عواصم - (وكالات): حثت الأمم المتحدة تركيا على فتح حدودها أمام عشرات آلاف السوريين الذين فروا من هجوم عنيف تشنه قوات الرئيس بشار الأسد في محافظة حلب شمال البلاد وتجمعوا عند المنطقة الحدودية حيث بلغت مخيمات النازحين قدرتها القصوى على الاستيعاب، مشيرة إلى أن مئات آلاف المدنيين قد تنقطع عنهم إمدادات الطعام إذا حاصر جيش الأسد المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة المعارضة للنظام في حلب محذرة من موجة هائلة جديدة من النازحين الفارين من العملية العسكرية التي تجري بغطاء جوي روسي، في وقت أفادت منظمتان غير حكوميتين أن أكثر من مليون سوري يعيشون تحت الحصار بعد 5 سنوات من الحرب لافتة إلى أن الأزمة «أسوأ بكثير» مما تحدث عنه مسؤولو الأمم المتحدة، في حين، قالت وكالة الإعلام الروسية نقلاً عن وزير الخارجية سيرغي لافروف إن روسيا اقترحت على الولايات المتحدة خطة «ملموسة» لحل الأزمة السورية. وأضاف لافروف أن واشنطن تبحث الخطة، بينما أكد مدير المخابرات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر في شهادة معدة للإدلاء بها أمام الكونغرس أن حكومة الأسد استخدمت الكلور في هجمات على المعارضة في 2014 و2015.
وقال المتحدث باسم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وليام سبيندلر في جنيف «نطالب تركيا بفتح حدودها أمام جميع المدنيين السوريين الهاربين من الخطر والباحثين عن الحماية».
وتسببت موجة النزوح الأخيرة «بالضغط على أكثر من 10 مخيمات موجودة في الخط الحدودي الممتد من شمال اعزاز في ريف حلب الشمالي وحتى تركيا»، بحسب ما قال أحمد المحمد وهو مسؤول ميداني في منظمة «أطباء بلا حدود» يدخل يومياً من تركيا إلى محافظة حلب.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن 8 مخيمات عشوائية في الجانب السوري من الحدود مع تركيا بلغت طاقتها «الاستيعابية القصوى»، لافتاً إلى نزوح نحو 31 ألف شخص من مدينة حلب ومحيطها في الأيام الأخيرة.
ويضطر العديد من النازحين «للنوم في الشوارع والعراء بدون بطانيات أو أغطية» وفق المحمد، الذي يتولى مهمة «مدير الصيدلية والتبرعات» في منظمة أطباء بلا حدود.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في بيان بدء «توزيع المواد الغذائية العاجلة للنازحين (...) في قوافل عبر الحدود من تركيا إلى بلدة اعزاز».
وتخشى الأمم المتحدة أن يقطع تقدم القوات الحكومية الطريق الوحيد المتبقي بين المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب ومعابر الحدود التركية الرئيسة والتي كانت شريان حياة للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في نشرة عاجلة «إذا قطعت الحكومة السورية وحلفاؤها طريق الفرار الوحيد المتبقي للخروج من شرق مدينة حلب فهذا سيعزل 300 ألف يعيشون في المدينة عن أي مساعدات إنسانية ما لم يتم التفاوض على نقاط دخول عبر الخطوط».
وأضاف «إذا استمر تقدم قوات الحكومة السورية حول المدينة تقدر المجالس المحلية أن ما بين 100 ألف و150 ألفاً سيفرون نحو عفرين والريف الغربي لمحافظة حلب».
وبعد أسبوع على بدء هجوم واسع في ريف حلب الشمالي بدعم من الغارات الجوية الروسية، تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة على بلدات عدة في المنطقة وقطع طريق إمداد رئيس للفصائل يربط مدينة حلب بالريف الشمالي نحو تركيا. وباتت للمرة الأولى منذ 2012 على بعد نحو 20 كيلومتراً من الحدود التركية.
وتمكنت قوات النظام بفضل هجومها من التقدم باتجاه مدينة تل رفعت، وهي واحدة من المعاقل الثلاثة المتبقية للفصائل المقاتلة في ريف حلب الشمالي، إلى جانب مدينتي مارع واعزاز.
وتعمل منظمات الإغاثة في المنطقة الحدودية مع تركيا على تلبية الاحتياجات الأساسية للنازحين الذين اضطروا إلى ترك منازلهم جراء العمليات العسكرية والقصف الجوي الكثيف من دون أن يتمكنوا من حمل شيء معهم. ولا تزال الحدود التركية مغلقة أمام النازحين فيما تسمح أنقرة بدخول الشاحنات التي تنقل المساعدات الغذائية والطبية اليهم. وأبدت تركيا التي تستضيف نحو 2.5 مليون سوري خشيتها من وقوع «الأسوأ». وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن بلاده تسمح بدخول اللاجئين السوريين «بطريقة محكومة» وإنها سمحت بدخول الآلاف من الفارين من القصف الجوي محذراً من أن عدد المهاجرين الجدد قد يصل إلى مليون إذا استمرت الهجمات.
بدوره قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن الحلف سيدرس «بكثير من الجدية» طلب المساعدة الذي قدمته تركيا وألمانيا لمواجهة أزمة الهجرة عبر المتوسط.
وأفادت منظمتان غير حكوميتين تعملان على رصد المناطق المحاصرة أن أكثر من مليون سوري يعيشون تحت الحصار في مناطق عدة في سوريا، و»معرضون لمخاطر الوفاة بصورة متزايدة» بسبب نقص المواد الغذائية والكهرباء ومياه الشرب. وخلص مشروع مشترك يجمع معلومات من شبكة تنتشر في عمق المجتمعات السورية المحاصرة، إلى نتيجة قاتمة بان نقص تقارير الأمم المتحدة بشأن الحصار قد «يشجع دون قصد على توسيع استراتيجية الحكومة السورية بـ «الاستسلام او التجويع».
وساقت جمعية «باكس» الهولندية و»معهد سوريا» الأمريكي مثالاً على ذلك بلدة مضايا التي قضى فيها 46 شخصا بسبب الجوع منذ ديسمبر الماضي.
وفي دمشق، أسفر تفجير سيارة مفخخة استهدف نادياً لضباط الشرطة في مساكن برزة شمال شرق العاصمة وتبناه تنظيم الدولة «داعش» عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 20، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. من جانبه، صرح رئيس الشيشان رمضان قديروف في تقرير تنشره محطة روسية أنه يتم إرسال جواسيس من الجمهورية الروسية إلى سوريا لاختراق صفوف تنظيم الدولة ومساعدة الطيران الروسي على قصف المتطرفين. ويقاتل 2900 روسي غالبيتهم يتحدرون من جمهوريات القوقاز في صفوف «داعش» في سوريا والعراق بحسب أجهزة الاستخبارات الروسية.