دبي- (رويترز): يكشف الجزء الثالث والأخير من التحقيق الاستقصائي الذي أجرته وكالة «رويترز» أن «المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي استخدم نفوذه في تفصيل القوانين لتعزيز سيطرته على الاقتصاد من خلال الإمبراطورية التجارية الضخمة التي يسيطر عليها والمعروفة باسم «ستاد» والتي تقدر أصولها بنحو 95 مليار دولار». وذكر التحقيق أن «الحكومات المتعاقبة أضفت بطريقة ممنهجة تحت إشراف خامنئي الشرعية القانونية على المصادرة ومنحت الهيئة السيطرة على جانب كبير من الثروة المستولى عليها»، موضحاً أن «خامنئي والقضاء والبرلمان أصدروا على مدى السنين سلسلة مراسيم بيروقراطية وتفسيرات دستورية وقرارات قضائية تعزز وضع «ستاد»». وقال التقرير إنه «بعد أشهر من تولي السلطة في 1979 مرر الخميني، دستوراً جديداً يعتمد مفهوم ولاية الفقيه ومن بين مواد الدستور مادتان لـ»ستاد».
مراسيم بيروقراطية
وحاول المرشد الأعلى آية الله روح الله الخميني قبل وفاته في 1989 بشهرين حل مشكلة نتجت عن الثورة التي قادها قبل ذلك بعشر سنوات. وكانت الأراضي وغيرها من الأصول تصادر بأعداد كبيرة ممن يزعم أنهم أعداء للدولة الدينية الفتية. وأصدر الخميني أمراً من فقرتين يطلب فيه من اثنين من مساعديه الموثوق بهم ضمان توجيه جانب كبير من عوائد بيع العقارات إلى النشاط الخيري.
وكانت النتيجة منظمة جديدة تعرف باسم «ستاد» أو «الهيئة» تتبع الزعيم الأعلى الإيراني مباشرة. وكما أفاد أحد هذين المساعدين لاحقاً كان المفترض أن تشرف «ستاد» على المصادرة وتنهي عملها بعد عامين.
لكن بعد 24 عاماً من ذلك صارت «ستاد» الآن عملاقاً اقتصادياً. فقد استخدمها خليفة الخميني في موقع الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي في جمع أصول قيمتها عشرات المليارات من الدولارات تناطح ثروة الشاه الراحل. وتتضمن محفظة ممتلكات «ستاد» بنوكاً ومزارع وشركات للأسمنت ومصنعاً ينتج موانع الحمل بترخيص وشققاً سكنية مصادرة من إيرانيين يقيمون في الخارج وغير ذلك كثير. وخلص استقصاء لـ»رويترز» إلى أنه لكي يتسنى لـ»ستاد» تملك الأصول أضفت الحكومات بطريقة ممنهجة تحت إشراف خامنئي الشرعية القانونية على المصادرة ومنحت الهيئة السيطرة على جانب كبير من الثروة المستولى عليها. وقد أصدر الزعيم الأعلى والقضاء والبرلمان على مدى السنين سلسلة مراسيم بيروقراطية وتفسيرات دستورية وقرارات قضائية تعزز وضع «ستاد». ومكنت المراسيم «ستاد» من رد المؤسسات المنافسة التي تسعى للاستيلاء على عقارات باسم الزعيم الأعلى على أعقابها. وسهل حكم بخصوص دستورية الخصخصة توسع «ستاد» بدخول مجالات أخرى إضافة إلى المجال العقاري وامتلاك الشركات والاستثمار فيها.
وأشار الخميني إلى مصادرة العقارات كسبب للإطاحة بالشاه في 1979. ووعدت الثورة الإسلامية الإيرانيين بعهد جديد من العدل تحكمه الشريعة خالصة، وحدد الخميني ملامح «ولاية الفقيه» متمثلة في نظام للحكم يديره رجل دين ينبذ منافع الدنيا ويعلي من شأن القانون على ما غيره ويطبقه على نفسه قبل الآخرين.
