عواصم - (وكالات): أدلى الناخبون الأمريكيون بأصواتهم للاختيار بين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون لتكون أول سيدة تتولى الرئاسة، والجمهوري دونالد ترامب الشعبوي الحديث العهد في السياسة لدخول البيت الأبيض، في السباق الرئاسي الذي يشارك فيه كذلك المرشح المستقل غاري جونسون ومرشحة حزب الخضر جيل شتاين. ودعي نحو 225 مليون ناخب إلى اختيار أحد المرشحين رئيساً خلفاً لباراك أوباما. واختتم النهار أمس حملة طويلة اتسمت بحدة غير مسبوقة فيما يترقب العالم بأسره النتيجة بقلق خاصة أن المرشحين على طرفي نقيض في رؤيتيهما لمستقبل أكبر قوة في العالم. ولن يعرف اسم الرئيس الأمريكي المقبل قبل الساعة الثالثة فجر اليوم بتوقيت غرينتش. وأدلت هيلاري كلينتون بصوتها برفقة زوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون في مدرسة ابتدائية قرب منزلها في تشاباكوا في ولاية نيويورك، حيث انتظرها حشد متحمس من 150 شخصاً لأكثر من ساعة. وقالت عند خروجها من مكتب التصويت «أنا مسرورة» وصافحت الحاضرين وتبادلت معهم الحديث. كذلك أدلى مرشح كلينتون لمنصب نائب الرئيس تيم كاين بصوته في معقله في ريتشموند بولاية فرجينيا، برفقة زوجته آن هولتون ورئيسة جمعية محلية وهي سيدة مسنة عمرها 99 عاماً، علقت له ملصقاً صغيراً على صدره، عليه عبارة «أدليت بصوتي». وبات عشرات ملايين الناخبين يضعون باعتزاز الملصق.
وسئل كاين عن الانقسامات العميقة بين الديمقراطيين والجمهوريين، فقال «سيعود لنا، إذا ما حالفنا الحظ وفزنا، أن نشكل فريقاً يطبق سياسات ويتحدث بأسلوب يظهر أننا نريد أن نحكم من أجل الجميع».
وقام العديد من الناخبين بالإدلاء بأصواتهم مبكراً قبل التوجه إلى أعمالهم. وكان 20 ناخباً ينتظرون أمام مكتب تصويت في بالميتو باي جنوب ميامي بولاية فلوريدا، إحدى الولايات الأساسية التي ستحسم نتيجة الانتخابات. وفي قرية كليفتون الصغيرة في فرجينيا، إحدى الولايات الأساسية أيضاً، بدأ صف الانتظار يتشكل منذ الصباح، وعند فتح المكتب، كان هناك 150 ناخباً متجمعين، وهو أمر لم يحصل أبداً من قبل، بحسب ما قال المسؤول الانتخابي في المكان.
وأدلى 42 مليون أمريكي من أصل أكثر من 225 مليون ناخب مسجلين على اللوائح الانتخابية، بأصواتهم في إطار التصويت المبكر، لتفادي صفوف الانتظار يوم الانتخابات. ورغم أن كلينتون لا تزال متقدمة على ترامب بفارق بضع نقاط في استطلاعات الرأي، إلا أنه لا يزال بإمكانه الفوز. وتأمل هيلاري كلينتون «69 عاماً» في أن تدخل التاريخ كاول رئيسة للولايات المتحدة بعد 44 رئيساً منذ جورج واشنطن في 1789. واختتمت كلينتون آخر تجمع انتخابي لها بدعوة الناخبين إلى اختيار رؤيتها «لأمريكا ملؤها الأمل وتكون للجميع وسخية». وتعتزم كلينتون الحكم في استمرارية لعهد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما ودعت في آخر ساعات حملتها الانتخابية إلى وحدة البلاد وتجاوز الانقسامات الحزبية.
أما الجمهوري ترامب «70 عاماً» الذي يعتز بأنه دخيل على السياسة، فيأمل في أن يحقق مفاجأة كبرى كما حصل عندما صوتت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، خلافاً لتوقعات استطلاعات الرأي.
