أكد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، «أننا على ثقة تامة بأن مسيرة العمل المشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة ستشهد نقلة نوعية بالنظر إلى طبيعة العلاقات الودية الوثيقة التي تربطنا بالمملكة المتحدة والقائمة على أسس الثقة والاحترام المتبادل».
وترأس عاهل البلاد المفدى رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى أمس قمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع دولة رئيسة وزراء المملكة المتحدة الصديقة عضو البرلمان تيريزا ماي، على هامش قمة دول مجلس التعاون الـ37، التي تستضيفها مملكة البحرين، بقاعة الاجتماعات في قصر الصخير.
فيما أكدت رئيسة وزراء المملكة المتحدة الصديقة في كلمة أنه حينما ستغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي، عزمها انتهاز الفرصة لتشكيل دور عالمي كبير لبريطانيا من خلال بناء تحالفات جديدة، قبل أن يشيد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة في كلمة، بما تضمنته كلمة عاهل البلاد المفدى الاستهلالية من عبارات عكست عمق ومتانة العلاقات الخليجية البريطانية والبعد الاستراتيجي لتلك العلاقة.
وفي بداية الجلسة ألقى عاهل البلاد المفدى كلمة هذا نصها:
«بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الجلالة والسمو،
دولة السيدة تيريزا ماي، رئيسة وزراء المملكة المتحدة الصديقة،
الحضور الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يطيب لي باسم إخواني قادة دول مجلس التعاون، وباسمي، أن أشكر دولة رئيسة وزراء المملكة المتحدة الصديقة السيدة تيريزا ماي على حضورها هذا الاجتماع الهام، في أول زيارة رسمية لها للمنطقة كضيفة شرف في هذه القمة، والتي تحمل دلالات بالغة الأهمية تعمل على تقوية مسيرة التعاون التاريخية العريقة، التي تجمع المملكة المتحدة بدول مجلس التعاون لأكثر من مائتي عام.
ونتطلع بأن تثمر مباحثاتنا عن آفاق أرحب من التعاون، نستشرف من خلالها طبيعة ومتطلبات مرحلة العمل المقبلة بين الجانبين، لنصل إلى اتفاقات وقرارات نوعية جديدة للبناء على ما تم إنجازه، عبر تبادل المرئيات والخبرات لمستويات أكثر تقدماً في المجالات كافة، وخاصة السياسية، والدفاعية، والأمنية، والاقتصادية، والتركيز على تطوير الشراكة بين القطاع العام والخاص، واستثمار الفرص الكبيرة والواعدة، من خلال خطة عمل محددة وواضحة تعتمد الآليات المناسبة لاستمرارية التشاور والتعاون والتنسيق وبما يوثق من علاقاتنا الاستراتيجية مع المملكة المتحدة الصديقة.
الحضور الكريم،
إن عقد مثل هذه القمة بما تحمله من أهداف وتوجهات حيوية وجوهرية على صعيد علاقات دول المجلس والمملكة المتحدة، لهو قرار موفق وتوجه مبارك، لأهمية ما تشكله التحالفات الاستراتيجية في عالم اليوم لمواجهة المتغيرات والتحديات المختلفة والحاجة إلى التقارب والتنسيق المستمر لحفظ مكتسباتنا كشعوب ودول محتضنة للبناء والتنمية ومحبة للسلام والاستقرار.
وإننا على ثقة تامة بأن مسيرة العمل المشتركة بين الجانبين ستشهد نقلة نوعية بالنظر إلى طبيعة العلاقات الودية الوثيقة التي تربطنا بالمملكة المتحدة والقائمة على أسس الثقة والاحترام المتبادل.
شاكرين حسن استماعكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعد ذلك ألقت دولة رئيسة وزراء المملكة المتحدة الصديقة تيريزا ماي كلمة هذا نصها..
يسرني التواجد هنا في المنامة، في أعقاب زيارة صاحب السمو الملكي أمير ويلز للاحتفاء بالعلاقات الممتدة عبر القرون بين البحرين والمملكة المتحدة. وأنا ممتنة للغاية لجلالة الملك حمد على منحي هذا الشرف الخاص بدعوته لي لمخاطبة قادة دول مجلس التعاون الخليجي.
