أكد رئيس مجلس النواب أحمد الملا أن ما شهدناه خلال الأعوام الماضية من تدخلات موثقة من النظام الإيراني في الشؤون العربية الداخلية، ودعمه واحتضانه للتنظيمات الإرهابية، فضلاً عما يمارسه من انتهاك لحقوق الإنسان العربي بمنطقة الأحواز العربية كل هذا يستدعي مزيداً من العمل والتعاون فيما بين الدول والبرلمانات ومؤسسات المجتمع المدني العربية، وبالتنسيق مع الدول الصديقة لصد تلك التهديدات والتدخلات حفاظاً على الأمن الإنساني العربي.
وأشار، خلال كلمته في المنتدى العربي الأول بعنوان «التهديدات الإيرانية للأمن الإنساني العربي»، تحت شعار لا حقوق بلا أمن، والذي نظمته «الفدرالية العربية لحقوق الإنسان»، أمس، والتي ألقاها نيابة عنه نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان النائب محمد الجودر، إلى أن أهمية حقوق الإنسان تنبع في الأساس من قيمة الحياة التي وهبها الله للإنسان، وتكريمه له على بقية الكائنات، ولما تضمنته الأديان السماوية وفي مقدمتها الإسلام من نصوص واضحة وصريحة تبين حقوق الإنسان، وتدعو لاحترامها وحفظها والدفاع عنها، ثم جاءت المعاهدات والمواثيق الدولية في عصرنا الحديث للتأكيد على تلك الحقوق، مع وضعها في أطر قانونية دولية.
وأضاف أنه ورغم الطابع الإنساني والعالمي لتلك الحقوق، إلا أنها لم تسلم من استغلالها من بعض القوى والدول لتحقيق مصالح وأجندات خاصة، مؤكداً أن المنتدى العربي الحقوقي يأتي في ظل التطورات السياسية والعسكرية، والتحديات الاقتصادية الاستثنائية التي تشهدها منطقة الخليج العربي، وبقية أقطار الوطن العربي بشكل خاص، والعالم بشكل عام.
ونوه إلى أن البحرين، وانطلاقاً مما نص عليه دستورها، وميثاق العمل الوطني، قامت بالعديد من المبادرات المتقدمة في مجال حقوق الإنسان، من خلال مبادرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، لإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، وإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والأمانة العامة للتظلمات، والمفوضية الخاصة بالسجناء والمحتجزين، وغيرها العديد من الإنجازات، والتي أثنى عليها المجتمع الدولي كافة.
وأوضح، في الكلمة بالمؤتمر بحضور علي الصالح رئيس مجلس الشورى، ومشاركة واسعة من أعضاء مجلس النواب ومجلس الشورى والمجالس التشريعية الخليجية، والأجهزة المعنية بالدول العربية، والهيئات المعنية بحقوق الإنسان والتنمية، والمؤسسات والمجالس واللجان والهيئات الوطنية العربية لحقوق الإنسان، والمنظمات العربية والدولية العاملة بمجال حقوق الإنسان، ومراكز البحوث والدراسات والأكاديميين والطلبة والباحثين في مجال حقوق الإنسان، أن حقوق الإنسان والحريات في جانبها السياسي تكفلها الديمقراطية، كما تكفل حقوقه في المجالات الأخرى، والديمقراطية لكي تعطي ثمارها بحاجة إلى مجتمع آمن مستقر، فالديمقراطية والحريات يصنعها مجتمع حي وفاعل ومتحضر، يمتلك من العلم والوعي والثقافة، ما يجعله قادراً على تجاوز انتماءاته الأخرى، ليكون ولاؤه فقط للوطن الذي يعيش فيه، ويمتلك القدرة على العمل والعطاء والإنتاج، ويعيش في محبة وأمن واستقرار، بين أبنائه جميعاً، ومن هنا وفي مثل هذا المجتمع يمكن للديمقراطية أن تعيش وتزدهر، ويمكن لحقوق الإنسان أن تكون طريقاً لمزيد من الأمن والاستقرار والسلام والازدهار والتقدم، وفي حق الدولة في ضمان «معادلة الأمن والحقوق»، وهو ما جاءت الإشارة له في نص المادة 4 في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وما يدركه الحقوقيون والفقهاء القانونيون في هذا الشأن.
