دمشق، السويداء - (العربية نت، الجزيرة نت): يرصد مقاتلو المعارضة السورية عن قرب عدداً من مظاهر تعزيز إيران نفوذها العسكري في سوريا والمناطق التي تتصدر اهتمام إيران هناك، وأدواتهم في ذلك، وتكشف التفاصيل حجم التفريط والتنازلات التي يقدمها النظام السوري للقوات الإيرانية وتمس الوطن ومستقبله.
ويتزايد النفوذ الإيراني في سوريا يوماً بعد يوم، وأصبحت القوات الإيرانية وقوات «حزب الله» الشيعي اللبناني هناك تتولى زمام الأمور في كثير من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، حتى أن المفاوضات في الزبداني في ريف دمشق مع حركة «أحرار الشام» كانت برعاية القوات الإيرانية وليس النظام.
وتعمل إيران على تعزيز نفوذها العسكري غرب سوريا وتحديداً المناطق الممتدة من العاصمة دمشق وحتى اللاذقية، بما فيها حماة وحمص عبر إنشاء كتائب عسكرية تابعة لها في هذه المناطق إلى جانب تعزيز قدرات ميليشيا «حزب الله»، وأكد عدد من مقاتلي المعارضة السورية المسلحة في سهل الغاب أن المعارك الأخيرة هناك كانت بإشراف القوات الإيرانية، و»حزب الله».
وقال الناشط أبو اليمان الحموي إن «القوات الإيرانية شكلت 6 كتائب مقرها الرئيس اللواء 47 دبابات الواقع بين ريفي حمص وحماة، بالإضافة إلى تشكيل لواء في منطقة إثريا بريف حماة الشمالي باسم لواء 45 مغاوير وتعمل اثنتان من الكتائب في إثريا، واثنتان على الطريق الواصل إلى مدينة حمص تحت قيادة ميليشيا «حزب الله» إلى جانب كتيبة أخرى تشرف عليها الميليشيا في منطقة السلمية بريف حماة وتتخذ من منطقة السطحيات مقراً لها بالإضافة إلى كتيبة أخرى موجودة في اللواء 47».
ومهمة هذه الكتائب - حسب الحموي - هي «تعزيز الدفاع عن حماة وحمص لصد أي تقدم محتمل لقوات المعارضة نحو المدينتين، خاصة بعد التقدم الكبير الذي حققه جيش الفتح مؤخراً في منطقة سهل الغاب واقترابه من العديد من القرى المؤيدة للنظام، وترفع عناصر تلك الألوية شعارات شيعية، في تغييب واضح لنداءات جيش النظام المتعارف عليها، كما يلبسون عصابات على رؤوسهم تحمل شعار يا علي، ويا زينب خلال تدريباتهم».
ويرى أبو المجد - القيادي في «أجناد الشام» - أن الغرض من محاولات القوات الإيرانية و»حزب الله» السيطرة على المنطقة الوسطى هو «رسم حدود التقسيم حيث إن مجريات المعارك على الأرض تشير إلى محاولة رسم للمناطق التي سوف تكون تحت سيطرة النظام وهي دمشق واللاذقية وحمص وحماة، ولذلك يحاولون أن تكون تلك المناطق خاضعة لهم وتحت رقابتهم لأنها تعد على حدود الدولة التي ينوون إنشاءها». وقال عنصر في المخابرات الجوية - رفض ذكر اسمه - إن لديه معلومات عن سيطرة قوات الحرس الثوري الإيراني على اللواء 47 بريف حماة وإن لديه «أسماء الضباط المسؤولين عن الأمر والذين يكنون ولاء مطلقاً لإيران ويحملون ورقة موقعة من قبل وزير الدفاع السوري لتسهيل تحركاتهم وعدم التعرض لهم».
وأوضح أن «المسؤول المالي المعروف باسم الحاج أبو مصطفى لديه ورقة تحمل توقيع وزير الدفاع تسمح للقوات الإيرانية بالدخول إلى المقار العسكرية من دون الحصول على إذن مسبق، مهما كانت حساسية تلك المؤسسات، وتخولهم أيضاً الاستفادة من أية قطعة عسكرية، كما إن المبالغ المالية المقدمة للعناصر الذين ينضمون لهم تعد أعلى بكثير من رواتب عناصر النظام في الجيش أو المخابرات».
