مسلمو فرنسا يتلقون سهام الكراهية بعد اعتداءات باريس
السفارة الأمريكية في بلجيكا تدعو رعاياها إلى البقاء في منازلهم
تركيا تعتقل بلجيكياً يشتبه بصلته بهجمات فرنسا



عواصم - (وكالات): رفعت بلجيكا إلى الدرجة القصوى مستوى الإنذار الإرهابي في منطقة بروكسل وداخل العاصمة أمس حيث توقفت حركة النقل وأغلقت المتاجر مع انتشار أمني كبير بسبب تهديد «وشيك» من هجمات شبيهة باعتداءات باريس حيث يستمر البحث عن مشتبه به رئيسي، بينما دعت السفارة الأمريكية في بلجيكا رعاياها للبقاء في منازلهم، فيما تبنى مجلس الأمن الدولي قراراً اقترحته فرنسا يتيح حرية التحرك لمحاربة تنظيم الدولة «داعش» بعد اعتداءات باريس وبعد هجوم جديد للمتطرفين في مالي. وفي فرنسا، تم سريان تمديد حالة الطوارئ. وقالت «هيئة التنسيق لتحليل التهديدات» التابعة لوزارة الداخلية البلجيكية إنه «على ضوء تقييمنا الأخير (...) تقرر رفع مستوى الإنذار الإرهابي في منطقة بروكسل إلى الدرجة الرابعة» موضحة أن التهديد «خطير جداً» في حين بقي «مستوى الإنذار في سائر أنحاء البلاد عند الدرجة الثالثة».
وبرر رئيس الوزراء شارل ميشال الإجراء الاستثنائي بعد 8 أيام على اعتداءات باريس الدامية بـ «خطر وقوع هجوم ينفذه أفراد باستخدام أسلحة ومتفجرات وربما حتى في أماكن عدة في الوقت نفسه» وأن الأهداف المحتملة هي الشوارع التجارية والتظاهرات والفعاليات والأماكن المكتظة ووسائل النقل.
وأشار رئيس الحكومة في مؤتمر صحافي إلى أن القرار اتخذ بناء على «معلومات تتسم نسبياً بالدقة حول خطر وقوع هجوم شبيه بما حصل في باريس».
وشمل رفع مستوى الإنذار منطقة بروكسل ومطار بروكسل وبلدة فيلفورد الفلمنكية التي تعتبر موئلاً للشباب المتطرف. وقال بعد اجتماع مجلس الأمن القومي إن الأهداف المحتملة هي الشوارع التجارية والتظاهرات والفعاليات والأماكن المكتظة ووسائل النقل.
وفي ترجمة عملية للوضع، أغلقت كل محطات مترو الأنفاق في بروكسل في إجراء استثنائي مع استمرار عمل الحافلات بشكل اعتيادي. ولن يعاد تشغيل المترو بعد ظهر اليوم في أحسن الأحوال. وأغلقت الأسواق التجارية وعدد من المتاحف ودور السينما في حين أبقي على مباريات الدوري البلجيكي لكرة القدم للمحترفين. كما ألغي حفلان موسيقيان للمغني الفرنسي جوني هاليداي.
واتخذت الإجراءات غداة توجيه القضاء البلجيكي تهمة الإرهاب إلى شخص لم تكشف هويته أوقف الخميس الماضي لارتباطه بالاعتداءات التي أسفرت عن سقوط 130 قتيلاً في باريس في 13 نوفمبر الحالي. وهو ثالث مشتبه به توجه إليه التهمة في باريس في إطار التحقيقات في الاعتداءات.
في الوقت نفسه، ذكرت وكالة الأنباء التركية دوغان إن بلجيكياً من أصل مغربي يشتبه بارتباطه باعتداءات باريس أوقف جنوب شرق تركيا.
وقالت الوكالة إن أحمد دهماني «26 عاما» متهم بانه شارك في عمليات استطلاع لاختيار مواقع الهجمات، موضحة أنه كان يقيم في فندق فخم في منتجع أنطاليا. وأضافت أنه أوقف قرب أنطاليا مع سوريين كان يفترض أن يساعداه على عبور الحدود مع سوريا.
وذكرت الوكالة أن محكمة في أنطاليا وجهت اتهاماً إلى الرجال الثلاثة الذين لم يذكر تاريخ توقيفهم، وأودعتهم الحبس. وتلاحق باريس وبلجيكا صلاح عبد السلام وهو فرنسي يعيش في بلجيكا ويشتبه بأنه شارك في هجمات باريس ومرافقة الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم قرب ستاد دو فرانس. وهو شقيق إبراهيم عبد السلام الذي فجر نفسه في مطعم في باريس. ويعتقد المحققون أن شريكين مفترضين له موقوفين حالياً في بلجيكا قاما بتهريبه.