ووعد عند اختتام حملته بأن يلم شمل الأمريكيين خلف حدود آمنة ويجعل «الأولوية لأمريكا».
وبنى ترامب، الملياردير النيويوركي ذو الأطباع الحادة، حملته على انتقاد النخبة السياسية التي يتهمها بأنها «نزفت البلاد»، وهو الذي لم يسبق أن شغل أي منصب منتخب، قدم نفسه على أنه رجل التغيير الذي سيتصدى للفساد الذي يتهم به النخب، وصوت المنسيين الذين وعدهم بأن «يعيد لأمريكا عظمتها». وكانت الحملة الانتخابية طويلة ومضنية وانحدرت إلى مستويات من البذاءة والإهانات لم تشهده البلاد من قبل، وهو ما أسفت له كلينتون. وعبر 82% من الأمريكيين عن اشمئزازهم من مسار الحملة، في استطلاع للرأي نشر مؤخراً. وفي الخارج، تابع العالم بقلق وترقب الحملة الانتخابية الرئاسية لأكبر قوة في العالم.
فالمرشحان على طرفي نقيض على كل الأصعدة، من جهة هيلاري كلينتون الشخصية المتواجدة على الساحة السياسية منذ 25 عاماً والتي لا يحبها نصف الأمريكيين ويشككون بنزاهتها. وهي زوجة الرئيس الأسبق بيل كلينتون «1993-2001» وكانت على التوالي السيدة الأولى لولايتين وعضواً في مجلس الشيوخ عن نيويورك ووزيرة خارجية في عهد أوباما. وهي في غاية الانضباط والمثابرة، تعرف جميع الملفات بشكل معمق، لكن شخصيتها لا تثير حماسة كبرى.
في المقابل هناك ترامب الذي هو أقل شعبية منها «62%»، وهو ملياردير ومقدم سابق لبرنامج «ذي أبرانتيس» من تلفزيون الواقع، وهو صاحب شخصية فظة استغل مشاعر الغضب والخيبة التي تحرك الطبقة الوسطى من الأمريكيين البيض التي تواجه بقلق تبدلات العالم من حولها.
وخلال تجمعاته الانتخابية كانت الحشود المتحمسة تردد أفكاره الاساسية: «بناء الجدار» على الحدود مع المكسيك لوقف الهجرة غير الشرعية و»تجفيف مستنقع» الفساد الذي يعتبر أنه منتشر في واشنطن.
ولم يتوقع الحزب الجمهوري وصول ترامب إلى مرحلة تمثيله في الانتخابات، وعبر قسم كبير من برلمانيي الحزب عن رفضهم له بسبب مواقفه والفضائح التي طالته طوال الحملة الانتخابية.
ورغم ذلك، فهو ينافس كلينتون بفارق بسيط أو متعادل معها في العديد من الولايات الأساسية التي ستحسم نتيجة الانتخابات. أما على المستوى الوطني، فتتقدمه كلينتون بفارق 3.3 نقاط «45.3% مقابل 42% لترامب». وتميل الخارطة الانتخابية لمصلحة كلينتون في الانتخابات التي تجري على مستوى الولايات.
ويصوت الأمريكيون أيضاً لتجديد 34 من مقاعد مجلس الشيوخ المئة ومقاعد مجلس النواب الـ 435. ويأمل الديمقراطيون في الحصول على غالبية في مجلس الشيوخ الخاضع حالياً لهيمنة الجمهوريين مثل مجلس النواب.
وتنتخب 12 ولاية من أصل 50 حاكماً جديداً كما تنظم عشرات الاستفتاءات المحلية في 30 ولاية حول مسائل تتفاوت بين تشريع استخدام الماريجوانا وصولاً إلى إلغاء عقوبة الإعدام. كما تجرى آلاف العمليات الانتخابية المحلية لاختيار قضاة ومدعين ومسؤولين محليين آخرين.