وكتب الخميني في كتاب عام 1970 «الحكم الإسلامي.. ليس طغياناً يمكن رئيس الدولة من العسف بممتلكات الناس وحياتهم واستغلالهم كيفما شاء». ويقول محامون إيرانيون خاضوا معارك قانونية مع «ستاد» إن الحكومات المتعاقبة في عهد خامنئي لم تلتزم بهذه المثل. بل يزعمون أن الحكومة تستغل القانون بتوسعها في الاستيلاء على ممتلكات المواطنين وخصوصاً المادة 49 من الدستور الإيراني التي تكفل مصادرة الأصول التي حازها المجرمون بطريقة غير مشروعة.
وقال محمد نيري وهو محام يقيم في بريطانيا وسبق أن تولى عدداً من قضايا مصادرة الملكية كانت «ستاد» طرفاً فيها قبل أن يغادر إيران في 2010 «إنها أداة قوية للغاية، وهي تفتح الباب للفساد، فلا توجد حدود، لا احترام للملكية الخاصة وحياة الناس الخاصة».
تمرير الدستور
ينحدر الزعيم الأعلى الذي يبلغ الآن من العمر 74 عاماً من خلفية متواضعة. فقد نشأ في مدينة مشهد المقدسة شمال شرق إيران. وكان أبوه آية الله جواد حسيني خامنئي عالماً وإمام مسجد من أصل أذري.
وكان علي خامنئي الشاب يعرف بالسيد علي وهو لقب تستخدمه الأسر التي تنتسب إلى النبي محمد. وقد اختار نفس مهنة أبيه لكنه اعتنق آراء مختلفة تماماً. وكان خامنئي الأب رجل دين تقليديا يعارض خلط الدين بالسياسة. أما الابن فتوجه ناحية التيار الثوري الإسلامي المتنامي. ويقول أحد أقارب خامنئي إن رجل الدين الشاب بدا مهتما بالبعد السياسي للحركة بقدر اهتمامه بجانبها الروحي.
وقال ابن شقيقة خامنئي الذي يعارض حكمه ويعيش في المنفى في باريس محمود مرادخاني «تحول إلى رجل دين مجدد أو تقدمي، لم ينتم إلى الأصوليين، ولم يتبع إلا الحركة الثورية».
وفي أوائل الستينات درس خامنئي على يد الخميني في قم. وبدأ رجل الدين الشاب يحرض على نظام الشاه الموالي للغرب. وفي عام 1963 وكان عمره وقتها 24 عاماً عرف ظلمات السجن لأول مرة من مرات كثيرة عندما اعتقلته قوات الأمن بسبب أنشطته السياسية. وفي وقت لاحق ذلك العام سجن 10 أيام في مسقط رأسه مشهد وتعرض «لتعذيب شديد» حسبما ورد في سيرته الرسمية. وبعد 5 سنوات جاءت الثورة، فر الشاه وعاد الخميني منتصراً من المنفى وبرز دور رجال الدين. وأفاد المؤرخون بأن خامنئي وكان عمره آنذاك 40 عاماً ساعد في تأسيس حزب الجمهورية الإسلامية ثم استمر في تولي مناصب تزيد رفعة وعلواً.
وبعد أشهر من تولي السلطة في 1979 مرر الخميني دستوراً جديداً يعتمد مفهوم ولاية الفقيه ويتلخص في جمهورية يحكمها أكثر الفقهاء تفقها في الشريعة. وفي الدستور 175 مادة من بينها مادتان كان لهما دور محوري بالنسبة إلى «ستاد». وإحداهما وهي المادة 45 تتعلق بالملكية العامة وتمنح الحكومة حق استعمال الأرض «التي تركها مالكوها» والعقارات غير المحددة الملكية». وأهم منها المادة 49 التي تسمح بمصادرة الثروة المكتسبة من خلال الأنشطة الإجرامية. وهي تكفل ضمانات واسعة للحماية من المصادرة التعسفية. لكن هذه الضمانات نادراً ما كانت تنفذ في الواقع العملي.
