عواصم - (وكالات): كشف مصدران سعوديان مطلعان على خطط المملكة للتدريبات العسكرية كجزء من إعدادها لمكافحة تنظيم «داعش» في سوريا، لشبكة «سي ان ان العربية» أن «الرياض وحلفاؤها يحشدون عشرات آلاف الجنود للتدخل في سوريا، فيما ستكون تركيا بوابة العملية»، مضيفين أن «عدد المتدربين قد يصل إلى 150 ألف جندي، وأن معظم الأفراد سعوديين مع قوات مصرية وسودانية وأردنية داخل المملكة حالياً»، فيما رأى محللون أن «السعودية وتركيا قد ترسلان عدداً محدوداً من القوات البرية إلى سوريا لدعم فصائل المعارضة خشية أن تواجه هزيمة ساحقة محتملة من قبل نظام الرئيس بشار الأسد المدعوم من روسيا»، في وقت تشهد فيه مدينة حلب شمال سوريا أكبر موجة نزوح منذ 2011 نتيجة هجوم قوات الرئيس بشار الأسد مدعومة بقصف روسي منذ الإثنين الماضي، بينما قتل 33 إيرانياً بينهم 13 ضابطاً، أحدهم ضابط برتبة لواء في معارك مع المعارضة السورية بريف حلب خلال اليومين الماضيين.
وتركت الرياض الباب مفتوحاً أمام إمكانية نشر جنود، قائلة «سنساهم إيجابياً» في أي عملية برية يقررها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة «داعش» في سوريا.
والتزمت المغرب بإرسال قوات إلى جانب تركيا والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر، ومنذ أسبوعين عيّن السعوديون والأتراك قيادة للقوات المشتركة التي ستدخل سوريا من الشمال عبر تركيا.
وتشمل قائمة الدول الآسيوية المشاركة ماليزيا وإندونيسيا وبروناي والتي أسست قيادة مشتركة لم تعلن عنها حتى الآن، ومن المتوقع أن تكون ماليزيا أول من ترسل قواتها من هذا الثلاثي إلى السعودية.
وشدد السعوديون سابقاً على أن الغارات الجوية وحدها لن تهزم «داعش»، ومن المرجح أن تعيد السعودية استراتيجيتها وستعرضها في اجتماع حلف الشمال الأطلسي «الناتو» لوزراء الدفاع في العاصمة البلجيكية بروكسل، إذ يقول السعوديون إنهم دعموا الغارات الجوية ضد التنظيم كجزء من التحالف ضد «داعش».
وأعلنت السعودية مشاركتها في 119 طلعة جوية منذ انضمامها إلى التحالف في 23 سبتمبر 2014، وأن آخر طلب من التحالف للمشاركة في إحدى الطلعات كان في الأول من يناير الماضي، مما يدفع المسؤولين في المملكة لرؤية أن الضربات الجوية لم تُنفذ بكامل كثافتها وفعاليتها.
ووفقاً للمصدرين فإن «السعوديين يرون أنه عندما يُهزم التنظيم يُمكن لهذه القوة المشتركة أن تقوم بإعادة التوازن لساحة القتال ونشر السلام. وتعتقد المملكة أن مارس المقبل سيكون أنسب وقت لبداية التدريبات العسكرية، لأن السعودية تتوقع السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء قريباً، إذ ترى القوات السعودية أن مواجهة المتمردين الحوثيين تتضاءل وأن ضربة مكثفة من قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن «إعادة الأمل» سُتمّكن الرئيس الشرعي المعترف به دولياً عبدربه منصور هادي من السيطرة على العاصمة، ما سيتيح للسعودية فرصة التركيز على سوريا.
في السياق ذاته، رأى محللون أن السعودية وتركيا قد ترسلان عدداً محدوداً من القوات البرية إلى سوريا لدعم فصائل المعارضة خشية أن تواجه هزيمة ساحقة محتملة من قبل نظام الرئيس بشار الأسد المدعوم من روسيا.
وقال أندرياس كريغ من قسم الدراسات الدفاعية في كلية «كينغ» في لندن إن المعارضة «المعتدلة» تواجه خطر التعرض لهزيمة كبيرة في حال سيطرت قوات النظام على حلب، خصوصاً بعدما تمكن الجيش السوري من السيطرة على بلدات عدة وقطع طريق إمداد رئيساً لمقاتلي المعارضة يربط مدينة حلب بالريف الشمالي حتى تركيا، بغطاء جوي روسي.
وذكر أن «لدى السعودية وقطر شبكات على الأرض»، مشيراً إلى أن «الدوحة حلقة وصل بين الرياض وأنقرة وسط تحسن العلاقات بين البلدين».
وتعتبر محافظة حلب أحد المعاقل الرئيسة للمعارضة المسلحة في سوريا، التي تواجه ربما أسوأ مراحلها منذ بداية الحرب قبل 5 سنوات تقريباً، تزامناً مع تعثر مفاوضات السلام.
وقالت الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة من المعارضة السورية والمدعومة من السعودية، إنها لن تعود إلى مفاوضات السلام التي علقت مؤخراً في جنيف، في حال لم تتم الاستجابة للمطالب الإنسانية.
