استنكر وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، محاولات إيران وسعيها لتسييس موسم الحج من خلال التصريحات العدائية المتكررة من كبار المسؤولين الإيرانيين، مشيداً بالجهود العظيمة والحثيثة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين في رعاية جميع حجاج بيت الله الحرام، وتوفير كافة السبل لإنجاح موسم الحج.
وحول العلاقات مع إيران، أعرب الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة عن تطلعه إلى إقامة علاقات طبيعية قائمة على الالتزام بمبادئ حسن الجوار والأعراف الدولية وميثاق الأمم المتحدة، والاحترام المتبادل لسيادة الدول واستقلالها، مطالباً إيران بالوقف الفوري لتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية والكف عن الممارسات التي تمس أمننا القومي.
جاء ذلك خلال كلمته في ختام أعمال الدورة العادية 145 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري والتي انعقدت أمس بجمهورية مصر العربية، حيث أوضح الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن مملكة البحرين حرصت خلال ترؤسها للدورة «145»، على بذل كل جهد من شأنه الإسهام في تحقيق تلك الأهداف السامية.
وأشار إلى أن أعمال هذه الدورة بدأت بخطوة مهمة من خلال التوافق على اختيار أحمد أبوالغيط أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، وشهدت انعقاد القمة العربية الـ27 «قمة الأمل» التي استضافتها بكل اقتدار مدينة نواكشوط، كما عقدت العديد من الاجتماعات في إطار المتابعة والتفاعل مع كافة القضايا والمستجدات.
وأكد أن هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الأمة العربية تتطلب مراجعة جادة للمواقف والقرارات، وصياغة سياسات فاعلة، ووضع خطط واستراتيجيات شاملة، قائمة على الإيمان بوحدة الأهداف والمصالح والمصير المشترك، وتعزز من تكاتفنا وتلاحمنا، لحل قضايانا كافة داخل النطاق العربي، بما يحمي دولنا ويعزز أمنها واستقرارها ويحقق تطلعات الشعوب العربية بمستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً.
وأعرب وزير الخارجية عن أمله في أن تتواصل المساعي الإقليمية والدولية لحل القضية الفلسطينية، وأن تشهد المزيد من الحراك للضغط على الجانب الإسرائيلي لوقف التعنت المستمر المتمثل في زيادة وتيرة الاستيطان والحصار والاعتداءات المتكررة على حرمة المسجد الأقصى، والوصول إلى حل عادل وشامل للقضية، بإنهاء الاحتلال وقيام الدول الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، استناداً لمبادرة السلام العربية وتنفيذاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وعن الوضع في سوريا، أكد أن الشعب السوري الشقيق يعيش حالة مأساوية ومحنة كبرى في داخل أراضيه وخارجها، مشدداً على ضرورة مواصلة العمل لتأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى كافة المناطق السورية وإلى الدول المجاورة المستضيفة للاجئين السوريين، وعلى أهمية الاتصالات والتنسيق المستمر بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية كونه الطريق الصحيح والسليم للوصول إلى حل سياسي وسلمي للأزمة السورية في المحافل الدولية وعلى الأراضي السورية، مؤكداً على الدور المحوري الهام لجامعة الدول العربية في حل هذه الأزمة.
وفيما يتعلق بالوضع في الجمهورية اليمنية، أدان وزير الخارجية بشدة الخطوات التي اتخذتها القوى الانقلابية، التي من شأنها أن تزيد الوضع تأزماً، مؤكداً التزام المملكة بواجبها في المشاركة ضمن التحالف العربي للدفاع عن الشرعية في اليمن حتى تتمكن الحكومة الشرعية من بسط نفوذ الدولة على كامل الأراضي اليمنية وتفعيل دور مؤسساتها الوطنية، ووقف التدخلات الخارجية، بما يضمن عودة الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق والوصول إلى حل سياسي، وفقاً للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216.