ومن جانبه رحب النائب محمد الجودر نائب رئيس لجنة حقوق الإنسان بالمشاركين والحضور في المنتدى بالبحرين، أرض التسامح والتعايش، ووطن الأمن والسلام، ودولة حفظ القانون ورعاية حقوق الإنسان، ونقل للمشاركين خالص تحيات أحمد بن إبراهيم الملا رئيس مجلس النواب، راعي المنتدى العربي الأول، وصادق تمنياته بنجاح الفعالية، ومؤكداً دعم المجالس التشريعية الخليجية للعمل الحقوقي العربي، لما فيه خير وصالح دولنا وشعوبنا ومستقبلنا جميعاً.
وأعرب عن ثقته أن يحقق المنتدى هدفه الأسمى، بوضع تصور لاستراتيجية حقوقية وطنية وقومية، تسعى لأمن الأوطان ووحدة الشعوب، والعمل على تعزيز الهوية الوطنية، وتأصيل المبادئ والقيم العربية والإسلامية كمرجعية أصيلة في العمل الحقوقي، وتشكيل لجنة خبراء، لمتابعة تطوير وتنفيذ تلك الاستراتيجية، لتكون باكورة انطلاق عمل عربي شامل وموحد.
وعلى صعيد متصل، أشاد د.أحمد الهاملي رئيس الفدرالية العربية لحقوق الإنسان برعاية رئيس مجلس النواب لفعاليات المنتدى وأن الحقوقيين العرب يثمنون عالياً دعمه رئيس مجلس النواب ورعايته للمشاريع والبرامج البرلمانية الحقوقية العربية المستمر والمتواصل، ويؤكدون حرص المجالس والبرلمانات الخليجية على دعم على العمل العربي المشترك.
وأضاف أنه من إيماننا بأهمية العمل العربي المشترك في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وأخذ زمام المبادرة والسعي لتوسيع دائرة الحوار حول تفعيل كل إمكاناتنا الوطنية والقومية من أجل حماية الأمن الإنساني العربي، نظمنا هذا المنتدى كباكورة عمل ستقوم به الفيدرالية بشكل دائم من أجل تعزيز ونشر ثقافة حقوق الإنسان البناءة والقائمة على المواءمة بين القيم الإنسانية السامية وما يستوجبه ذلك من وجود بيئة آمنة ومستقرة قادرة على تحقيق الأمن والسلام والتنمية.
وشهد المنتدى 3 جلسات رئيسة، والإعلان عن تدشين «المبادرة العربية لتعزيز الحقوق والأمن العربي». كما تم في المنتدى مناقشة التهديدات الإيرانية للأمن الإنساني العربي، حيث تحدث أستاذ القانون الجنائي وعضو الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان «عمان» د.راشد البلوشي عن «الأمن الإنساني والأمن القومي كضمانة لتعزيز الحقوق والحريات». فيما تناول المستشار د.فهد الشليمي المفكر والأكاديمي العربي الكويتي «التهديدات الإيرانية لأمن الإنسان العربي»، وعرض الخبير الأمني والاستراتيجي السعودي المستشار د.إبراهيم آل مرعي «الدور الإيراني في تقويض الأمن والسلام الإقليمي والعالمي – نظرة استراتيجية». كما وتحدثت أستاذ العلوم السياسية ورئيس مجلس أمناء المبادرة العربية للتثقيف والتنمية «اليمن» د.وسام باسندوة عن «دور المنظمات غير الحكومية في التصدي للتهديدات الإيرانية». ثم تم إعلان توصيات ونتائج المنتدى.
التدخلات الإيرانية
وفيما يلي كلمة رئيس مجلس النواب أحمد الملا:
بداية أرحب بكم في مملكة البحرين.. أرض التسامح والتعايش.. ووطن الأمن والسلام.. ودولة حفظ القانون ورعاية حقوق الإنسان.. وأتشرف بأن أنقل لكم خالص تحيات معالي السيد أحمد بن إبراهيم الملا رئيس مجلس النواب، راعي المنتدى العربي الأول، وصادق تمنياته بنجاح هذه الفعالية، ومؤكداً معاليه دعم المجلس النيابي للعمل الحقوقي العربي، لما فيه خير وصالح دولنا وشعوبنا ومستقبلنا جميعاً. الحضور الكرام..
يأتي المنتدى العربي الأول بعنوان «التهديدات الإيرانية للأمن الإنساني العربي»، تحت شعار (لا حقوق بلا أمن)، والذي تنظمه -مشكورة- «الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان»، في ظل التطورات السياسية والعسكرية، والتحديات الاقتصادية الاستثنائية التي تشهدها منطقة الخليج العربي، وبقية أقطار الوطن العربي بشكل خاص، والعالم بشكل عام.