نلتقي في وقت التغيرات الكبيرة في العالم، التغيرات السياسية والتغيرات الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية وبالكاد في كل مجال نحن نواجه التغيير والاضطرابات.
إن المخاطر التي تتهدد أمننا المشترك تنمو وتتطور في وقت يعبر فيه الإرهابيون الحدود القومية لتخطيط هجماتهم ضد شعبنا بينما تظهر التهديدات الجديدة من خلال الاستخدام الشرير لشبكة الإنترنت وتواصل بعض الدول التعامل بطرق تؤدي لتقويض الاستقرار في منطقتكم وكذلك في المقابل تقويض أمننا في الغرب مما يعزز الحاجة للعمل المشترك فيما بيننا.
نحن في الغرب نواجه التحدي المتمثل في محاولة إدارة تلك القوى لعملية العولمة مما يترك في الأوقات الأخيرة بعض الناس في الوراء. هنا في خليجكم أيضاً أنتم تواجهون التحديات لتوفير الوظائف لشعوبكم وبناء ما أسميه أنا بالاقتصاد المفيد لكل الناس.
وفي هذا العالم المضطرب، يبحث الناس في كل الاتجاهات عن القيادة ونحن نتحمل هذه المسؤولية. وأنا أؤمن بأنها أكثر من مجرد مسؤولية، لأننا إذا عملنا سوياً ستكون فرصتنا غير المسبوقة لإثبات أننا نفهم نطاق التغيير الذي يحتاجه الناس، ونفهم حقاً ما يترتب عليه وفوق ذلك كله والأهم أننا كقادة يعول علينا في تقديم الإنجازات والعطاء.
وفي معظم محادثاتي مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال الخمسة أشهر الماضية منذ توليت رئاسة الوزراء، ساد الشعور بأن أعز أصدقائك القدامى الموثوقين يمرون بأوقات عصيبة، وبهذه الروح أتيت إلى هنا. لدينا تاريخ ثري لنبني عليه، فمنذ أولى المعاهدات في القرن السابع عشر شاهدنا شركة الهند الشرقية توصلت لاتفاقات حول التجارة البريطانية والوجود العسكري في عمان ضمن شراكتنا العميقة مع حلفاء الحرب الباردة، وبكل فخر أذكر دور المملكة المتحدة الرائد في تعزيز العلاقات بين دول الخليج والغرب والتي هي مصدر رخاؤنا وأمننا المشترك.
وحينما ستغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي، فإنني عازمة على انتهاز الفرصة للخروج للعالم وتشكيل دور عالمي كبير لبلادي، نعم، من خلال بناء تحالفات جديدة ولكن الأهم العمل سوياً مع أصدقائنا في الخليج أسوة بحلفائنا هنا في الخليج الذين وقفوا بجانبنا عبر القرون. ويشكل هذا الوقت تحدياً أكثر من أي وقت مضى في القيام بذلك. وفي مواجهة أبشع صور التطرف الذي لا تنفرد به هذه المنطقة وفي مواجهة كل ما يتهدد النظام والقانون وأمننا المشترك وأسس رخائنا المشترك، تسعى المملكة المتحدة لتأكيد العلاقات التاريخية القيمة وتجديد الشراكة الأساسية لمستقبلنا المشترك.
من خلال قبولي شرف مخاطبة قادة دول مجلس التعاون، أسعى لتقديم رسالة التواصل والبدء في بناء فصل جديد في علاقات التعاون وتعزيز العلاقات الاستراتيجية بناءً على الشراكة الحقيقية والالتزام الدائم بين بلداننا وشعوبنا، ومن خلال هذه العلاقات سيكون بوسعنا التغلب على تلك التحديات الكبيرة التي تواجه أمننا ورخاءنا المشترك وننتهز هذه الفرصة لبناء المستقبل الواعد لأجيالنا القادمة.