وبشأن الوضع في ليبيا، أكد الحرص على أمن واستقرار ووحدة دولة ليبيا، متطلعاً إلى أن تلقى حكومة الوفاق الوطني الدعم من كافة الأطراف السياسية والحصول على موافقة مجلس النواب الليبي، وأن تتوحد جميع الجهود لتعزيز المصالحة الوطنية وبناء الدولة الليبية الحديثة، وإعادة الأمن والاستقرار والقضاء على الجماعات الإرهابية.
وأشار وزير الخارجية إلى «أننا جميعاً نشترك في تحدي مواجهة ومحاربة الإرهاب وتداعياته، بما يحتم علينا ضرورة اتخاذ خطوات جماعية حاسمة وواقعية من أجل القضاء على الجماعات الإرهابية وتجفيف منابع دعمها وتمويلها، وعدم إعطاءها الفرصة في الوصول إلى أهدافها وسعيها لزعزعة أمننا واستقرارنا والمساس بوحدتنا وتفريق شعوب أمتنا، عن طريق بث الفتن الطائفية وتشويه قيم ديننا الإسلامي الحنيف، الذي هو بريء منها ومن أعمالها البغيضة».
وقام الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، بتسليم رئاسة مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري إلى وزير الشؤون الخارجية بالجمهورية التونسية خميس الجهيناوي.
وصدر عن المجلس الوزاري بيان، يدين فيه التصريحات العدائية للمرشد الإيراني علي خامنئي، تم التأكيد فيه على أن الاتهامات والادعاءات والحملات المغرضة التي تقوم بها إيران تتنافى تماماً مع قيم ومبادئ الإسلام التي تدعو إلى الألفة والمحبة والتآخي، كما تتعارض مع مبادئ سياسة حسن الجوار ولا تساعد على بناء علاقات بناءة بين الدول الإسلامية.
وناقش المجلس الوزاري، عدداً من الموضوعات الخاصة بالعمل العربي المشترك وفي مقدمتها آليات تطوير وإصلاح الجامعة العربية، إضافة إلى التشاور حول القضية الفلسطينية، وتطورات الوضع في كل من سوريا وليبيا واليمن، واحتلال إيران للجزر العربية الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وسبل صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب.
إلى ذلك دانت الجامعة العربية أمس التصريحات «العدائية والتحريضية» للمرشد الإيراني على خامئني. وأصدرت الجامعة العربية بياناً حاد اللهجة بعنوان «إدانة التصريحات العدائية والمشينة للمرشد الإيراني» عقب اجتماع لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة في القاهرة.
واستنكر الوزراء العرب «بأشد العبارات اللغة التي صدرت بها تلك التصريحات والتي لا تليق بأعلى سلطة في إيران».
ودانت الجامعة «العبارات المسيئة والمشينة التي لا يجب أن تصدر من زعيم دولة إسلامية ولا تتفق أيضاً مع حقيقة ما تقوم به» السعودية «تجاه الإسلام والمسلمين».
وأكد البيان أن السعودية «هي الوحيدة المختصة بتنظيم أمور الحج وخدمة ضيوف الرحمن».
وأعلنت الجامعة رفضها «استخدام فرائض الإسلام لإثارة النعرات الطائفية لتحقيق أهداف سياسية خاصة في موسم الحج».
ونددت جامعة الدول العربية بالتدخلات الإيرانية في شؤون دول عربية.
وفي وقت سابق، وجه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط انتقادات لإيران قائلاً «إن استقرار العراق رهن باحترام دول المحيط الجغرافي لسيادته واستقلاله الوطني. ويقودني ذلك إلى الحديث بكل وضوح عن التدخلات الإيرانية المرفوضة في الشؤون الداخلية للدول العربية»، مضيفاً أن «هذه التدخلات أفرزت اضطرابات واحتقانات طائفية وصراعات مذهبية في عدد من البلدان العربية».
وأعطيت الكلمة لرئيس وفد السعودية في الاجتماعات السفير السعودي أحمد قطان الذي انتقد قادة إيران مشدداً على أن «السعودية ستبقى الوحيدة المختصة بتنظيم أمور الحج».