قال مؤسس ورئيس مجلس أمناء بيت القرآن د.عبداللطيف كانو إن بيت القرآن أنشئ من أجل خدمة القرآن الكريم والمحافظة على المقتنيات القرآنية وخصوصاً المخطوطات القرآنية التي كتبت من القرن الأول الهجري إلى التاريخ الحديث.
وأضاف لـ(بنا) أن بيت القرآن يحتوي على ثلاث قاعات مهمات تسجل تاريخ كتابة القرآن الكريم منذ بداية تدوينه، أولها قاعة مكة المكرمة وتتضمن ما كتب من القرآن الكريم على الرق الجلد المنعم وكتب من القرن الأول إلى السادس الهجري، وكتبت بالخط الكوفي البدائي، حيث كانت هذه الفترة تتميز بالكتابة بدون نقاط فوق الحروف، كما تحتوي القاعة على مجموعة تعد من أندر المجاميع الموجودة في العالم لندرتها والتي تمت كتابتها في القرن الأول الهجري، وتضم قاعة مكة المكرمة على مخطوطة صغيرة يعتقد إنها كتبت بخط زيد بن ثابت كاتب الوحي والقريب من النبي صلى الله عليه وسلم، وجميع هذه المخطوطات تبين بداية الكتابة العربية في تلك المرحلة الزمنية وتوضح متى أدخل التنقيط على الكتابة العربية.
وبين د.كانو أن التنقيط أدخل على الخط العربي بألوان مختلفة للإعراب للفتحة والكسرة والضمة، وبعدها أدخل التنقيط لفك إحجام الحرف بمعنى للتفريق بين حرف الباء والتاء والثاء، إلى أن أصبح التنقيط أساسياً بنفس لون الخط وهو جزء من الكتابة، والتنقيط بلون آخر وهو للإعراب لتمكين من قراءة القرآن قراءة صحيحة.
وأوضح أن قاعة «المدينة المنورة» جمع فيها ما هو نفيس ونادر من المصاحف والتي ليس لها مثيل إلا في بعض المؤسسات المتخصصة والمتاحف المهمة على المستوى العالمي، وهي تهتم بالمخطوطات العربية، أما القاعة الثالثة فهي قاعة القدس الشريف والتي وضعت فيها مجموعة من المصاحف النادرة والتي تتميز صفحاتها بأن كل سطر فيها يبدأ بحرف الألف، ومصحف آخر يبدأ بكلمة وتتكرر في كل الأسطر وهو نوع من التنوع الذي تخصصت فيه بعض المصاحف لإعطاء نوع من التميز ولتسهيل عملية قراءة القرآن وحفظه.
ولفت د.كانو لاحتواء بيت القرآن على قاعة تحتوي على مصحف كتب على شريط بطول متر ونصف ، ومصحف كتب على صفحة واحدة، كما تحتوي على سور القرآن مكتوبة على العظم ومواد مختلفة ، كما توجد قاعتان لترجمة معاني القرآن الكريم واللغات التي ترجم إليها القرآن الكريم ومنها الروسية وعدد من اللغات الأوروبية والأفريقية، مؤكداً أن بعض الصفحات تعتبر من أندر ما طبع من المصحف الشريف من بداية القرن الأول وأن مقاساتهم كبيرة بطول متر في متر ونصف وهذه في الواقع تنوع كبير في القرآن الكريم.
وتابع د.كانو: يحتوي بيت القرآن على مدرسة يوسف بن أحمد كانو لتحفيظ القرآن الكريم ودراسته وتعليمه للناشئة والراغبين في حفظ القرآن الكريم وتعلم التجويد وعلوم القرآن على أيدي مجموعة متخصصة في علوم القرآن الكريم، إضافة إلى الدروس الدينية اليومية ، ومن هنا تأتي أهمية بيت القرآن كونه المؤسسة الوحيدة على مستوى العالم التي تخصصت في هذا النوع من العلوم الدينية وهو القرآن الكريم، ولله الحمد هناك إقبال من قبل الكبار والصغار للانضمام لدروس تحفيظ القرآن الكريم وتجويده. وبين د.كانو أن بيت القرآن يحتوي على العديد من المصاحف الكريمة التي أهديت لجلالة الملك، ورئيس الوزراء وولي العهد، قاموا مشكورين بوضعها في عهدة بيت القرآن حتى تكون متوفرة للعرض أمام الجمهور والزوار، كما إن هناك تعاوناً ملحوظاً مع قطاع السياحة لترتيب الزيارات اليومية وتنظيم الزيارات للوفود الرسمية التي تزور مملكة البحرين للاطلاع على مقتنيات بيت القرآن، حيث زار بيت القرآن العديد من الشخصيات المهمة والنافذة في العالم ومنهم الأمير تشارلز ولي عهد المملكة المتحدة، ومارغريت تاتشر رئيس وزراء بريطانيا في القرن الماضي.