وقال شاؤل بخش وهو مؤرخ لإيران في جامعة جورج ميسون في فرجينيا «المادة 49 مكتوبة بصياغة فضفاضة للغاية بحيث تسمح بالمصادرة ونزع الملكية بأوهى الذرائع». ويقول بخش إن عقارات تخصه صودرت بأمر محكمة في 1992.
وأضحى نزع ملكية الثروات الواسع النطاق سمة جمهورية الثورة في سنواتها الأولى. وكانت تلك سنوات تعمها الفوضى. ففي عام 1980 بدأت الحرب بين العراق وإيران. وشهدت البلاد نقصا في الأرز والحليب واللحم والوقود. وتعرض النظام الجديد لتهديدات داخلية ونفذ حوادث قتل انتقامية وهو يوطد أركان سلطته. وبدأت الدولة الجديدة تستولي على الأصول الخاصة بالعائلة الملكية المخلوعة وغيرها ممن تعتبرهم أعداء. وكانت «البونيادات» أو المؤسسات من بين أول المستفيدين من هذا الانتقال للثروة. ومن بين أكبرها «بونياد مستضعفان» أو «مؤسسة المستضعفين» التي استولت على كثير من ممتلكات العائلة الملكية. ومازالت من المؤسسات العاملة في البلاد. وقال حسين رئيسي وهو محام معني بحقوق الإنسان زاول مهنة المحاماة في إيران 20 عاماً وتولى بعض قضايا مصادرة العقارات «أدى هذا الوضع في واقع الأمر إلى صراع ونوع من التنافس بين الوحدات والمؤسسات الثورية، إذ كان على كل منها العثور على أفضل العقارات وتقديمها إلى المحكمة على أنها مطلوب مصادرتها».
وتفيد دراسة نشرت عام 1989 في الدورية الدولية لدراسات الشرق الأوسط بأن «بونياد مستضعفان» كانت في عام 1982 تملك 2786 عقارا حصلت عليها عن طريق المصادرة المعتمدة قضائيا من بينها مبنى في «فيفث أفنيو» في مانهاتن بنيويوك أنشأته مؤسسة بهلوي الخيرية التابعة للشاه في السبعينات.
وبدأ الثوريون ينقلبون على بعض منهم، ففي 1981 ساهم خامنئي في قيادة جهد ناجح لعزل أبوالحسن بني صدر الذي أصبح في عام 1980 أول رئيس منتخب للجمهورية. وقدم خامنئي الذي كان آنذاك في البرلمان قائمة بالأسباب التي تدعو لعزل بني صدر تضم 14 نقطة. واعتبر بني صدر بعد أقل من 17 شهراً على توليه منصبه عدواً للدولة وفر إلى باريس حيث يعيش الآن.
وفي وقت لاحق من ذلك العام نجا خامنئي من تفجير نفذته جماعة يسارية أصاب ذراعه اليمنى بالشلل. وكانت المتفجرات مزروعة في جهاز تسجيل في مسجد أبوزار في طهران حيث كان خامنئي يلقي خطبة. وبعد ذلك بشهرين اغتيل خليفة بني صدر في الرئاسة على أيدي الجماعة نفسها. وفي أكتوبر 1981 انتخب خامنئي ثالث رئيس للجمهورية بأغلبية ساحقة.
المصادرة باسم الثورة
في عام 1982 حين كانت الفصائل والمؤسسات تتنازع على العقارات حاول الخميني السيطرة على الفوضى فأصدر مرسوماً يحظر المصادرة دون أمر من قاض. وجاء في المرسوم «غير مقبول ولا محتمل أن يقع ظلم على أحد لا قدر الله باسم الثورة والثورية».
