عواصم - (وكالات): أعلنت الأمم المتحدة استخدام الأسلحة الكيميائية في 5 مواقع في سوريا، في وقت حذرت الولايات المتحدة من أن تراجع المقاتلين المعتدلين على الأرض في مواجهة الجهاديين يطرح «مشكلة كبرى».
وأورد التقرير النهائي لمفتشي الأمم المتحدة حول الأسلحة الكيميائية في سوريا «أدلة» أو «معلومات جديرة بالثقة» ترجح استخدامها في 5 مناطق هي الغوطة الشرقية وأشرفية صحنايا في ريف دمشق، وحي جوبر شرق العاصمة، وخان العسل في ريف حلب، ومنطقة سراقب في محافظة إدلب. ورأى التقرير أن القرائن غير كافية لتأكيد استخدام السلاح الكيميائي في منطقة البحارية قرب دمشق، وحي الشيخ مقصود في حلب.
ويوضح التقرير الذي من المقرر أن يدرسه مجلس الأمن الدولي غداً، أن «أسلحة كيميائية استعملت في النزاع الدائر بين الأطراف في سوريا»، من دون أن تكون مهمته تحديد من استخدمها.
وأكد التقرير أن بعثة المفتشين جمعت «أدلة دامغة ومقنعة حول استعمال أسلحة كيميائية ضد مدنيين، من بينهم أطفال، على نطاق تقريباً واسع في غوطة دمشق بتاريخ 21 أغسطس الماضي»، وهو ما نص عليه التقرير الأولي للمفتشين في 16 سبتمبر الماضي. واتهمت المعارضة والدول الغربية نظام الرئيس بشار الأسد بالوقوف خلف الهجوم الذي أودى بحياة المئات. ولوحت واشنطن في حينه بشن ضربة عسكرية ضد النظام رداً على هذا الهجوم، قبل التوصل مع موسكو إلى اتفاق وافقت عليه دمشق، بتدمير الترسانة الكيميائية السورية. وكان مقاتلو المعارضة يراهنون على هذه الضربة التي كان يرجح أن تضعف النظام عسكرياً، ما يتيح لهم تحقيق مكاسب ميدانية على الأرض. ومنذ ذلك الحين، يواجه مقاتلو المعارضة بعض التراجع مع استعادة النظام معاقل بقيت تحت سيطرتهم أشهر طويلة، في حين تواجه صفوفهم انقسامات وتصاعداً في نفوذ المجموعات المتشددة التي تشتبك في بعض المناطق مع مقاتلي الجيش السوري الحر.
وكان آخر المعارك سيطرة مقاتلي «الجبهة الإسلامية» على معبر حدودي مع تركيا ومستودعات أسلحة تابعة لهيئة أركان الجيش الحر، ما دفع واشنطن ولندن إلى تعليق مساعداتهما غير القاتلة لشمال سوريا.
وأقر وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل أن هذه النكسات تطرح «مشكلة كبرى». وقال في مؤتمر صحافي في سنغافورة «أعتقد أن ما حدث في الأيام الأخيرة هو انعكاس لمدى تعقد وخطورة الوضع الذي لا يمكن التنبؤ به».
في سياق متصل، اعتبر المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي آي ايه» مايكل هايدن أن انتصار الرئيس الأسد في النزاع المستمر منذ 33 شهراً قد يكون «الأفضل بين 3 سيناريوهات مرعبة». وقال إن أحد الاحتمالات هو أن «ينتصر الأسد» وقال «يجب أن أقول لكم إنه في حال تحقق هذا الأمر وهو أمر مخيف أكثر مما يظهر، أميل إلى الاعتقاد بأن هذا الخيار سيكون الأفضل بين هذه السيناريوهات المرعبة جداً جداً لنهاية الصراع. الوضع يتحول كل دقيقة إلى أكثر فظاعة». وذكر في كلمة أمام المؤتمر السنوي السابع لخبراء مكافحة الإرهاب الذي نظمه معهد جيمس تاون إن «انتصار المسلحين ليس من بين النتائج المحتملة التي يتوقعها للنزاع في سوريا.
وتابع أن «الخيار الثالث هو انتصار الأسد». وقال إن الخيار المحتمل الأول هو استمرار النزاع بين السنة الذين يزدادون تعصباً، والفصائل الشيعية».
ويهيمن المسلمون السنة على الجماعات المسلحة، بينما يدعم العلويون والشيعة والأقليات المسيحية نظام الأسد. أما الخيار الثاني الذي رأى هايدن أنه الأكثر ترجيحاً فهو «تفتت سوريا» وانتهاء الدولة السورية الواحدة بشكلها الذي حدده اتفاق سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا عام 1916. ورأى هايدن أن تفكك سوريا قد يؤدي إلى نشر الفوضى في لبنان والأردن والعراق.
ويستمر النزاع منذ منتصف مارس 2011 دون أفق لحل، على رغم قرب انعقاد مؤتمر السلام في سويسرا في 22 يناير المقبل، المعروف باسم «جنيف 2»، إلا أن مواقف النظام والمعارضة تجاه المؤتمر لا تزال شديدة التباين.
وأدى النزاع إلى مقتل أكثر من 126 ألف شخص وتهجير قرابة 3 ملايين إلى الدول المجاورة، حيث يقيمون في مخيمات تفتقر إلى مقومات الحياة الكريمة، ويواجهون خلال هذه الفترة ظروفاً مناخية شتوية قاسية. واتهمت منظمة العفو الدولية الدول الأوروبية بتحصين نفسها حيال اللاجئين السوريين الذين لم تستقبل منهم «إلا أعداداً قليلة جداً». من جهة أخرى، قررت السلطات السورية لأسباب «إنسانية»، إخلاء سبيل أكثر من 350 سجيناً من سجن حلب المركزي الذي يحاصره مقاتلو المعارضة منذ أشهر ويحاولون السيطرة عليه، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» أمس. من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه تم الإفراج عن دفعة أولى عبر الهلال الأحمر السوري، وأن غالبيتهم مسجونين لأسباب جنائية. من جهة أخرى، اعتبرت الأمم المتحدة أن تدهور مستوى التعليم لدى الأطفال السوريين داخل البلاد وخارجها هو «الأسوأ والأسرع في تاريخ المنطقة»، وذلك بحسب دراسة مشتركة لمنظمتين تابعتين لها.
وقالت المفوضية العليا للاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» في دراسة بعنوان «توقف التعليم»، إن «تدهور مستوى تعليم الأطفال السوريين هو الأسوأ والأسرع في تاريخ المنطقة». وكشفت الدراسة أن «ما يقرب من 3 ملايين طفل من سوريا اضطروا للتوقف عن التعليم بسبب القتال الذي دمر فصولهم الدراسية، وتركهم في حال رعب، واضطر العديد من أسرهم إلى الفرار إلى خارج البلاد».