وفي هذا السياق، أشار مصطفى العاني من مركز أبحاث الخليج إلى أن «السعوديين يعتقدون أن فرصة التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية محدودة جداً»، مضيفاً «أنهم لا يرون أن هناك ضغوطاً حقيقية على النظام لتقديم تنازلات كبيرة (...) ويعتقدون أن الأمور ستحسم ميدانياً في نهاية المطاف».
ويوضح أن «تركيا متحمسة لهذا الخيار في إرسال قوات برية منذ بدأ الروس حملتهم الجوية ومحاولته إخراج تركيا من المعادلة».
وأكد العاني أن السعوديين جادون في نشر قوات «كجزء من التحالف الدولي، خصوصاً في حال مشاركة قوات تركية». لكنه يرى على غرار محللين آخرين أن التدخل السعودي سيكون محدوداً، نظراً إلى كون الرياض تقود تحالفاً عربياً مستقلاً يقاتل في اليمن منذ عام تقريباً، وتحرس الحدود الجنوبية للمملكة من هجمات المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
وتشارك تركيا والسعودية في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي يضم رسمياً 65 دولة. ومهمة هذا التحالف منوطة بضرب أهداف «داعش» في سوريا والعراق، فضلاً عن تدريب قوات محلية لقتال المتطرفين.
وفي نوفمبر الماضي، أبدت الإمارات استعدادها أيضاً لإرسال قوات برية لمحاربة المتطرفين في سوريا.
في غضون ذلك، ينتظر آلاف السوريين، وغالبيتهم من النساء والأطفال، في العراء والبرد من أجل دخول تركيا التي لا تزال تغلق حدودها أمامهم، وذلك بعد فرارهم من ريف حلب الشمالي إثر هجوم لقوات النظام المدعوم بقصف روسي قبل أيام.
وحذرت دمشق من أي «عدوان» بري في أراضيها، مؤكدة أن «أي معتد سيعود بصناديق خشبية» إلى بلاده.
ولم تسمح أنقرة بمرور أي شخص إلى تركيا عند معبر اونجو بينار «باب السلامة السوري» صباح أمس.
وتحت وطأة المعارك في ريف حلب الشمالي شمالاً إثر هجوم عنيف للجيش السوري الاثنين الماضي، فر الآلاف من بلداتهم وقراهم باتجاه الحدود التركية.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن «الأوضاع التي يواجهها النازحون كارثية».
وبحسب المرصد السوري، فر منذ الإثنين الماضي نحو 50 ألف مدني من 6 بلدات وقرى استعادتها قوات النظام خلال هجومها في شمال حلب.
ووفق الأمم المتحدة فإن 20 ألف شخص ينتظرون عند معبر باب السلامة السوري المغلق في وجههم.
وبعد زيارة تفقدية للمنطقة الحدودية، قال حاكم محافظة كيليس التركية سليمان تبسيز انه «من غير الوارد حتى الآن فتح الحدود. الوافدون الجدد يتم استقبالهم في مخيمات في الجانب السوري من الحدود».
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو قال إن تركيا لا تزال تعتمد «سياسة الحدود المفتوحة» أمام اللاجئين السوريين، من دون تحديد موعد للسماح لهؤلاء الآلاف بالدخول.
ويحكم الجيش السوري السيطرة على مواقع عدة استعادها خلال الأيام الماضية في ريف حلب الشمالي، فيما تواصل الطائرات الحربية الروسية استهداف مناطق عدة.
واستعاد الجيش السوري منذ بدء هجومه الاثنين الماضي بلدات عدة في ريف حلب الشمالي وكسر الحصار عن بلدتي نبل والزهراء، ونجح في قطع طريق إمدادات رئيسة للفصائل المقاتلة بين الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها في مدينة حلب وتركيا.
وفي ضوء ذلك، نجحت قوات النظام بتضييق الخناق أكثر على الأحياء الشرقية للمدينة حيث يعيش 350 ألف مدني، وفق المرصد السوري.
كما لم يبقَ أمام مقاتلي الفصائل سوى منفذ واحد يتعرض أيضاً لقصف جوي شمال غرب المدينة باتجاه محافظة إدلب شمال غرب البلاد الواقعة بالكامل تحت سيطرة الفصائل الإسلامية والمقاتلة باستثناء بلدتين.
وعلى صعيد المفاوضات التي أعلن تعليقها في جنيف، اعتبر وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم أنه «لم يجر في جنيف 3 أي حوار في الجوهر، كان كله تمهيداً لإقامة حوار لم يحدث»، مضيفاً أن «الحل السياسي قد يساعد لكن إنهاء القتل في سوريا لا يتم إلا بهزيمة «داعش» و«النصرة» والتنظيمات المرتبطة بالقاعدة».
واألن الموفد الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا تعليق المفاوضات المتعثرة في جنيف حتى 25 فبراير الحالي بسبب الحاجة إلى «القيام بمزيد من العمل».
ومساء اليوم نفسه، أعلنت المعارضة السورية أن وفدها لن يعود إلى جنيف إلا بعد تلبية مطالبها الإنسانية، في حين اعتبرت دمشق أن «الشروط المسبقة» للمعارضة هي التي أفشلت المفاوضات.