أسمحوا لي أن أبين بعض الطرق التي ستتبعها المملكة المتحدة في خطواتها لتعزيز علاقاتها مع دول مجلس التعاون: ودعونا أبدأ أولاً بالأمن:
أمن الخليج هو أمننا
الأمن الخليجي هو أمننا. المتطرفون يخططون هجماتهم الإرهابية هنا في هذه المنطقة وليس في منطقة الخليج فحسب بل كما شاهدنا يستهدفون الشوارع في أوروبا أيضاً. وفي الحرب على إرهاب «القاعدة» أو «داعش» لا يوجد هناك أي بلد أكثر التزاماً معكم في الحرب ضد الإرهاب سوى المملكة المتحدة.
اليوم يقدم رجالنا ونساؤنا في جيوش المملكة المتحدة أرواحهم ضمن البعثة الدولية ضد داعش في العراق وسوريا. ونحن نحرز التقدم. ونشاهد العمليات الحالية في الموصل حيث أصبح احتلال «داعش» وأيامه معدودة.
ومن خلال علاقاتنا الوثيقة في مكافحة الإرهاب نحن نحرز النجاح في احباط المخططات الإرهابية وشتى التهديدات ضد المواطنين في بلداننا. فمثلاً، ساعدتنا المعلومات الاستخبارية من المملكة العربية السعودية من إنقاذ مئات الأرواح في المملكة المتحدة.
ونحن لا نركز على التطرف العنيف وحدة بل على نطاق واسع من التطرف العنيف وغير العنيف داخل وخارج بلادنا ونحن لا نلاحق الإرهابيين فحسب ولكننا نعمل على معالجة أسباب هذا التطرف من خلال مواجهة أيديولوجية التطرف ومن يقوم بنشرها.
وبينما نقوم بالتصدي للتهديدات على أمننا، لا بد لنا من الاستمرار في مواجهة الدول التي من خلال تأثيراتها تفاقم عدم الاستقرار في المنطقة. ولذا إنني أود أن أؤكد لكم أنني مفتوحة العينين حيال التهديد الذي تمثله إيران للخليج والشرق الأوسط على نطاق واسع.
إن المملكة المتحدة ملتزمة نحو الشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج وتعمل معكم للتصدي لذلك التهديد. لقد تم إزالة قدرات إيران على الحصول على السلاح النووي لعشر سنوات القادمة. كما تمخض عن الاتفاقية إزالة 13.000 جهاز طرد مركزي مع البنيات الأساسية والتخلص من مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% وذلك بموجب الاتفاقية التي عقدناها مع إيران.
وكان ذلك حيوياً ومهماً من أجل أمن المنطقة. ولكن لا بد لنا من العمل سوياً لردع تصرفات إيران العدوانية في المنطقة سواءً كان ذلك في لبنان، اليمن، سوريا، أو الخليج نفسه.
ولا بد لنا كذلك من الاستمرار في العمل المشترك لتحقيق تسوية عادلة وشاملة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني والبناء على الجهود بما في ذلك المبادرة العربية للسلام وبذلك كافة التأثيرات للتوصل لسلام دائم بناءً على حل الدولتين. سيظل هذا هو الأصل لتحقيق الأمن والرخاء في منطقة الشرق الأوسط على المدى البعيد.
في السنوات الأخيرة احتفظنا بقدرتنا على الدفاع عن مصالحنا المشتركة حينما قمنا بنشر القدرات الدفاعية البريطانية في المنطقة كما فعلنا ذلك حينما وقع غزو صدام حسين للكويت وسنواصل في ذلك من خلال تواجد سفينة صاحبة الجلالة «السفينة الحربية أوشان» والتي زرتها أمس هنا في البحرين.
وضمن العلاقات المتجددة أود أن أؤكد لكم أن المملكة المتحدة ستدخل معكم في التزام دائم ومستمر نحو أمن الخليج على المدى البعيد.وسنقوم بالاستثمار في القدرات الدفاعية وإنفاق أكثر من 3 مليارات جنيه إسترليني على مدى العشر سنوات القادمة وزيادة إنفاقنا الدفاعي في الخليج أكثر من أي منطقة أخرى.
وبعد تشييد سفينة صاحبة الجلالة «السفينة الحربية الجفير»، وبفضل كرم مملكة البحرين سوف ننشئ تواجداً دائماً في المنطقة، علماً بأن أول مرفق من هذا النوع كان في السويس المصرية منذ عام 1971، حيث نشرت السفن الحربية البريطانية والطائرات والقوات في الخليج أكثر من أي منطقة أخرى من العالم.
