثم خدمة اقتصادنا الوطني.
وقد بدأ المجلس بالفعل في خلق هذه الرؤية وهذه الشراكة مع الجامعات، فهو يعي تماماً أن التعليم العالي الخاص في البحرين يشكل عنصراً من العناصر المهمة للاقتصاد الوطني، وينبغي الإشارة إلى أنه كان في فترة من الفترات وجهة واختياراً لكثير من الطلبة في الخليج والمنطقة.
ومما يجب الإشارة إليه أن المجلس يركز على الخطط الاستراتيجية ويعطيها أولوية كبيرة في سياق متابعاته لأعمال الجامعات، بهدف ربطها بالاستراتيجية الوطنية للتعليم والتعليم العالي، لخلق توازن في البرامج والاختصاصات المطروحة في مختلف الجامعات، وهنا أذكر على سبيل المثال تضاؤل التوجه نحو الدراسات الطبية والهندسية، مع الأخذ بالاعتبار أن الدراسات الطبية لها أهميتها في سياق الصحة العامة للمجتمع، كما للدراسات الهندسية أهميتها في سياق تنمية المجتمع وتعزيز تطوره.
مستوى التعليم العالي في البحرين لم يرق حتى الآن للمستويات الإقليمية والدولية.. ما تعليقكم؟
لعلنا لا نجانب الصواب إن قلنا بأن واقع الجامعات العربية يعاني مشكلات ينبغي تجاوزها وإذا كان ثمة ثلاث جامعات عربية في مستوى مقبول من حيث اهتمامها بالكادر التعليمي المتميز وإمكاناتها العالية، فإن ذلك يلقي بظلاله على عاتق الجامعات الأخرى كي تحاول مواكبة عجلة التطور وتقدم نفسها كشخصية اعتبارية لها رؤيتها في خدمة أهدافها العلمية والتعليمية وخدمة مجتمعها، ولعل تجربة مثل تجربة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن التي حافظت على مستواها المتميز لأكثر من 30 سنة ماضية، تؤكد قدراتنا العربي على التقدم، ليس المهم عمل مقارنات كثيرة مع جامعات عالمية، المهم هو السعي نحو التطوير المستمر.
سبب إغلاق بعض التخصصات وعدم قبول الطلبة فيهم خلال العام الماضي؟
الجامعة الآن قادرة على قبول الطلبة في برامج القانون والتصميم الداخلي، وهنا فإن الجامعة تناشد مجلس التعليم العالي لمراجعة برامجها الأخرى، وتقييمها من الهيئة الوطنية المختصة بالتقييم والاعتمادية.
إن جامعة المملكة استطاعت أن تتواءم في أعمالها وبرامجها مع رؤية مجلس التعليم العالي ولوائحه، وهي على أتم الاستعداد لاستقبال فرق التقييم والمتابعة، وذلك إيماناً منها بأن التعليم العالي ينبغي أن يكون متوائماً مع حركة التطور العلمي، وأن ما تطرحه الجامعة يجب أن يكون منسجماً مع واقع سوق العمل، ولدى الجامعة رؤية متكاملة متعلقة بكافة أعمال التطوير ابتداء من البنية التحتية متمثلة في الحرم الجامعي الجديد، إلى القدرات العلمية والكفاءات الأكاديمية والخطط والبرامج العلمية.