إن أهمية حقوق الإنسان تنبع في الأساس من قيمة الحياة، التي وهبها الله للإنسان، وتكريمه له على بقية الكائنات، لقوله سبحانه: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر)، ولما تضمنته الأديان السماوية، وفي مقدمتها الإسلام من نصوص واضحة وصريحة تبين حقوق الإنسان، وتدعو لاحترامها وحفظها والدفاع عنها، ثم جاءت المعاهدات والمواثيق الدولية في عصرنا الحديث، للتأكيد على تلك الحقوق، مع وضعها في أطر قانونية دولية. وبالرغم من الطابع الإنساني والعالمي لتلك الحقوق، إلا أنها لم تسلم من استغلالها، من قبل بعض القوى والدول لتحقيق مصالح وأجندات خاصة.
إن حقوق الإنسان والحريات في جانبها السياسي تكفلها الديمقراطية، كما تكفل حقوقه في المجالات الأخرى، والديمقراطية لكي تعطي ثمارها، بحاجة إلى مجتمع آمن مستقر، فالديمقراطية والحريات يصنعها مجتمع حي وفاعل ومتحضر، يمتلك من العلم والوعي والثقافة، ما يجعله قادراً على تجاوز انتماءاته الأخرى، ليكون ولاؤه فقط للوطن الذي يعيش فيه، ويمتلك القدرة على العمل والعطاء والإنتاج، ويعيش في محبة وأمن واستقرار، بين أبنائه جميعاً.
ومن هنا.. وفي مثل هذا المجتمع.. يمكن للديمقراطية أن تعيش وتزدهر، ويمكن لحقوق الإنسان أن تكون طريقاً لمزيد من الأمن والاستقرار والسلام والازدهار والتقدم، وفي حق الدولة في ضمان «معادلة» الأمن والحقوق، وهو ما جاءت الإشارة له في نص المادة (4) في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو ما يدركه الحقوقيون والفقهاء القانونيون في هذا الشأن.
وإن ما شهدناه خلال الأعوام الماضية من تدخلات موثقة من قبل النظام الإيراني في الشؤون العربية الداخلية، ودعمه واحتضانه للتنظيمات الإرهابية، فضلاً عما يمارسه من انتهاك لحقوق الإنسان العربي في منطقة الأحواز العربية.. كل هذا يستدعي مزيداً من العمل والتعاون فيما بين الدول والبرلمانات ومؤسسات المجتمع المدني العربية، وبالتنسيق مع الدول الصديقة، لصد تلك التهديدات والتدخلات، حفاظاً على الأمن الإنساني العربي.
كما وأود الإشارة هنا إلى أن مملكة البحرين، وانطلاقاً مما نص عليه دستورها، وميثاق العمل الوطني، قامت بالعديد من المبادرات المتقدمة في مجال حقوق الإنسان، من خلال مبادرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل المفدى لإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، وإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والأمانة العامة للتظلمات، والمفوضية الخاصة بالسجناء والمحتجزين، وغيرها العديد من الإنجازات، والتي أثنى عليها المجتمع الدولي كافة.
ختاماً.. فإننا نتطلع بكل الثقة والتفاؤل، أن يحقق هذا المنتدى المبارك هدفه الأسمى، بوضع تصور لاستراتيجية حقوقية وطنية وقومية، تسعى لأمن الأوطان ووحدة الشعوب، والعمل على تعزيز الهوية الوطنية، وتأصيل المبادئ والقيم العربية والإسلامية، كمرجعية أصيلة في العمل الحقوقي، وتشكيل لجنة خبراء، لمتابعة تطوير وتنفيذ تلك الاستراتيجية، لتكون باكورة انطلاق عمل عربي شامل وموحد، من أجل الأمن الإنساني العربي.
سائلاً المولى عز وجل، أن يسدد على طريق الخير خطاكم، وأن يوفقكم في مسعاكم ومنتداكم الكريم.
مليشيات إيران
وفيما يلي كلمة الدكتور أحمد الهاملي: أود في البدء أن أعرب باسم «الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان» عن عميق شكري وتقديري لكم جميعاً، على مشاركتكم في منتدانا هذا «التهديدات الإيرانية للأمن القومي والإنساني العربي، لا حقوق بلا أمن».. كما أشكر لكم جميعاً جهودكم وإسهاماتكم في سبيل الإعلاء من شأن حقوق الإنسان بالوطن العربي.
أصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكريم، منذ عقودٍ طويلة، انشغل الفكر الإنساني بالمكانة التي يحظى بها (الفرد – الإنسان) ليس في مجتمعاته فحسب، بل بالمكانة التي اكتسبها في المجتمع الدولي، وهي مكانة تأتي من تزايد الاهتمام الدولي بالفرد بجعله محور العلاقات الدولية وأحد أشخاص القانون الدولي العام. وعليه كان من أبرز مظاهر الاهتمام بمكانة الفرد بالمجتمع الدولي، وفي إطار العلاقات ما بين الدول، هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948، وما تلاه من تأكيدات تضمنها العهد الدولي الأول الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الثاني الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ويطرح العنوان الذي ينعقد المنتدى العربي الأول من أجله اليوم (لا حقوق بلا أمن) موضوعاً على قدرٍ كبير من الأهمية، ألا وهو موضوع الأمن الإنساني الذي يعني، وبأبسط تعريف له (أمن الحياة)، وبالتالي يعد الأمن الإنساني أحد أهم الركائز الأساسية لمنظومة حقوق الإنسان. ولو تفحصنا مفهوم الأمن الإنساني وتأملنا في معناه سنجد ثمة رابطة قوية وثيقة الصلة تربطه بحقوق الإنسان وتشده لموضوعها، فكلاهما ينشد الأخر ولا يكتمل إلا به، فلا أمان للإنسان دون حماية لحقوقه، ولا حقوق مكفولة للإنسان عندما يغيب الأمن عنه. وبغياب الأمن والأمان عن مواطني أي مجتمع عندها يصعب الحديث عن أية حقوق مكفولة لهم. ومن هذه الفكرة ترتقي مقولة (لا حقوق بلا أمن) إلى مكانتها الحقيقية. ومن أجل ذلك لا بد من ضمان سلامة الكيان السياسي للدولة لكي تعمل على الحفاظ على حياة المواطنين وحماية أمنهم وضمان استقرارهم من أية تهديدات، خارجية كانت أم داخلية. بمعنى أخر، يعد هذا المطلب الحقوقي - الإنساني الذي يسعى إلى حماية أرواح الناس والحفاظ على ممتلكاتهم الضمانة الحقيقية للمجتمع وتأمين أجياله، وهو مطلب أقرته ونصت عليه الأعراف والمواثيق الدولية الخاصة بحريات الأفراد وحقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، باعتباره مطلباً يخص المجتمع الدولي لضمان سلامة أمنه واستقراره. أصحاب المعالي والسعادة، السادة الحضور: إن من أهم ما يشكل تهديداً للأمن الإنساني العربي وحقوقه المدنية والسياسية في العيش في أمنٍ وسلام، هو التدخل الإيراني في شؤون المنطقة العربية وفرضها لسياسة الفصل الطائفي التي لا تختلف عن سياسات الفصل العنصري التي حرمتها الاتفاقيات والأعراف الدولية لحقوق الإنسان. إن المتتبع للسياسة الإيرانية يمكن أن يلاحظ، ومن دون عناء يذكر، أنها تجسد مفهوم (إرهاب الدولة)، معتمدةً بذلك على مبدأ تصدير الثورة الذي أقره دستورها بهدف نشر وتعميم أيديولوجيتها المذهبية - السياسية إلى بقية الأقطار والدول العربية المجاورة لها من خلال سعيها الحثيث والمتواصل لإنتاج حالة غير مستقرة من الاضطراب والفوضى تقود إلى تغيير ثوابت الشرعية الدستورية للأنظمة السياسية العربية للإطاحة بها وإحلال أنظمة أخرى بديلة موالية لها.
إن السياسة المنهجية التي تتبعها إيران، والقائمة على مبدأ التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، بقدر ما تثيره من فتنٍ وصراعاتٍ طائفيةٍ داخلية وأحقادٍ مذهبيةٍ تدمر البنى المؤسسية للدولة وتمزق وحدتها الوطنية ونسيجها الاجتماعي، فإنها تعد خرقاً واضحاً وفاضحاً لحقوق الإنسان في العيش الكريم وتصادر حرياته الأساسية وخياراته واختياراته الإنسانية. إذ لا يمكن توصيف مبدأ تصدير الثورة إلى الغير بأقل من التدخل في الحق الثابت لمبدأ حرية الشعوب باختيار النظام السياسي الذي تريد.
إن من أبشع ما عانت منه المجتمعات العالمية على مر التاريخ من انتهاكات لحقوق الإنسان تتمثل في الممارسات الناجمة عن الكراهية وسياسات الفصل العنصري. وها نحن اليوم نشهد في مجتمعنا العربي فصلاً آخر من فصول سياسات الفصل القائم على أساسٍ طائفيٍ مقيت صدرتها لنا الأيديولوجيا الطائفية الإيرانية لتقسم مجتمعاتنا إلى طوائف متناحرة.
