تشهد البحرين مايو 2017 حدثاً طبياً فريداً من نوعه بافتتاح أول مركز طبي متكامل على مستوى المنطقة لعلاج الاورام السرطانية بمستشفى الملك حمد الجامعي يدار بخبرة بحرينية بعد خمس سنوات من تشغيله فعليا، ليكون وجهة طبية معتمدة في علاج أمراض السرطان وعمليات زرع نخاع العظام والأنيميا المنجلية والأمراض الوراثية دون تكلف عناء السفر للخارج.
ويأتي المشروع الطبي الحيوي الضخم ترجمة واقعية لتوجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى في بناء مركز طبي عالمي معتمد يعنى بتشخيص ومعالجة المصابين بأمراض السرطان داخل البحرين بين أهلهم وذويهم وفق أعلى المعايير العالمية والخدمة الطبية العالية على غرار المراكز العالمية المتقدمة في هذا المجال.
ولعل إنشاء مركز بهذا الحجم الكبير وبتجهيزات طبية رائدة سيكون له الأثر الأبلغ في حل مشكلة صحية واجتماعية ونفسية تعاني منها العديد من دول العالم والبحرين ليست بمعزل عن ذلك، ويبقى الفارق كبيراً حينما تسعى قيادتنا إلى تقديم خدمات طبية متخصصة في اكتشاف حالات السرطان وعلاجها على أرض الوطن بالتعاون مع أرقى المراكز العالمية في هذا الشأن وبما يضعها في مصاف الدول المتقدمة في مجال علاج الأورام السرطانية، وهذا ما أكده المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين بضرروة علاج مرضى السرطان بين أحضان أهلهم بعيداً عن الاغتراب وتخفيفاً عليهم من أعباء السفر وبما يضمن لهم تقديم مستوى عالٍ جداً من الرعاية الطبية والاهتمام اللازم وأن يحظى مركز علاج السرطان بمستشفى الملك حمد الجامعي بسمعة مرموقة على غرار مركز محمد بن خليفة التخصصى للقلب والذي أصبح وجهة سياحية طبية معروفة لدى مواطني البحرين ودول الجوار.
إن مثل هذه المشاريع الطبية الوطنية الكبرى التي تصب في صالح الإنسانية تتطلب جهوداً مضنية ومتابعة لا متناهية تبدأ خطوة بخطوة لتكون في النهاية كالجبل الشامخ الذي يبقى شاهداً على سيرة رجال وطن قدموا الكثير في سبيل تقدمه وازدهاره .
اتفاقية لعلاج حالات السرطان
وفي هذا الإطار، شهد الفريق طبيب الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للصحة مؤخراً، توقيع اتفاقية تعاون طبي مع مستشفى Erciyes التركي لتشغيل مركز علاج الأورام التابع لمستشفى الملك حمد الجامعي بالكوادر الطبية والتمريضية المتخصصة والإدارية المؤهلة في مجال علاج الأورام، موضحاً أن الاتفاقية بين الجانبين البحريني والتركي تأتى تنفيذاً لتوجيهات حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى القائد الأعلى في إنشاء مركز متخصص في البحرين لعلاج حالات السرطان وبما يواكب رؤية المملكة 2030 وحرص القيادة على توفير المكان اللازم والمهيأ هندسياً وفنياً وطبياً وإدارياً لهذه الفئة من المرضى، بحيث يكون المركز مقصداً طبياً معتمداً عالمياً يضمن الاكتشاف المبكر لحالات الأورام السرطانية وضمان متابعة علاجها محلياً في ظل توافر أطباء مختصين داخل البحرين.
ونصت الاتفاقية السارية لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد على التعاون في تعيين وتبادل الطواقم الطبية والإدارية المتخصصة بين الطرفين وتقديم دورات تدريبية تمنح شهادات معتمدة للأيدي البحرينية العاملة في هذا الحقل الحيوي على أن يدير المركز طاقم بحرينى بالكامل بعد انقضاء المدة المذكورة.
وحصول المركز على شهادة الاعتماد العاليمة من قبل «gc» وهي لجنة التصنيف الموحدة للجمعية العالمية للعلاج بالخلايا الجذعية والجمعية الأوروبية لزرع نقي العظم.
وتنص مذكرة التعاون على إيجاد خدمة طبية متخصصة تضاهي المعايير العالمية وتوفيرها في مركز علاج الأورام بمستشفى الملك حمد الجامعي، مما يساهم في حصول المواطن والمقيم على العلاج المناسب لحالات الإصابة بالأورام السرطانية دون الحاجة إلى السفر للخارج وتكبد مشقة ومصاريف السفر الباهضة لمثل هذه الحالات التى تتطلب علاجاً مستمراً وخطة طبية مجدولة لمكافحة المرض.
كما تسعى الاتفاقية إلى وضع البحرين على خارطة الطريق العالمية في مجال علاج السرطان وبحوثه المتعلقة بأمراض الدم والأورام وتعزيز البحوث الوطنية والعالمية في هذا المجال، إضافة للمشاركة الفعالة في تبادل الخبرات والتعرف على أحدث التقنيات التكنلوجية الطبية في علاج الأورام بما يعزز مكانة القطاع الطبي لمملكة البحرين في هذا الجانب على المديين القصير والبعيد.
