عواصم - (وكالات): لا يصل صدى الدعوات الدولية والعربية لإنقاذ مضايا السورية، في ريف دمشق، وفك الحصار عنها إلى نظام الرئيس بشار الأسد وميليشيات «حزب الله» الشيعي اللبناني الموالية له، حيث بدأت الأخيرة بتهجير عائلات من مدينة الزبداني إلى مضايا، وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن هذه العائلات تم نقلها بسيارات عسكرية من بلدة بلودان أو الأحياء الشرقية دون السماح لها بأخذ حاجيات أو طعام.
من جهته، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق إن سكان مضايا، البالغ عددهم 42 ألفاً، هم على شفا الموت جوعاً. وفي رد على موافقة الأسد السماح بإدخال المساعدات إلى المحاصرين، طالبت منظمة «أطباء بلا حدود» بإخلاء طبي للمرضى إلى مكان آمن لتلقي العلاج، والسماح بمرور فوري ومن دون عوائق للإمدادات الأساسية المطلوبة لإنقاذ حياة المدنيين. من جهتها، شككت واشنطن في نوايا النظام بإتاحة مواد الإغاثة من دون عوائق. وأعلنت المنظمة أمس أن 23 شخصاً قضوا جوعاً، منذ الأول من ديسمبر الماضي، في مضايا المحاصرة من قبل قوات الأسد و»حزب الله»، والتي تستعد الأمم المتحدة لإرسال مساعدات إنسانية إليها.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 42 ألف شخص، نصفهم من الأطفال، بحاجة عاجلة لمساعدات لإنقاذ حياتهم.
وأعطت دمشق أمس الأول الإذن للوكالات الإنسانية بإدخال مواد إغاثة إلى البلدة، في أعقاب تقارير عن وفيات بسبب الجوع بين المدنيين، الذين نزح كثيرون منهم إلى البلدة من الزبداني المجاورة والتي تسيطر عليها المعارضة المسلحة.
من ناحيته، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 13 شخصاً حاولوا الهرب بحثاً عن الطعام قتلوا بعد أن داسوا على ألغام زرعتها قوات النظام أو برصاص قناصة.
وقال مدير عمليات منظمة أطباء بلا حدود بريس دو لا فيني «هذا مثال واضح على تداعيات استخدام الحصار كإستراتيجية عسكرية». وذكر أن الطواقم الطبية اضطرت إلى تغذية الأطفال بالأدوية السائلة لأنها المصدر الوحيد للسكر والطاقة، ووصف مضايا بـ «السجن المفتوح».
وأضاف «لا سبيل للدخول أو الخروج، وليس أمام الأهالي سوى الموت».
ورحبت المنظمة بقرار دمشق السماح بدخول المساعدات الغذائية لكنها شددت على «ضرورة أن يكون إيصال الأدوية الضرورية لإنقاذ الحياة، أولوية أيضاً».
وقالت المنظمة في جنيف إن قافلة المساعدات ستتوجه إلى مضايا في الأيام القادمة، رغم أن الترتيبات لم تنجز بعد.
وقال المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة روبرت كولفيل «الوضع مروع» مشيراً إلى أن من الصعب التأكد من حجم المعاناة في مضايا بسبب الحصار.
بدوره، قال فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن سكان مدينة مضايا، على شفا الموت جوعاً.
ورغم الدعوات العديدة من الأمم المتحدة، تلقت مضايا آخر مساعدات إنسانية في أكتوبر الماضي.
وأصيب العالم بالذهول أمام صور أطفال مضايا الذين يموتون جوعاً، والسكان الذين تحولوا إلى هياكل عظمية تصارع الموت بسبب الحصار الذي فرضه النظام السوري وميليشيات «حزب الله».
وذكرت مصادر مطلعة على ملف التسوية المتعلقة بثلاث بلدات محاصرة هي مضايا بريف دمشق وكفريا والفوعة في ريف إدلب شمال غرب البلاد، أنه من المتوقع أن تدخل المساعدات خلال الساعات المقبلة.
ولم يكن السماح بدخول المساعدات الإنسانية بحسب مسؤولين في المعارضة السورية نتيجة تعاطف إنساني أمام صور الأطفال الجياع ومشاهد الموت البطيء لأهالي مضايا، بل نتيجة الضغط الإعلامي الذي نجم عن الكشف بالصور والوثائق عن مأساة سببها نظام الأسد تكاد تكون غير مسبوقة في القرن الحالي.
وكانت آخر قافلة للمساعدات دخلت إلى بلدة مضايا في أكتوبر الماضي، في حين سجلت التقارير الواردة من البلدة مقتل العشرات من أهالي البلدة الذين لجؤوا إلى أكل الحشائش وأوراق الشجر بعد نفاد كل المؤن لديهم، واحتكار بعض الميليشيات للمواد والسلع الغذائية وبيعها بأسعار وصلت إلى حدود خيالية، حيث وصل سعر عبوة حليب الأطفال إلى 100 دولار، وكيلو الأرز إلى 275 دولاراً.
وفوق ذلك كله، أكدت الأمم المتحدة التقارير التي أشارت إلى مقتل أشخاص من أهالي مضايا أثناء محاولتهم الهروب من سجن الجوع الذي يقبع فيه 42 ألف نسمة.
وقد أطلق سكان مضايا نداء استغاثة لفك الحصار المفروض عليهم منذ نحو 7 أشهر لإدخال المساعدات الغذائية والطبية بشكل عاجل.
وتجدر الإشارة إلى أن ما يقرب من 4.5 مليون شخص في سوريا يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها، بما في ذلك ما يقرب من 400 ألف شخص في 15 موقعاً محاصراً.
ووصفت جهات إقليمية ودولية المشاهد المأساوية في مضايا بأنها حرب تجويع وجريمة بشعة، هدفها إبادة مدنيين عزل أغلبهم نساء وأطفال، تضاف إلى قائمة طويلة من جرائم نظام الأسد المعنونة بقمع الشعب السوري. في السياق ذاته، شككت واشنطن في نوايا النظام بإتاحة مواد الإغاثة من دون عوائق. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن بلادها لا ترى أي مؤشرات عملية تفيد بأن النظام يريد فعلاً فك الحصار عن مضايا المحاصرة منذ 200 يوم. ووصف كيري استخدام التجويع كسلاح من قبل نظام الأسد بالأمر المقيت.
ودعا إلى السماح بإيصال المساعدات من دون عوائق إلى كل المحتاجين. وتضامناً مع أهالي المدينة المنكوبة، شهدت مخيمات سرمدا وباب الهوى وقفات احتجاجية واعتصامات للنازحين في إدلب ودوما ضد حصار مضايا.
وتظاهر العشرات من أهالي دوما في الغوطة الشرقية، مطالبين بوقف -ما وصفوه- القتل الجماعي للمسنين والأطفال باستخدام سلاح التجويع من قبل قوات النظام وحزب الله في مضايا، منددين بما قالوا إنه تواطؤ للمجتمع الدولي، وازدواجية في معاييره تجاه ما يجري في سوريا.