عندما ينص دستور المملكة على ضمان حق المواطنين في التعليم والصحة، تأتي قصتي لتبين وجود ثغرة، إما بسبب سوء الأنظمة المتبعة في المدارس أو إهمال في القدرة على تبني مسؤولية حل مشكلة تلميذ يعاني من نقص في الانتباه لا يريد أهله سوى ضمان حقه في التعليم بصفته ابناً من أبناء هذا البلد.
أنا أم، منّ الله علي بابن يعاني من (نقص في الانتباه)، وهذه الحالة لا تصنف على أنها إعاقة، بل هي صعوبة في التعلم يمكن التغلب عليها.
قمت في بداية اكتشافي للأمر بالسفر إلى الخارج وعرضه على أطباء متخصصين هناك، وقد أكدوا لي إمكانية إدماجه بشكل طبيعي في الصفوف الاعتيادية، إذ يحتاج إلى تطبيق بعض التفاصيل في المعاملة لفهم بعض الأمور خلال اليوم الدراسي، وهو الأمر الذي يمكن للمدرسة داخل الصف أن تقدمه لمثل هذه الحالات.
أدخلت ابني منذ ثلاث سنوات لإحدى المدارس الخاصة، ورغم أنه يتلقى تعليمه في هذه المدرسة، وأنا بدوري أحرص شخصياً على متابعته دائماً، إلا أنني لم ألمس اهتماماً ملحوظاً بابني داخل الصف، فهو بحاجة إلى تفهم حالته من قبل المدرسة، وعدم جعله ينزوي وحده في الصف بعيداً عن الآخرين، الأمر الذي اكتشفته صدفة خلال زيارة مفاجئة له، فرغم المصاريف الباهظة التي أدفعها إلا أنني لا أريد لابني بأن يركن في زاوية الصف دون اهتمام.
قررت تغيير مدرسته، وكنت أظن أن المسألة بسيطة فهي إجراءات روتينية وقت التسجيل لينقضي الأمر، ولكني فوجئت بأن رحلة البحث عن مدرسة لابني صعبة جداً، فبعد تجوال طويل بين مدارس خاصة وحكومية، وبعد مقابلة إداريين في 6 مدارس مختلفة، قيل لي بالحرف الواحد (لا نريد أطفالاً بمثل هذه الحالة، فنحن نحاول التخلص منهم).
إن كانت المدرسة (وأياً كان وصف المدرسة خاصة أم حكومية) تعمل بهذا المبدأ، مبدأ التخلص من التلاميذ الذين يحتاجون الرعاية، فعن أي رسالة سامية نتحدث وعن أي تربية وتعليم نريد له أن يكون واقعاً معاشاً لا حبراً على ورق.
قابلت مديرين، ووكلاء، ولايزال ابني بلا مدرسة تقبله، فالخاص لا يريدونه لاعتباره حملاً عليهم، والحكومة يتعذرون بخلفيته الإنجليزية، وبين الضفتين لايزال ابني حائراً.
لا تهمني المصاريف رغم تحملي للكثير من أجل ضمان حق تعليم ابني، ولكن ما لا أقبله هو أن أكون مواطنة وأبحث عن مدرسة تقدم لابني حقاً من حقوقه هو «حق التعلم».
ضاقت بي السبل، وصفدت في وجهي الأبواب، وأنا لا أزال هائمة بين دهاليز المدارس والوزارة دون حل، ودون من يتبنى إيجاد حل مناسب لابني.
من هذا المنبر أتقدم بنداء إنساني إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، أستنجد به وأنا ابنة هذه الأرض، لأن يوجه المسؤولين لإيجاد مدرسة تقبل ابني، فهو ليس معاقاً لكي يذهب إلى مركز معاقين، بل هو طفل عادي يهوى السباحة وركوب الخيل، وقادر على التعلم مع أقرانه بقليل من الاهتمام وتفهم حالته، فهل ما أطلبه عصي على الوزارة، ولا يمكن أن تحققه لي، ولماذا سدت الأبواب في وجهي دون تحمل عبء البحث عن حل، وهل يحق للمدارس الخاصة رفض طفل فقط لأنها لا تريد أن تتفهم احتياجاته في التعليم، علماً بأنني على استعداد لتوفير مرافق له في أي مدرسة إذا اقتضى الأمر، ولكن جميع المدارس سدت أبوابها في وجهي.
أتمنى أن يضاء أمل جديد لابني، بعد كل ما مررت به، فقد سدت في وجهي جميع السبل، ولم يعد أمامي سوى طرق باب الوالد رئيس الوزراء الموقر وكلي أمل في التوجيه لحل مشكلة ابني الذي يبلغ الآن 10 سنوات ويحقق درجات في آخر العام بين ممتاز وجيد جداً في مختلف المواد.
بيانات الأم والطفل لدى المحررة