مستشفى «أرجيس» ومكانة دولية
ووقع الاختيار على مستشفي Erciyes التركي من بين 35 مركزاً معتمداً حول العالم في هذا المجال وذلك نظير الخبرة الكبيرة والسمعة العالية التى يتحلى بها المستشفى.
ويذكر أن مستشفى أرجيس الجامعي الذي يقع في مدينة قيصرية بتركيا، قد تأسس في عام 1969، ويحتوي حالياً على 18 كلية، وهي: كلية الطب والاقتصاد والإدارة والعلوم والتقنية والهندسة والفنون وهندسة العمارة والطب البيطري وطب الاسنان والتربية والقانون والصيدلة والزراعة، و 14 مدرسة تعليم عالي، و7 معاهد، و37 مركزاً بحثياً، أهمها مركز أبحاث الخلايا الجذعية والموروثات الجينية.
ويتألف مستشفى أرجيس من مستشفى عام ومستشفى لأمراض القلب والأوعية الدموية ومستشفى لزرع الأعضاء ومستشفى للأطفال ومستشفى أمراض الدم والأورام ومركزاً لزراعة نقي العظم بمجموع أسرة يبلغ 1300 سرير وهو حائز على اعتمادjacie وهي الهيئة الاوروبية التي تعنى باعتماد مراكز زراعة نخاع العظم عالمياً. ويقدر عدد الطلبة الملتحقين بمستشفى أرجيس الجامعي بحوالي 50 ألف طالب وطالبة من 125 دولة حول العالم .
مركز أبحاث وتخطيط معتمد عالمياً
ويشكل بناء مركز معتمد لعلاج الأورام السرطانية في البحرين تجربة رائدة مثيرة للاهتمام، فهذا الداء الذي تعاني منه البشرية قد أصبح هاجساً يثير قلق المجتمع البحريني كما دول العالم بما يشكله من ضرر لا يصيب المريض فحسب بل يتعداه إلى مشاكل نفسية واجتماعية ومادية ترهق كاهل الأسرة. هذا ما أكده اللواء طبيب الشيخ سلمان بن عطية الله آل خليفة قائد مستشفى الملك حمد الجامعي، مضيفاً أن بناء صرح طبي وطني مختص بعلاج الأورام سيكون باذن الله بادرة إنسانية نبيلة جداً تحظى بالاهتمام والدعم من قوة دفاع البحرين في توفير العلاج المناسب والعناية والرعاية اللازمة لمرضى الأورام دون الحاجة إلى السفر لخارج المملكة كما هو الحاصل الآن .
وتابع في البداية سيتم افتتاح 40 سرير، وسيستقبل المركز في بادئ الأمر كبار السن دون الاطفال، وسيضم في حال افتتاحه في مايو العام المقبل عدة أقسام وهي قسم العلاج بالأشعة وقسم العلاج بالكيماوي والعيادات الخارجية والعلاج التوظيفي .
وأضاف ستكون للمركز مهمتين في الحالة الاولى عندما يتم تشخيص المريض وتبين بأن حالته سهلة سيتم علاجه في البحرين وان كانت تستدعى علاجه بالخارج فسيتم ابتعاثه الى نفس الجامعة في تركيا وهناك يبدأ مشوار العلاج مباشرة لانه أكمل مرحلة الفحص والتشخيص وبعد خطة العلاج المحددة له هناك بالاماكن متابعة علاجه مرة أخرى في المركز بين أهله وذويه وطبعاً في هذه الحالة ستكوم تكلفة المريض أقل وسيكون تحت إشرافهم المباشر، وهذا في حد ذاته سيضمن للمريض عناية متواصلة ومتابعته أولاً بأول ومع زيادة الخبرة والسمعة سيتم إجراء جميع العمليات في البحرين وتدريجياً سيتم تدريب البحرينيين وإحلالهم لتولي الوظائف الطبية التخصصية.
وأردف ما يميز الاتفاقية أيضاً هي عمليات نقل النخاع بمعنى عمليات زرع نقي العظم وهي تصلح لنوعين من المرضى، النوع الأول هم المرضى الذين يعانون من السرطان والثاني هم المرضى الذين يعانون من الأنيميا المنجلية وأمراض الدم الوراثية المختلفة، مشيراً إلى أن عدد المرضى الذين يعانون من الأنيميا المنجلية تقريباً خمسة آلاف حالة في البحرين، بالإمكان شفاؤهم شفاء تام من خلال عمليات نقل النخاع، وهذا العلاج غير متوفر حالياً لكن سيدخل حيز التنفيذ من خلال تشغيل المركز.
وقال قائد مستشفى الملك حمد الجامعي الأمر الآخر المهم من هذه الاتفاقية هو حصولنا على أسعار خاصة وبالتالي تقل تكلفة المريض حين علاجه في المستشفى التركي نظراً للتعاون القائم بيننا، إضافة إلى ذلك سيضم المركز قسماً للأبحاث الجذعية بالتعاون مع مركز أرجيس وهو من أفضل المراكز على مستوى أوروبا حيث يضم الآن ما يقارب 300 باحث في هذا المجال.