طالب د.أحمد العبيدلي بضرورة تغيير شروط الترشح الحالية لمجلس النواب، لافتاً إلى أنها لا تضع شروطاً صارمة على المترشحين مما سمح بوصول عدد كبير من المترشحين إلى المجلس النيابي في الوقت الذي لا يمتلكون فيه المواصفات التي كان من المفترض أن تكون في النائب البرلماني.
ودعا د.العبيدلي، في محاضرة ألقاها بمجلس خليفة الكعبي بالبسيتين بعنوان «متى يستحق المرشح النيابي أن يكون نائباً؟»، إلى ضرورة المحافظة على المكاسب الديمقراطية من خلال المجلس النيابي الذي يعد مكسباً مهماً للشعوب المتقدمة.
وأكد أهمية التدقيق في اختيار العناصر الأفضل من بين المترشحين للوصول لمجلس نيابي فاعل قادر على تحقيق طموحات الشعب ويستطيع أن يغير الصورة النمطية والسلبية التي أصبح عليها مجلس النواب اليوم.
وبدأ د.العبيدلي حديثه بالتركيز على أهلية المرشح التي رأى فيها العامل الأول الذي يمكن أن يترشح على أساسه، ورأى أنه من الضروري أن يملك المترشح القدرة على تحمل مسؤولية ترشحه الذي يجب أن تدعمه عوامل كثيرة من مثل أن يكون معروفاً في دائرته وله إسهامات مجتمعية وفكرية في شتى المجالات وأن يملك كاريزما تعطيه صفة الأفضلية على منافسيه وأن يمتلك ثقافة تغطي شتى المجالات مما يؤهله للتعامل مع كل القضايا التي يمكن أن يناقشها المجلس النيابي أو يتخذ فيها قراراً.
وأشار إلى أهمية أن يتصف المترشح بالروح الجماعية في العمل وأن يكون ذا قدرة على قبول الرأي الآخر وأيضاً العمل ضمن جماعة تشاركه الرأي وتتفق وتختلف معه حيث يعد هذا أمراً مهماً بالنسبة للعمل البرلماني الذي يحتاج لروح العمل الجماعي وتغليب مصالح الجماعة على المصلحة الذاتية أو الضيقة.
وتساءل العبيدلي عن عدم مطالبة المترشحين بكشف ذممهم المالية والتي رأى فيها أساساً للثقة بين المترشح وناخبيه الذين يعتقد الكثيرون منهم أن الوصول للمجلس النيابي بات وسيلة لتحقيق المكاسب المادية على حساب مصالح المواطنين.
وأكد أن دور النائب يجب أن يبتعد عن الدور الخدماتي الذي يمارسه البعض بعيداً عن دور التشريع في خلط ربما متعمد لتحقيق بعض المكاسب لحساب الدائرة، ومن أجل إعادة الانتخاب من جديد، أو ربما لجهل عندما يفتقد النائب الرؤية الصحيحة للدور المفترض الذي يجب أن يقوم به.
أما بخصوص معايير الانتخاب الحالية والتي وصل على إثرها معظم النواب إلى المجلس النيابي، فقد رأى العبيدلي أن المترشح يجب أن يكون له برنامج عمل واضح ومدروس يبتعد فيه عن الطائفية والقبلية والمذهبية ويركز اهتمامه في برنامجه الانتخابي على قضايا الوطن التي يشترك فيها الجميع والتي يجب أن تكون محل اهتمامه أثناء وجوده في المجلس أو حتى خارج المجلس بعد انقضاء فترته أو في حال عدم وصوله إلى البرلمان حيث من المفترض أن يكون العمل مستمراً وليس من أجل الترشح والوصول إلى البرلمان فقط.
وبين أن النقص الحاد في ثقافة المترشحين أفقد البرلمان البحريني الكثير من المكاسب التي كان من الممكن الحصول عليها من خلال الفترة السابقة، فبالإضافة إلى فشل البرلمان في حل الكثير من القضايا المحلية، فشل البرلمان أيضاً في التواصل الخارجي ولم يكن له صوت فاعل في أحداث المنطقة الساخنة التي تتطلب للتعامل معها إلى برلمانيين واعين بحقيقة الأحداث وتداعياتها وانعكاساتها على البحرين والمنطقة على المدى القصير أو الطويل.
وشدد على أن الإحباط الذي أصاب الشارع البحريني بعد سلسلة عمليات رفع الدعم والتي تأثر بها المواطن البحريني بشكل كامل والتي ردها الكثيرون منا إلى فشل النواب في التعاطي مع هذه القضايا أو تأييدهم في بعض الأحيان لها، يجب أن لا يدعونا إلى تأييد بعض الدعوات التي نسمعها بين الحين والآخر والمطالبة بحل البرلمان والاكتفاء بعمل السلطة التنفيذية أو إلى الدفع في اتجاه مقاطعة الانتخابات القادمة.
ورأى أن الحلول الحقيقية والمنطقية لعلاج المشاكل الحالية تتركز في التركيز على تثقيف المواطن حتى يستطيع أن يقوم بدوره على أكمل وجه وإيصال من يستحق ومن هو مؤهل لتمثيله في البرلمان والذي لا يكون بالعادة من بين من يستخدم المال السياسي أو يستغل الحاجة والعوز التي يرزح تحتها الكثير من المواطنين الذين يبيعون أصواتهم بثمن بخس أو تسلب منهم هذه الأصوات بتأثيرات ودعوات تحاول أن تبتزهم عاطفياً أو تخوفهم من المستقبل السيء الذي ينتظرهم.
ودعا إلى ضرورة عمل الجميع على نشر الوعي والثقافة السياسية بين أهل البحرين حتى يتمكنوا من المشاركة بفاعلية في الانتخابات القادمة وذلك من خلال تفعيل أدوار الجمعيات السياسية التي رأى أنها لا تعمل الآن بالشكل الصحيح والتي بات معظمها يعمل وفق آلية الانكفاء على الذات والحرص على المصالح الفئوية الضيقة.
كما شدد العبيدلي على دور المجالس الأهلية والمراكز الثقافية التي رأى أنها أكثر قدرة من غيرها على الوصول لفئات المجتمع المختلفة لما أصبح لها من دور فاعل في هذا المجال من خلال هذا العدد الكبير من المجالس التي أصبحت كل مناطق البحرين لا تخلو منها.