وحول الإصدارات والمطبوعة لبيت القرآن، قال د.كانو ان بيت القرآن يصدر التقويم السنوي مع بداية كل عام، حيث يتم فيه عرض أهم المخطوطات القرآنية أو الفنون الإسلامية بمستوياتها الرفيعة، إضافة إلى ذلك يصدر البيت العديد من الكتب تحت اسم «سلسلة المنتخب» وجاءت التسمية لأن محتوياتها تعد من النخب القيمة والمختارة بعناية بين العديد من المؤلفات التي تتحدث عن الفنون الإسلامية والإسلام والقرآن الكريم، وصدر منها 20 جزءاً، وهناك كتابان صدرا الأول يعنى بالأرقام العربية وبدايتها وتطورها، والثاني رسائل النبي صلى الله عليه وسلم للأمراء والعظماء في الفترة التاريخية التي عاشها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي متوفرة في المكتبات والمعارض.
من جانب آخر، أشار د.كانو إلى أن لشهر رمضان المبارك نكهه خاصة في فرجان البحرين قديما خصوصا في المنامة والمحرق والقرى المجاورة فكان الناس في شهر رمضان تكثر من تلاوة القرآن، كما إن تلك الأيام لها طابع حلو مميز، حيث كنا نذهب بعد السحور مع الوالد لصلاة الصبح في المسجد وما يميزها أن المساجد قريبة من المساكن وفي كل «فريج» يوجد مسجدين إلى ثلاثة مساجد، وآباؤنا كانوا يحرصون على أخذنا معهم لأداء الصلاة جماعة في المساجد منذ سن مبكرة، مما أوجد الثقة في نفس الطفل وفي نفس الوقت زرع الارتباط الديني بالمسجد والصلاة وحفظ القرآن، كما يخلق المحبة والمودة والتعايش بين الجميع على اختلاف أجناسهم وجنسياتهم.
وأضاف أن من العادات القديمة التي كان الجميع يحرص عليها في هذا لشهر الفضيل هو قيام الأهالي وقت الإفطار بإرسال جزء من إفطارهم للمسجد، فالفقير والمحتاج يستطيع أن يفطر في المسجد وهو نوع من الترابط الاجتماعي في المجتمع البحريني، كما إن للمطوع دوراً إيجابياً في تحفيظ الأطفال القرآن الكريم، والتدريب والترابط والتعليم والتأديب وكانت عنده عصا ليؤدب بها تلاميذه، وكنا نذهب إلى المطوع بشغف لنتعلم القرآن والقراءة والكتابة، حيث يبدأ المطوع بتعريفنا على الحروف الأبجدية، وبعدها نبدأ بحفظ أوائل السور من جزء «عم» ثم ندخل في حفظ جزء «عم»، وفي ذلك الوقت يؤهلك المطوع للذهاب إلى المسجد والصلاة بعد حفظ بعض السور، وكنا نتنافس في المسجد حتى نبرهن على حفظنا للقرآن الكريم.
وواصل د.كانو: لا ننسى الدور الكبير للمجالس التي كانت تعد قديماً وحتى وقتنا الحالي مدارس تعلم وتصنع الرجال من خلال مناقشة الأحوال المعيشية والمشاكل التي تطرأ على المجتمع وإيجاد الحلول لها، والمجلس مفتوح للجميع للتباحث في شؤونهم وما يسجد من أمور الحياة».