وأضاف أن الأمر «شجع الكثير من العناصر على ترك القطع العسكرية التي يخدمون فيها والالتحاق بتلك القوات، كما إن هناك تسهيلات وامتيازات تمنح لمن ينتمي للطائفة الشيعية من العناصر حيث يحصلون على مكافآت مالية خاصة، ويتم إرسالهم إلى دورات عقائدية خاصة لتعلم استخدام السلاح، وحضور حوزات دينية، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل إن المدعو الحاج أبو مصطفى يقوم بزيارات دورية لرؤساء الأفرع الأمنية وتقديم هدايا مالية لهم».
من جانب آخر، وبعد اغتيال الشيخ وحيد البلعوس أحد مشايخ الموحدين الدروز في السويداء جنوب البلاد، بتفجير استهدف موكبه، سادت حالة من التوتر والغضب في السويداء، بلغت ذروتها بمطالبة «رجال الكرامة» بمنطقة حكم ذاتي وخروج من أسموهم «عصابة الأسد من المحافظة» وزمرة وفيق ناصر، رئيس الفرع العسكري في المدينة.
وكان البلعوس، الذي قُتِل مساء الجمعة الماضي مع 40 شخصاً بتفجير في انفجار سيارة مفخخة استهدفته أثناء مروره بسيارته في ضهر الجبل في ضواحي مدينة السويداء، يتزعّم مجموعة «مشايخ الكرامة» أو «رجال الكرامة»، التي تضم رجال دين دروز آخرين وأعياناً ومقاتلين، وهدفها حماية المناطق الدرزية من تداعيات النزاع السوري. وهو يتمتع بشعبية واسعة لدى أبناء الطائفة الدرزية، وعرف بمواقفه الرافضة لأداء الدروز الخدمة العسكرية الإلزامية خارج مناطقهم.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن عشرات من أنصار البلعوس خرجوا إلى الشارع بعد انتشار خبر مقتله، وحمّلوا النظام السوري مسؤولية التفجيرين، ما أسفر عن مقتل «6 عناصر من القوى الأمنية، خلال هجوم مسلحين على فرع الأمن العسكري» في المدينة إلى ذلك، اعتبر الرئيس الجديد لـ «رجال الكرامة» رأفت البلعوس في بيان منطقة «جبل العرب - التي تضم الدروز - منطقة محررة» مؤكداً استمرار عمل المؤسسات العامة والخدمية بإشراف الإدارة الذاتية المنبثقة من الهيئة المؤقتة لحماية الجبل». كما اتهمت مجموعة «رجال الكرامة» من أسمتهم «زمرة وفيق ناصر وعصابة الأسد في السويداء واللجنة الأمنية مسؤولية كل ما جرى ويجري من اغتيالات وزج الجبل في أتون هذه المواجهة الدموية». واعتبر البيان أن «تسلط وعسف السلطة الأسدية ذكى الحرب بين الإخوة» وتابع مهدداً «أما وقد فتح النظام النار واعتدى، فله منّا الرد الحاسم». وكانت مدينة السويداء شهدت الثلاثاء الماضي مظاهرة حاشدة ضد الفساد وسوء الأحوال المعيشية والأمنيّة تحت شعار «خنقتونا» والتي طالبت بتوقيف عصابات السرقة التي اتّهم فيها بعض المتظاهرين رئيس الفرع العسكري في السويداء وفيق ناصر بالمسؤولية عن هذه العصابات لأنّها في المقابل تضمن الوفاء له وللأجهزة التابعة له.
وسبق للشيخ البلعوس أن انتقد ناصر مطالباً بإقالته إثر إشكالات عدة حصلت بين أهل السويداء وعناصر من الأجهزة الأمنيّة التي يتولّى مسؤوليّتها. وأمس، أعلنت السلطات السورية أنها ألقت القبض على عنصر في جبهة النصرة قالت إنه اعترف بتنفيذ تفجيري السويداء وبالمشاركة في الحوادث التي تلته، حسبما أفاد الإعلام الرسمي. ويشكل الدروز نحو 3% من الشعب السوري.