عواصم - (وكالات): بدأت القوات الجوية السعودية والتركية مناورات مشتركة فوق تركيا لخمسة أيام في وقت يؤكد البلدان استعدادهما لتكثيف العمليات ضد تنظيم الدولة «داعش» في سوريا، فيما قتل عشرات المدنيين بينهم أطفال في قصف بالصواريخ أصاب مستشفيات ومدارس في بلدتي أعزاز ومعرة النعمان اللتين تسيطر عليهما المعارضة السورية مع تكثيف القوات السورية التي تدعمها روسيا هجومها صوب معقل المعارضة في حلب، بينما اتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو روسيا بالتصرف في سوريا كانها «منظمة إرهابية» متوعداً برد قوي.
وتصاعدت حدة الاتهامات المتبادلة بين البلدين أمس، فنددت موسكو بـ «الأعمال العدوانية» التركية شمال سوريا، في حين هددت أنقرة بـ «رد حاسم جداً»، وسط تواصل الاشتباكات العنيفة على مقربة من الحدود بين سوريا وتركيا، وتصاعد الإدانات لتعرض مواقع مدنية للقصف.
وقالت رئاسة الأركان التركية في بيان نشر على موقعها الإلكتروني إن 6 مقاتلات سعودية أف 15 ستشارك في المناورات التي تجري في منطقة كونيا وسط البلاد.
وتأتي المناورات بعدما أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن أنقرة والرياض قد تشاركان في تدخل عسكري بري ضد «داعش» في سوريا.
وأعلنت السعودية أنها ستنشر في الأيام المقبلة مقاتلات في قاعدة «أنجرليك» العسكرية التركية جنوباً في إطار التحالف الدولي المناهض للمتطرفين بقيادة أمريكية.
وأكد وزير الدفاع التركي عصمت يلماظ أنه يتوقع وصول 4 مقاتلات أف 16 سعودية إلى قاعدة أنجرليك حيث تنتشر طائرات أمريكية وألمانية تابعة لقوات التحالف.
ولليوم الثالث على التوالي واصلت أنقرة قصف مواقع تحالف كردي عربي شمال سوريا دون أن تحول دون تقدمه على مقربة من حدودها.
وتؤكد تركيا أنها لن تسمح بتقدم وحدات حماية الشعب الكردية، أهم الفصائل المنضوية في التحالف الكردي العربي المسمى قوات سوريا الديمقراطية، باتجاه الحدود التركية.
وأعربت روسيا، التي تدعم طائراتها الحربية العمليات العسكرية للجيش السوري، عن «قلقها الشديد حيال الأعمال العدوانية للسلطات التركية»، معتبرة أن أنقرة تعتمد «خطاً استفزازياً (...) يشكل خطراً على السلام والأمن ويتجاوز حدود الشرق الأوسط».
في المقابل، قال رئيس الحكومة التركية أحمد داود أوغلو «إذا واصلت روسيا التصرف كأنها منظمة إرهابية ترغم المدنيين على الفرار فسنوجه إليها رداً حاسماً جداً».
وأضاف أن «روسيا و«داعش» في سوريا ارتكبا العديد من الجرائم ضد الإنسانية. وهذه القضية ينبغي النظر فيها في إطار القانون الدولي». واعتبر أن «النية الحقيقية لروسيا هي قتل أكبر عدد من المدنيين ودعم النظام السوري ومواصلة الحرب».
وسعت واشنطن إلى استدراك الوضع فحضت روسيا وتركيا على تجنب اي تصعيد.
كما نددت الولايات المتحدة بعمليات القصف شمال سوريا التي تستهدف مستشفيات تشرف على أحدها منظمة أطباء بلا حدود، منتقدة مرة جديدة النظام السوري وحليفه الروسي.
وأصدرت وزارة الخارجية بياناً شديد اللهجة هاجمت فيه «وحشية نظام الأسد» كما «شككت بإرادة وقدرة روسيا على المساعدة في وقفه».
وفي السياق نفسه وفي إطار التنديد بتعرض المدنيين للقصف، أعلنت الأمم المتحدة ان إطلاق صواريخ أدى إلى «مقتل نحو 50 مدنياً بينهم أطفال إضافة الى العديد من الجرحى» في 5 مؤسسات طبية ومدرستين في حلب وإدلب شمال سوريا.
وأضاف مساعد المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق أن الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون يعتبر هذه الهجمات بمثابة «انتهاكات فاضحة للقانون الدولي».
وأمام التوتر من المقرر أن يصل موفد الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا إلى دمشق، حسب ما أعلن مصدر حكومي سوري على أن يلتقي اليوم وزير الخارجية وليد المعلم.
وفي موقف مفاجىء أعربت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن تأييدها لإقامة منطقة حظر جوي في سوريا مثلما تطالب تركيا منذ مدة طويلة.
وركزت المدفعية التركية قصفها على الطريق بين مطار منغ العسكري ودير الجمال الذي تستخدمه قوات سوريا الديمقراطية لنقل تعزيزاتها. كما استهدفت مناطق تواجد الأكراد في مناطق أخرى.
وبرغم القصف التركي، نجحت قوات سوريا الديمقراطية في السيطرة على 70 % من مدينة تل رفعت، أبرز معاقل الفصائل الإسلامية والمقاتلة في ريف حلب الشمالي، إلى جانب مارع إلى الشرق منها وأعزاز شمالاً والأقرب إلى الحدود التركية.
ويسيطر الأكراد على ثلاثة أرباع الحدود التركية السورية، وتتقاسم الفصائل المقاتلة وتنظيم الدولة القسم الباقي.
وأكد داود أوغلو «لن نسمح بسقوط أعزاز، ولا بتقدم الميليشيات الكردية نحو غرب الفرات أو شرق عفرين».
وبرغم نفي الأكراد أي تنسيق مع روسيا، تترافق الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية والفصائل المقاتلة مع غارات مكثفة للطيران الروسي على مناطق الاشتباكات.
وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود مقتل 7 مدنيين وفقدان ثمانية موظفين «يرجح أن يكونوا أمواتاً» في قصف جوي يعتقد أنه روسي دمر أحد المستشفيات التي تدعمها في ريف أدلب الجنوبي شمال غرب البلاد.
وقتل 10 مدنيين، بينهم 6 أطفال، في قصف جوي روسي في محيط مستشفى في مدينة أعزاز وقرية كلجبرين القريبة منها، بحسب المرصد.