وبعد ذلك بعامين أي في عام 1984 أنشأ البرلمان محاكم خاصة لمصادرة الممتلكات وأصبح لكل محافظة من محافظات إيران محكمة من تلك المحاكم التي أطلق عليها «محاكم المادة 49». وكانت تلك المحاكم فرعاً من المحاكم الثورية التي أنشئت لتطبيق العدالة على من يعتقد أنهم أعداء الجمهورية.
ومازالت محاكم المادة 49 تعمل إلى اليوم لكنها لم تضع حدا لتنافس الهيئات والمؤسسات. وقال رئيسي «أدى إنشاء محاكم المادة 49 في الواقع العملي إلى منهجة عمليات نزع الملكية واستمرارها بل مازالت المصادرة مستمرة حتى اليوم».
وانتهت الحرب مع العراق في 1988 مخلفة مئات الآلاف من القتلى من الجنود والمدنيين الإيرانيين. وكان معنى ذلك مزيدا من الأفواه التي ينبغي إطعامها. وفي أبريل 1989 أصدر الخميني مرسومه المقتضب الذي مثل إعلان مولد «ستاد» واسمها الكامل باللغة الفارسية «ستاد إجرايي فرمان حضرت إمام» أو «هيئة تنفيذ أوامر الإمام». ووجه الخميني اثنين من كبار المسؤولين إلى تولي كل أعمال «بيع وخدمة وإدارة» العقارات «المجهولة الملكية والتي لا مالك لها» على أن يصرف العائد على القضايا الشرعية و»بقدر الإمكان» على مساعدة «سبع بونيادات» ومؤسسات خيرية حددها بالاسم. وكان ينبغي استخدام المال في دعم «أسر الشهداء والمحاربين القدماء والمفقودين والأسرى والمستضعفين».
وفي هذه المرحلة لم يكن خامنئي يعد من بين أهل الحل والعقد في شؤون السلطة في إيران برغم أنه كان رئيساً ما يزيد على 7 سنين. وجردت الرئاسة من سلطات أساسية خلال حكم بني صدر القصير لأنه اعتبر خطراً على نخبة رجال الدين الجديدة في إيران.
وبعد وفاة الخميني في يونيو 1989 اختار مجلس الخبراء خامنئي خليفة له. واعتبره بعض كبار رجال الدين غير مؤهل لمنصب الزعيم الأعلى. ولم يكن قد وصل إلى المرتبة التي يقتضيها الدستور بين رجال الدين الشيعة. لكن داعميه الأساسيين أيدوا تعديلاً دستورياً أقر نهائياً توليه المنصب وتولى خامنئي السلطة في يوليو 1989. وكان من بين أول ما قام به تكليف رجل دين بمتابعة إنشاء «ستاد». وقال في مرسوم أصدره في سبتمبر من ذلك العام إن قرارات الهيئة الجديدة «يجب أن تكون عادلة وأن تقوم على الشريعة ودون إهمال».
وسرعان ما شرع الزعيم الأعلى الجديد في رعاية وتشجيع الحرس الثوري الإسلامي وهو قوة عسكرية خاصة خرجت من الحرب واحدة من أقوى المؤسسات في إيران.
ويقول محسن سزكارا الذي شارك في تأسيس الحرس الثوري ويقيم الآن في المنفى في الولايات المتحدة إن خامنئي سمح للحرس الثوري بالعمل في مجال الإعمار. ومكنت هذه الفرصة سلاح المهندسين في الحرس الثوري من أن يتحول إلى مؤسسة عملاقة متعددة الأنشطة.
