غالباً ما يتحدث المواطنون عن دور الدولة تجاه المواطن، وماذا قدمت هذه الدولة لمواطنيها من حقوق وخدمات وواجبات على مختلف الأصعدة، وفي المقابل فعلى المواطن مسؤولية وطنية تجاه وطنه أبرزها المشاركة الانتخابية.
تفرض الانتخابات عادة مقومات معينة لابد أن تتوافر في المرشح بحيث يضع مصلحة الوطن نصب عينيه دون أي اعتبار لمصلحة شخصية، كما لابد أن يعرف كيفية تقييم مقدرته على خدمة الوطن، فالفارق كبير بين الرغبة في خدمة الوطن والقدرة على ذلك، فكلنا نعشق الوطن، ولكن السؤال هنا من الأقدر والأكفأ على خدمة الوطن؟
إذن، فالمرشح الذي يضع مصلحة وطنه أولاً لابد أن يقر بالأسباب الحقيقية التي دفعته للترشح، ولابد أن يدرك حجم كفاءته وقدرته على خدمة الوطن ومواطنيه. فإذا كانت الأسباب وراء ترشحه هي سعيه لتحقيق المزيد من المكتسبات للوطن وللمواطنين، والتقت رغبته في تحقيق هذه المكتسبات مع قدرته على ذلك، هنا يتصف هذا المرشح بأفضل صفات الوطنية التي يجب أن يعول عليها ترشيحه، أما إذا كان السعي وراء المقعد النيابي أو البلدي نابعاً من مصالح شخصية فحسب، وقدرته منتفية، فعلى هذه النوعية من المرشحين الانسحاب من حلبة المنافسة وترك الحلبة للمرشح الأصدق والأجدر على خدمة الوطن.
إن مسؤولية الترشح الانتخابي تعد مسؤولية وطنية تعادل مسؤولية التصويت الانتخابي، فكما أنه لا يجوز للناخب التفريط أو إساءة استخدامه للتصويت الانتخابي لما يعد إساءة للوطن والمواطنين، فعلى المرشح أيضاً ذات المسؤولية، فإذا لم يراع المرشح مصلحة الوطن والمواطنين وهو يقدم على ترشيح نفسه، يكون غير مؤهل لهذا المقعد النيابي مما ينعكس سلباً على المواطنين وتنتهك حرمة الثوابت الوطنية، لانتفاء الحرص والمسؤولية من قبل المرشح.
ولا تقتصر مواصفات المرشح الوطني على وضع مصلحة الوطن والمواطنين في الأولويات فحسب، بل تتجاوز ذلك إلى وضع برنامج انتخابي واقعي ذو جدوى يسعى إلى تحقيقه، فهناك أيضاً فارق كبير بين مقومات البرامج الانتخابية الناجحة، وهي التي يحرص عليها النسبة الكبرى من المرشحين، والتي تتوفر بها أهم عناصر النجاح التي ترتبط بالمهارات الشخصية والتنظيمية والقدرة على تسخير الدعاية في صالح المرشح والقدرة على التعامل مع المنافسين، وبين البرنامج الانتخابي الناجح الذي يتطلب الفاعلية والواقعية والحرفية بجانب الصدق والأمانة على تنفيذ الوعود التي التزم بها المرشح أمام الناخبين في برنامجه الانتخابي.
إذن، فالعملية الانتخابية ليست مجرد سباق بين متنافسين كل منهم يحاول التغلب على الآخر والوصول الأسرع إلى المقعد النيابي، ولكنها مسؤولية كبرى تتطلب مقومات وقدرات وبرامج منظمة، وفريق عمل متكامل، وتتطلب الأكبر من ذلك كله، حب وإخلاص متفان لهذا الوطن وقدرة على تحقيق المكتسبات.