حذيفة إبراهيم



أعلنت هيئة البحرين للثقافة والآثار عن اكتشاف تاريخي يعود إلى أكثر من 3700 عاماً، حيث تم اكتشاف أسماء ملِكين من ملوك دلمون ممن حكموا أثناء العصر البرونزي فضلاً عن تحديد مدفنيهما الملكيين، فيما كشفت تحاليل الكربون المشع التي أجريت على المدفنين الموجودين في المدافن الملكية بقرية عالي وسط المملكة أنهما بنيا تقريباً في عام 1715 و 1700 قبل الميلاد.
وقالت رئيسة الهيئة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة خلال مؤتمر صحافي أمس في متحف البحرين الوطني، إن القطع ستتاح للعرض في 2017 بعنوان «آثارنا إن حكت»، كما سيتم افتتاح مركز زوار «الخميس» 10 يناير المقبل.
وأضافت أن «مستوطنة سار» هو مشروع طموح تأمل الهيئة تنفيذه، حيث سيكون متحف موقع، ومركزاً إقليمياً دائماً للتراث العالمي، معربة عن طموحها في الحصول على الدعم للمشروع خلال 2017، مضيفة أن باربار وعالي لديهم مشروعين وفي آثار عالي سيكون هناك مركز للزوار.
وبينت الشيخة مي بنت محمد أن جهود التنقيب متواصلة طوال العام، ولكن هذه المرة كشفت التنقيبات عن سر جديد يمكن اعتباره منعطفاً مهماً مرت به البحرين».
وأضافت «لازالت طبقات الأرض تخفي في جعبتها ما يجعلنا نتوق لاكتشافه والإعلان عنه»، مشددة على أن التراث والآثار هي ما يميز البحرين، وأن هذا الاكتشاف جاء نتيجة لجهود امتدت على مدى سنوات، ما يجعل الهيئة تخصص عنوان العام القادم ليكون «آثارنا إن حكت»، حيث إن للمملكة تراثاً إنسانياً يستحق المحافظة عليه والترويج له بما يساهم في دعم الاقتصاد من خلال السياحة الثقافية القائمة على التراث والآثار.
فيما قال مدير إدارة المتاحف الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة إن هيئة البحرين للثقافة والآثار تولي اهتماماً كبيراً بالبحوث والتنقيبات التاريخية والأثرية، مشيراً إلى أن هذا الاكتشاف بدأ بجهود منقبين بحرينيين عملوا باجتهاد كبير، ما يعكس اهتمام الهيئة بجهود الفرد البحريني وإسهاماته في العمل الأثري.
خبير الآثار من فريق التحقيقات المشترك بين متحف البحرين ومتحف مويسغارد بالدنمارك د. ستيفن لارسن، أكد أن فريقاً من علماء الآثار البحرينيين اكتشف العام 2012 عدداً من شظايا أوعية حجرية في إحدى المدافن الملكية في عالي، وكانت هذه الأوعية في الأصل وضِعت في مدفن ملك دلموني من العصر البرونزي، وتبينت لفريق الباحثين مدى أهمية هذا الاكتشاف عندما أظهرت التحاليل التي أجريت على هذه الشظايا أن 4 من تلك الأوعية تحمل نقوشاً مسمارية مكتوبة باللغة الأكادية القديمة.
وأضاف لارسن: «كشفت عملية ترجمة هذه النقوش وتحليلها التي قام بها البروفيسور جياني مارتشيزي من جامعة بولونيا بإيطاليا أن 3 منها تذكر اسم الملك الذي كان يرقد في المدفن، حيث أظهرت أن اسمه كان «ياغلي-إيل» (Yagli-El) وأنه كان «خادم إنزاك من أغاروم» (Inzak of Agarum ). أما اسم «ياغلي-إيل» فيعني تقريباً «الإله يتجلّى بشخصه»، في إشارة محتملة إلى مرتبة الألوهية التي كان يتمتع بها ملوك دلمون.
وتابع «اسم الملك الدلموني يدل على أنه كان ينتمي للعموريين - أو الأموريين.. تكمن أهمية الاكتشاف في كونه يثبت وجود صلة بين السلالة الملكية المدفونة في عالي والممالك العظيمة في بلاد ما بين النهرين التي حكمها العموريون أثناء تلك الحقبة الزمنية مثل بابل وماري وحلب وآشور وإيبلا وغيرها».
وأشار إلى أنه «تذكر جميع النقوش قصر الملك وتدعوه بلقبه الدلموني الملكي وهو «خادم (الإله) إنزاك من أغاروم»، وهو لقب معروف منذ عام 1879 كونه ذُكِر في نقوش مجهولة التاريخ على «حجر دوراند» الشهير تقول «قصر ريموم (Rimum)، خادم (الإله) إنزاك من أغاروم»، وتطابق النقوش المكتشفة حديثاً نقوش «حجر دوراند» تماماً مضاف إليها اسم الملك، ومن العجيب أن إحدى النقوش الملكية المكتشفة حديثاً في عالي تذكر بالنص أن الملك «ياغلي-إيل» كان ابن الملك «ريموم».
وأضاف لارسن «أنه لتحديد التسلسل الزمني للسلالة الملكية المدفونة في عالي، عكف فريق الباحثين المشترك طوال السنوات الـ7 الماضية على البحث والتحقيق في الترتيب الزمني وتاريخ المدافن الملكية في عالي، معتمداً في ذلك على مزيج من التنقيبات الميدانية وتحليلات لعِمارة المدافن والتأريخ بواسطة الكربون المشعّ».
وأوضح أن التحليلات التي قادها بدعم من الهيئة ومتحف مويسغارد ومؤسسة كارلسبرغ في الدنمارك، كشفت عن تحديد مدفن الملك «ياغلي-إيل» التي وجدت النقوش بداخلها، ما يعني ضمناً أن المدفن الملكي المكتشف سابقاً يمكن أن يكون مدفن والده الملك «ريموم».
وأشار إلى أنه عُثر على كميات كبيرة من أوعية الفخار والحجر الصابوني من عصر دلمون المبكرة، ويعود تاريخها إلى الفترة التي تم فيها دفن الملك، غير أن القبر نُهب في العصور القديمة وأُعيد استخدامه كمدفن في فترة لاحقة، وعلى الأرجح لن يكون بالإمكان تحديد رفات الملك «ياغلي-إيل، إبن ريموم وخادم إنزاك من أغاروم» من بين العظام البشرية العديدة الموجودة في الموقع.