وتفيد وثائق «رويترز» بأنه بحلول التسعينات كانت المحاكم تصادر الأصول وتسلمها إلى «ستاد». وبدأت الهيئة تحتفظ بأموال من بيع العقارات بدلاً من إعادة توزيع كل العوائد. وفي عام 1997 انتخب الإصلاحي محمد خاتمي رئيسا. وسارع القضاء الإيراني لحماية «ستاد» من التدقيق. ويقوم مكتب التفتيش العام وهو جهاز لمكافحة الفساد بالرقابة على كثير من المؤسسات الإيرانية ويتبع رئيس السلطة القضائية الذي يعينه خامنئي. وفي ذلك العام أعلنت لجنة قانونية حكومية أنه ليس من حق المكتب التفتيش في عمل «ستاد» ما لم يطلب منه الزعيم الأعلى ذلك. وكانت «ستاد» لايزال لها منافسون. ويقول المحامي محمد نيري إن من بين منافسيها الرئيسيين على الأصول المصادرة مؤسسة تدعى «سازما نجمع أوري وفروش أموال تمليكي» أو «إدارة جمع العقارات المتملكة وبيعها» وهي تتبع وزارة الشؤون الاقتصادية والمالية. وفي عام 2000 اعتمدت السلطة القضائية لائحة تنفيذية تمنح ستاد السلطة الحصرية على الممتلكات المصادرة باسم الزعيم الأعلى.
حكم سريع
وبدأت «ستاد» توسع نشاطها بدخول مجال الاستثمار في الشركات مستغلة مبادرة قانونية أخرى لخامنئي.
ففي عام 2004 أمر خامنئي بمراجعة المادة 44 من الدستور التي تكفل ملكية الدولة للصناعات الحساسة. وأصدر مجلس تشخيص مصلحة النظام وهو هيئة استشارية من هيئات الدولة يعينها الزعيم الأعلى تفسيراً جديداً للمادة 44 يسمح بخصخصة صناعات كبرى. وفي 2006 ومع تضخم عجز الموازنة العامة في ظل نجاد أصدر خامنئي أمراً تنفيذياً بخصخصة 80% من أسهم بعض الشركات المملوكة للدولة. وكان من بين المؤسسات المستهدفة بنوك وشركات للتأمين وشركات للنفط والغاز. وقال إن هذه الخطوة ستغير «دور الحكومة من الملكية المباشرة للشركات وإدارتها إلى صنع السياسة والإرشاد والرقابة».
وخرجت «ستاد» في 2009 منتصرة في أكبر عملية بيع لأصول مملوكة للدولة في إيران وهي عملية خصخصة شركة الاتصالات الإيرانية.
وأفادت وثائق لـ»ستاد» بأن الهيئة تملك من خلال شركة تابعة لها حصة نسبتها 38% من اتحاد شركات أرسيت عليه حصة أغلبية مسيطرة في شركة الاتصالات الإيرانية وهي أكبر شركة للاتصالات في البلاد. وكان الفائز الكبير الآخر هو الحرس الثوري إذ يسيطر على معظم اتحاد الشركات الذي أرسيت عليه الحصة.
وأفاد نيري بأنه خلال الفترة الثانية لرئاسة خاتمي سعى الأعضاء المعتدلون في البرلمان إلى تقصي وضع «ستاد». وقال نيري إن مجلس صيانة الدستور وهو هيئة تضم رجال دين وقانونيين محافظين يعينهم خامنئي بشكل مباشر أو غير مباشر أصدر إعلاناً بأن «ستاد» خارج نطاق اختصاص البرلمان. وجاءت انتخابات 2008 ببرلمان كانت أغلبية كبيرة من أعضائه محافظين شديدي الولاء لخامنئي. وفي واحدة من أولى خطوات البرلمان الجديد عدل المجلس لائحته الداخلية ليحد من سلطته في التدقيق في شؤون المؤسسات الواقعة تحت إشراف خامنئي إلا بإذن منه.
وقال سزكارا الذي شارك في تأسيس الحرس الثوري «ولهذا السبب لا يعرف أحد ما يدور داخل هذه المؤسسات».
وفي خضم الاضطرابات على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد عام 2009، عارض أحد الرجلين اللذين أسسا «ستاد» الهيئة علناً.
