عواصم - (وكالات): أعلنت أحزاب سورية كردية أمس النظام الفيدرالي في مناطق سيطرة الأكراد شمال سوريا، في خطوة تراها مقدمة لاعتماد نظام مماثل في الأراضي السورية كافة ما بعد الحرب، فيما سارعت دمشق والمعارضة إلى الرفض بقوة، بينما التقت الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن أطياف واسعة من المعارضة السورية الموفد الدولي الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا.
وبعد ساعات على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب الجزء الأكبر من قواته العسكرية من سوريا، أعلن أن في إمكانه، عند الضرورة، إعادة نشر هذه القوات «خلال ساعات»، بينما أعلن قائد القوات الجوية الروسية الجنرال فيكتور بونداريف أن روسيا ستستكمل سحب الجزء الأكبر من قواتها من سوريا «خلال يومين أو 3 أيام». والتقى وفد الهيئة العليا للمفاوضات دي ميستورا. وأشار إلى أنه طلب منه إيضاحات حول لقائه مع وفد معارض ثانٍ أمس الأول.
وكان دي ميستورا اجتمع للمرة الأولى منذ انطلاق مفاوضات جنيف وفداً من المعارضة القريبة من موسكو كان في عداده نائب رئيس الوزراء السوري سابقاً قدري جميل والمتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي وشخصيات أخرى.
وتعارض الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل فصائل عديدة من المعارضة السياسية والعسكرية، مشاركة أي وفد معارض آخر في مفاوضات جنيف، معتبرة أن الوفد المعارض الثاني لا يملك «تمثيلاً حقيقياً على الأرض»، وأنها كانت الطرف المعارض الوحيد المشارك في اتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا الذي بدأ منذ 27 فبراير الماضي.
وقال مصدر قريب من الوفد الحكومي في جنيف إن وفد موسكو الذي يضم شخصيات معارضة مقبولة من النظام، «هو وفد تفاوضي»، وإن فريقه «ينتظر من دي ميستورا أن ينهي في اليومين المقبلين الشكليات، أي تسمية وفود المعارضة»، لافتاً إلى أن الأكراد «سيشاركون في المفاوضات في مرحلة لاحقة».
وأضاف أن «الانطباع العام لدى الوفد الحكومي في جنيف هو أننا دخلنا مرحلة أكثر جدية».
في هذا الوقت، وصل إلى جنيف وفد معارض ثالث يضم 15 شخصية من معارضة الداخل المقبولة من النظام، وسيلتقي الوفد دي ميستورا غداً. وقال أمين عام «حزب المؤتمر الوطني من أجل سوريا علمانية» اليان مسعد الذي يرأس الوفد «سنقدم لدى ميستورا مقترحاً يضم وجهة نظرنا حول الأزمة السياسية (...) ومصرون على أن نجلس إلى طاولة التفاوض».
وأضاف رداً على سؤال حول الموقف من الرئيس بشار الأسد، «لا نريد أن نغير الأشخاص بالقوة بل بصناديق الاقتراع».
وبخلاف وفد الهيئة العليا للمفاوضات الذي يصر على رحيل الأسد مع بدء المرحلة الانتقالية، لا تطالب المعارضة القريبة من موسكو أو تلك المقبولة من النظام والموجودة في الداخل السوري، برحيل الأسد الفوري، إنما تدافع عن انتخابات ديمقراطية تقرر مصيره.
وقال دبلوماسي غربي إن تمثيل المعارضة «واحدة من النقاط الأكثر أهمية» في المفاوضات. وأضاف أن مجرد اقتراح مشاركة وفد غير الهيئة العليا للمفاوضات «يدعم فكرة أن هناك معارضة غير موحدة ويشكك في شرعية الهيئة»، مضيفاً أن حضور مثل هذا الوفد «مسألة مثيرة للجدل».
وقال مقدسي إن «اجتماعاً ثانياً سيجمع الوفد الثاني مع دي ميستورا وننتظر تحديد موعده».
ويبقى المعارض السوري هيثم مناع، وهو من أبرز قياديي مؤتمر القاهرة والرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية «تحالف كردي عربي»، ممتنعاً عن تلبية دعوة دي ميستورا، وهو يطالب بدعوة ممثلين عن الأحزاب الكردية للمشاركة في المفاوضات.
وفي رسالة واضحة إلى المجتمعين في جنيف، أعلن الأكراد نظاماً فيدرالياً في مناطق سيطرتهم شمال سوريا، في خطوة يرونها مقدمة لضرورة اعتماد نظام مماثل في كافة الأراضي السورية ما بعد الحرب.
والمناطق المعنية بهذا الإعلان هي المقاطعات الكردية الثلاث، كوباني «ريف حلب الشمالي» وعفرين «ريف حلب الغربي» والجزيرة «الحسكة»، بالإضافة إلى تلك التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية مؤخراً خصوصاً في محافظتي الحسكة «شمال شرق» وحلب «شمال». وسارعت دمشق إلى التحذير من عواقب «النيل من وحدة سوريا»، بينما أعلن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنه «لن يقبل» بأي مشروع «استباقي» للتسوية الجاري العمل عليها.
وفي موسكو، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنه يمكن لروسيا أن «تعزز وجودها في المنطقة إلى مستوى يتلاءم مع تطورات الوضع هناك».ص وجاء ذلك بعد أيام من إعلان موسكو قراراً مفاجئاً بسحب الجزء الأكبر من قواتها العسكرية بعدما «أنجزت» مهمتها في سوريا إثر تدخل جوي بدأ في 30 سبتمبر الماضي. وأوضح بوتين «هذا ليس ما نريد، فالتصعيد العسكري ليس من مصلحتنا. لذلك نأمل أن يغلب جميع الأطراف المنطق في سبيل عملية السلام».
وأشاد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بقرار روسيا الانسحاب من سوريا، معتبراً أن ذلك يمكن أن «يخفض عدد اللاجئين» الذين يريدون الوصول إلى الاتحاد الأوروبي.