وقالت كارين كوكوليه محامية أحد الرجلين إن صلاح عبد السلام كان «متوتراً جدياً و»ربما مستعداً لتفجير نفسه». ولا تزال تداعيات اعتداءات باريس حية في أذهان سكان العاصمة الفرنسية.
وخلال نهاية الأسبوع تقرر عزف النشيد الوطني الفرنسي قبل مباريات كرة القدم في فرنسا وبريطانيا وألمانيا مع تعزيز الإجراءات الأمنية حولها.
وأعلنت حال الطوارىء في كل الأراضي الفرنسية مساء ومن المتوقع أن تستمر حتى نهاية فبراير المقبل.
ورجح التحقيق فرضية المشاركة المباشرة في الهجمات للمتطرف البلجيكي المغربي عبد الحميد اباعود. فقد صور مساء الاعتداءات في محطة لقطار الأنفاق شرق باريس حيث عثر على سيارة استخدمها المهاجمون الذين أطلقوا النار على رواد مقاه ومطاعم. وكشفت تحليلات أنه حمل رشاشاً عثر عليه في السيارة.
ويكشف وجود اباعود الذي قتل الأربعاء الماضي في هجوم للشرطة على شقة في منطقة سان دوني قرب باريس مع ان مذكرة توقيف دولية صادرة بحقه، عن ثغرات في مكافحة الارهاب. وقتلت في الهجوم قريبته حسناء آيت بولحسن «26 عاماً» التي ساعدته في العثور على مخبأ في سان دوني. وفجر رجل ثالث نفسه في الشقة لكن لم يتم التعرف على جثته. وأفرج عن 7 من أصل 8 اوقفوا الأربعاء الماضي خلال العملية. من جهة أخرى، اعلنت نيابة باريس ان اثنين من الانتحاريين الثلاثة الذي فجروا انفسهم في استاد دو فرانس في باريس قبل أسبوع مروا عبر اليونان بين صفوف اللاجئين الفارين من الحرب في سوريا.
وقرر الاتحاد الأوروبي تعزيز المراقبة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، بما يشمل المواطنين الأوروبيين. كما ستعرض المفوضية الأوروبية بحلول نهاية العام مقترحاً لإصلاح قانون حدود فضاء شنغن.
وفي نيويورك، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع مشروع قرار فرنسي يجيز «اتخاذ كل الإجراءات اللازمة» ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
من جهته، سيتوجه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي رحب بتبني هذا النص ويريد إقامة تحالف «فريد» ضد المتطرفين، الأسبوع المقبل إلى واشنطن التي تقود تحالفا دوليا ضد تنظيم الدولة «داعش» في العراق وسوريا، والى موسكو التي تدعم النظام السوري. كما سيستقبل المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في باريس.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن هولاند سيستقبل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في قصر الإليزيه في باريس للبحث في مكافحة الارهاب والنزاع في سوريا.
إلى ذلك، أعلنت مديرية شرطة باريس تمديد منع التظاهر في منطقة باريس حتى نهاية نوفمبر الحالي، تاريخ افتتاح مؤتمر المناخ الذي سيشارك فيه أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة أجنبية. من جهة أخرى، قالت جماعتا رصد إن الحوادث المناهضة للمسلمين ومن بينها الهجوم على مسلمات ورسوم الجرافيتي التي تنضح بالكراهية زادت في فرنسا منذ اعتداءات باريس.
وذكر المرصد الوطني لمناهضة الخوف من الإسلام وهو مؤسسة تربطها صلات بالمجلس الإسلامي الفرنسي أن 32 حادثة مناهضة للمسلمين وقعت الأسبوع الماضي. وقال رئيس المرصد عبدالله ذكري إنه عادة ما يتلقى ما يتراوح بين 4 و5 شكاوى من مسلمين مضطهدين أسبوعياً.
وقالت جمعية التصدي للخوف من الإسلام في فرنسا وهي منظمة مستقلة إنها سجلت 29 حادثة.
ويصل عدد أفراد الأقلية المسلمة في فرنسا إلى 5 ملايين مسلم وهي أكبر أقلية مسلمة في أوروبا وتمثل نحو 8% من السكان.