مدينة الملك خالد العسكرية - (وكالات): على وقع هدير الطائرات الحربية والمروحيات، وتقدم متناسق للدبابات والمدرعات، نظم في مدينة حفر الباطن شمال السعودية عرض ختامي لمناورات «رعد الشمال» التي شاركت فيها 21 دولة، وهي الاكبر التي تستضيفها المملكة في تاريخها. وحضر المناورة الختامية للتمارين التي بدأت قبل زهاء اسبوعين، قادة وملوك ورؤساء ومسؤولون بارزون لدول مشاركة في المناورات تقدمهم خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي تشكل هذه المناورات الضخمة أحد مظاهر دور إقليمي متزايد وسياسة خارجية جسورة، منذ اعتلائه العرش قبل أكثر من عام.
وكان الإعلام الرسمي السعودي قال عند انطلاق المناورات التي شاركت فيها قوات برية وجوية وبحرية، إنها تهدف إلى التدرب على مواجهة قوات غير نظامية وجماعات «إرهابية». وفي منصة زجاجية فرش خارجها السجاد الأحمر، استضافت «مدينة الملك خالد العسكرية» في مدينة حفر الباطن شمالاً، الملك سلمان وضيوفه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح ونظيره القطري تميم بن حمد آل ثاني، ونائب رئيس الإمارات ورئيس الوزراء وحاكم دبي سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس السوداني عمر حسن البشير والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف. وشارك قادة ومسؤولون سياسيون وعسكريون من دول عدة بينها البحرين وسلطنة عمان والمغرب وتركيا وتشاد والسنغال وماليزيا.
وتابع المسؤولون عرضاً لنحو ساعتين يجسد معركة شاركت فيها طائرات حربية مقاتلة، ومروحيات هجومية وأخرى مخصصة لنقل القوات. وعلى هامش المناورات، عقد خادم الحرمين الشريفين اجتماعاً مع الرئيس المصري، وجرى خلال الاجتماع استعراض مجالات التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين، وتطورات الأحداث في المنطقة.
وتحركت الآليات العسكرية وسط سحب دخان متصاعدة من ضربات جوية ورمايات من رشاشات ثقيلة من البر عبر مدرعات ودبابات، ومن الجو باستخدام مروحيات من طراز «آباتشي». كما نفذت قوات خاصة محمولة جواً، إنزالاً من المروحيات على أهداف «إرهابية»، تزامناً مع تقدم قوات من المشاة لمطاردة الأهداف نفسها، وتنفيذ عمليات تشمل تحرير رهائن، أو اقتحام مخابئ لعناصر مفترضين.
ووصف رئيس هيئة الأركان العامة للقوات السعودية قائد التمرين الفريق أول ركن عبدالرحمن البنيان المناورات بأنها «أحد أكبر التمارين العسكرية من حيث عدد القوات المشاركة واتساع منطقة العمليات العسكرية التي تغطي مسرح عمليات المنطقة الشمالية» عند الحدود مع العراق والكويت. وقال إن المناورات حققت كل الأهداف التي وضعت لها. ومن المقرر أن يقام اليوم عرض عسكري ختامي للقوات المشاركة، والتي شملت دول مجلس التعاون الخليجي ومصر وتركيا وغيرها.
وتأتي المناورات في ظل أوضاع مضطربة في منطقة الشرق الأوسط خاصة مع تنامي نفوذ التنظيمات المتطرفة، ونزاعات في أكثر من بلد خاصة سوريا واليمن، وتوتر إقليمي حاد مع إيران. وكان الإعلام الرسمي السعودي أشار عند الإعلان عن المناورات إلى أنها ستركز على «تدريب القوات على كيفية التعامل مع القوات غير النظامية، والجماعات الإرهابية، وفي نفس الوقت يدرب القوات من نمط العمليات التقليدية إلى ما يسمى بالعمليات منخفضة الشدة». وذكرت وكالة الأنباء الرسمية السعودية «واس» أن المناورات تأتي «في ظل تنامي التهديدات الإرهابية وما تشهده المنطقة من عدم استقرار سياسي وأمني»، وأن الدول المشاركة ترغب «في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة». وتأتي المناورات في خضم دور سعودي إقليمي متزايد، يشمل المشاركة في التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد تنظيم الدولة «داعش». وأعلنت المملكة استعدادها كذلك للمشاركة بقوات برية في قتال الإرهابيين في سوريا، شرط أن يكون ذلك في إطار التحالف الدولي.
كما أعلنت الرياض في ديسمبر الماضي تشكيل تحالف عسكري إسلامي ضد «الإرهاب»، وتقود منذ مارس 2015 تحالفاً عربياً لدعم الحكومة الشرعية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين. وتأتي المناورات في ظل تزايد التوتر بشكل حاد بين السعودية وإيران. وفي مؤتمر صحافي عقده في حفر الباطن الإثنين الماضي، أكد المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي العميد الركن أحمد عسيري أن المناورات تركز على مواجهة التهديد «الإرهابي»، وأنها لا تستهدف إيران. كما قال عسيري إن المناورات غير مرتبطة بالتحالف الإسلامي العسكري الناشئ، والذي من المقرر أن يجتمع مسؤولون عسكريون من دوله في السعودية خلال الشهر الحالي. وأورد الحساب الرسمي للمناورات على موقع «تويتر» أن هدفها «إبراز القدرات القتالية العالية» للجيوش المشاركة، وقدرتها على «العمل في بيئة العمليات المشتركة»، وإظهار أنها «تقف صفاً واحداً لمواجهة التحديات». و»رعد الشمال» هي مناورات عسكرية مشتركة تهدف إلى رفع معدلات الكفاءة الفنية والقتالية للعناصر القتالية المشاركة، وتنفيذ مخطط التحميل والنقل الاستراتيجي للقوات من مناطق تمركزها إلى موانئ التحميل والوصول، بما يحقق النقاط والأهداف التدريبية المرجو الوصول إليها، وصولاً إلى أعلى معدلات الكفاءة والاستعداد القتالي لتنفيذ مهمات مشتركة بين قوات الدول المشاركة لمواجهة المخاطر والتحديات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة.
وشهدت منطقة المناورات تمارين متنوعة قامت بها قوات الدول العشرين منها طلعات جوية لمروحيات عسكرية وطائرات مقاتلة واشتباكات لعدد من القوات البرية مع عناصر إرهابية، كما شملت المناورات تخليص أفراد عسكريين وتطهير مناطق من عناصر العدو، إضافة لعرض عتاد عسكري نوعي يتضمن معدات وأسلحة متطورة وطائرات مقاتلة من مختلف الطرازات. وتم التخطيط لأول مناورات رعد الشمال لكي تبدأ في 27 فبراير 2016 ولمدة أسبوعين بمدينة الملك خالد العسكرية بمنطقة حفر الباطن شمال شرق السعودية، وذلك بمشاركة عدة فروع عسكرية هي سلاح المدفعية، والدبابات، والمشاة، ومنظومات الدفاع الجوي، والقوات البحرية. وتشارك في المناورة 20 ألف دبابة، و2540 طائرة مقاتلة، و460 طائرة مروحية، ومئاتُ السفن، و350 ألف جندي. وسبق لقوات حرس الحدود السعودية وقوات أخرى تابعة لوزارة الداخلية، أن نفذت في مارس من العام الماضي مناورات عند الحدود العراقية استمرت أسبوعاً. وبحسب «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية»، يعد الجيش السعودي الأفضل تجهيزاً من بين دول الخليج.