وكان ذلك الرجل وهو مهدي كروبي قد برز كواحد من الساسة الإصلاحيين الرئيسيين فتولى رئاسة البرلمان وخاض انتخابات الرئاسة في 2005 و2009 ولم ينجح في المرتين. وبعد انتخابات 2009 كتب خطاباً إلى منافس قديم لخامنئي أفاد فيه بأن الخميني كان يقصد لـ»ستاد» أن تستمر سنتين فقط.
ومضى كروبي متهماً «ستاد» والحرس الثوري القاعدة الأخرى الرئيسية لسلطة خامنئي بالفساد. وفي إشارة على ما يبدو إلى خصخصة شركة الاتصالات الإيرانية كتب كروبي أنهما «وضعا الأسهم الخاصة بإحدى وزارات الحكومة تحت اسميهما في نصف ساعة. وباسم الخصخصة خلقا ملحمة أخرى تواصل وتكمل ملحمة انتخابات الرئاسة الأخيرة». وكروبي محتجز رهن الإقامة الجبرية في إيران منذ 2011. ويبدي خامنئي حساسية لأي تلميح إلى أنه يلقى هو وكبار المسؤولين الذين يعينهم معاملة خاصة بموجب القانون. وقال في خطبة عنوانها «رؤية الزعيم الأعلى للرقابة» مؤرخة في أغسطس 2009 «لا أحد فوق الرقابة. حتى الزعيم ليس فوق الرقابة فضلاً عن المؤسسات المرتبطة بالزعيم». ووصل إلى بيت القصيد قائلاً «أنا أرحب بالرقابة وأنا أعارض بشدة تفاديه، أنا شخصياً كلما زادت الرقابة سعدت بها». واليوم تتجاوز سلطة خامنئي من بعض النواحي سلطة الزعيم الراحل الخميني. وهو يفتقر إلى سلطة الخميني الدينية لكن تحت تصرفه موارد أكبر كثيرا مما كان متاحاً له. وكان الخميني يعمل انطلاقاً من بيت متواضع في شمال طهران مع عدد صغير من العاملين معه.
أما خامنئي فيعيش في مجمع ضخم في طهران. ويضم المجمع مباني متنوعة من بينها قاعة كبيرة يلقي فيها خامنئي خطبه. ويقول موظف سابق في «ستاد» وآخرون مطلعون على عملياتها إنها تساهم في تمويل مكاتب خامنئي الإدارية التي تعرف باسم «بيت الرهبر» أو «دار الزعيم». ويعمل في هذه المكاتب زهاء 500 شخص كثيرون منهم مستقدمون من الحرس الثوري وأجهزة الأمن.
وتظل «ستاد» نفسها محاطة بستار يحجبها عن أعين الرأي العام. ويقودها الآن محمد مخبر وهو أحد الموالين لخامنئي ويرأس كذلك بنك سينا الإيراني وفقاً لموقع البنك على الإنترنت. وقد أدرجه الاتحاد الأوروبي في قائمة الخاضعين لعقوباته في عام 2010 لكنه رفع العقوبات عنه العام الماضي دون تفسير. ولا تكشف «ستاد» معلومات تذكر عن دخلها ونفقاتها وعدد العاملين فيها. ويقع مقرها في مبنى خرساني كبير رمادي اللون صغير النوافذ في وسط المنطقة التجارية في طهران. وقال موظف سابق «لن تلاحظه حتى وأنت تسير بجانبه». وفي يونيو الماضي أصدر رئيس السلطة القضائية الذي عينه خامنئي إعلان دعم جديد لستاد. وذكرت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء أن القاضي صادق لاريجاني أبلغ المحاكم الأدنى بأن منافس «ستاد» القديم «إدارة جمع العقارات المتملكة وبيعها» ليس لها سلطة مصادرة عقارات باسم خامنئي.