فليس من المنصف اعتبار السياسة التي تنتهجها ميليشيات إيران بتغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي، وإقصاء السكان وإبعادهم عن ديارهم ومناطق سكنهم، وإحلال فئات اجتماعية ومن طائفة معينة بدلاً منهم على أنها سياسة عفوية لا تقوم على التفرقة المذهبية. وليس من باب الحق والعدل السكوت عن ممارسة سياسة القتل الجماعي والاغتيالات والتعذيب والزج في السجون على الهوية والانتماء الطائفي دون إبداء إدانة صريحة من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
وفي ضوء كل ما تقدم نعتقد أن من حقنا التساؤل والحالة هذه: بماذا يمكن أن نصف مبدأ تصدير الثورة؟، ووفق أي معيار يمكن تبريره؟، ما المعايير والقواعد القانونية التي تبرر سياسة القتل والتعذيب والاعتقال على الهوية؟، بماذا نصف تقسيم المجتمع الواحد وتصنيفه إلى فئات اجتماعية مذهبية طائفية خارج حدود الهوية الوطنية الجامعة؟، أمام كل هذه التساؤلات، وربما العديد غيرها، تُغّيب أمامنا، أو يغيب عنا الجانب الحقوقي الثابت كحق معترف به من حقوق الإنسان، وبالتالي نتساءل أيضاً كيف تقف المنظمات الحقوقية والقانونية، الحكومية منها وغير الحكومية، مكتوفة الأيدي أمام هذه السياسات ولا تبادر بإدانتها، في الوقت الذي يكون هذا المطلب من صلب اختصاصها المهني في الدفاع عن حقوق الإنسان ضد الدول التي تنتهج مثل هذه السياسات. وضمن قناعاتنا أيضاً، أن هذه الممارسات اللاإنسانية واللاحقوقية تدعونا اليوم إلى أن نقف بالضد منها، من أجل تقويمها وتصويبها بما يتوافق مع الحقوق الثابتة والمتعارف عليها في إطار الأعراف والمواثيق الدولية.
حضورنا الكريم: إن ملتقانا في هذا المنتدى لا يتوخى تحقيق أهداف سياسية، كما لا يهدف إلى التخندق والتمترس خلف مواقف يراد بها تأمين الحشد السياسي، والتثوير الانفعالي العاطفي واللاعقلاني، إنما غايته توضيح الحقائق والكشف عن السياسات التي يقوم بها النظام الإيراني لمصادرة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتشويه انتمائه الوطني وتغييب القواعد والقيم الأخلاقية في التعامل مع دول المنطقة وشعوبها. وفي نفس الوقت ندعو إيران، إذا كانت تريد السلام والاستقرار لهذه المنطقة كما تدعي، أن تراعي مبادئ حسن الجوار واحترام حقوق الآخرين لضمان أمنهم الإنساني في خياراتهم واختياراتهم، وأن تنأى بنفسها بعيداً عن سياسة التدخل في شؤون الآخرين، التي لا تحصد من ورائها سوى الأحقاد والنزاعات والصراعات، وأن تختط لنفسها طريقاً يتيح لها فرصاً وآفاقاً رحبة في البناء والتقدم والازدهار.
أصحاب المعالي والسعادة، الحضور الكريم: علينا أن ندرك جميعاً، وبمنطق التفكير الجاد والملتزم، خطورة المرحلة التاريخية التي نمر بها، فما نحن عليه اليوم لم يكن وبكل الأحوال أفضل مما كنا عليه بالأمس، فالتحديات تفاقمت خطورتها بفعل عوامل داخلية وأخرى خارجية، قادت إلى تفكك بعض الدول العربية وما تزال تهدد البقية منها. إن هذه اللحظة التاريخية التي نعيشها اليوم تفرض علينا الاعتراف بخطايانا وأخطائنا، بهفواتنا ومزالق بعض سياساتنا لنتدارك بها مواطن الوهن لنتجاوزها بعد معالجتها، ونشخص مواضع القوة فينا لنفعلها ونجعل منها المحفز والدافع بالخطوة إلى الأمام لبناء مستقبل واعد نصون به أوطاننا ونضمن سلامة القادم من أجيالنا.
أصحاب المعالي والسعادة السادة الحضور: أشكر لكم حسن استماعكم، وآمل آن تكون أعمال المنتدى مكللة بالنجاح لكل ما نأمل فيه خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.