وفي نفس الوقت في مركز التدريب الأرضي في عمان يتم التأسيس للتواجد العسكري البريطاني المستديم في المنطقة. ويسرني أن أعلن أن أكبر تمرين عسكري بريطاني عماني مشترك سيبدأ في 2018 ولمدة 15 عاماً. وسوف نعمل أكثر من ذلك على تعميق تعاوننا الدفاعي من خلال الشراكة الاستراتيجية الجديدة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربي من خلال دعم وتطوير القدرات الدفاعية بما فيها التخطيط للعمليات الإنسانية والاستجابة للأزمات.
وضمن تأسيس القوات الدفاعية الجديدة في دبي للتعاون ضمن الأنشطة الإقليمية هنا في البحرين سوف نعين ضابطاً عسكريا متخصصاً للتعاون مع وحدة التخلص من القنابل في وزارة الداخلية وإدارة المسرح والدعم والتدريب.
كما سنقوم بتأسيس مجموعة العمل المشترك الجديدة لمكافحة الإرهاب وأمن الحدود والحوار في شأن الأمن القومي على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي لحماية البنيات التحتية الحيوية وتيسير سرعة تبادل المعلومات الاستخبارية بشأن المقاتلين الإرهابيين المشبوهين وتنفيذ أجهزة فحص المسافرين للكشف عن الإرهابيين الذين يحاولون العبور من خلال مطارات دول مجلس التعاون.
وبما إن أعداءنا يستغلون الإنترنت بشكل متزايد ضدنا سوف نقوم بتوظيف خبراتنا في تكنولوجيات أمن المعلومات وبناء قدراتنا وقدرات شركائنا في هذا المجال.
ولذلك سنقوم بتعيين خبير أمن الشبكات المعلوماتية الذي يتمتع بالخبرات العلمية والعملية الواسعة ممن عملوا في المملكة المتحدة لسنوات للعمل في تقديم الاستشارات لدول الخليج لتطوير قدراتها بالإضافة لممثل من شركات صناعة أمن المعلومات للعمل في المنطقة على بناء جسور التواصل بين المملكة المتحدة ودول الخليج.
وبتلك الطرق إنني عازمة على أن تكون المملكة المتحدة في طليعة الجهود الغربية لتعزيز شراكتنا الدفاعية وفي أمن المعلومات. كما سنقوم بتزويد المزيد من الاستقرار والأمن لحماية النظم المعلوماتية من أجل رخائنا المشترك، حينما أتأمل في نمو المنطقة خلال السنوات الخمسين الماضية.
وبدءاً من تحول دبي لتصبح تعتبر ثالث أكبر سوق للمملكة المتحدة في منطقة الخليج، لن أنسى أن مصدر هذا الرخاء والاستقرار هو العلاقات بين الخليج والغرب. وفي ظل فترة الاضطراب و الشكوك يحين الوقت لإعادة تعزيز هذه العلاقات.
ولذلك أنا هنا للتأكيد على التزامي نحو هذه العلاقات والبناء على أساس شراكتنا المستمرة لتعزيز الأمن والرخاء على مدى العقود القادمة.
رخاؤكم هو رخاؤنا، تماماً مثلما أن أمن الخليج هو أمننا، فإن رخاؤكم هو أيضاً رخاؤنا.
الخليج سلفاً هو سوق خاص بالنسبة للمملكة المتحدة. وفي العام الماضي وحده بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربي أكثر من 30 مليار جنيه إسترليني.
وفي نفس الوقت استثمارات الخليجية تساعد المملكة المتحدة في إحياء المدن من «أبردين» حتى «تيسايد» ومن «مانشستر» حتى «لندن». وأنا عازمة على فعل كل ما هو ممكن للبناء على ذلك وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات لمستوى أكثر طموحاً.
ولذلك سوف أواصل العمل الذي قادته المملكة المتحدة على مدى الثلاثين عاماً المنصرمة لجعل لندن عاصمة التمويل الإسلامي أكثر من أي مكان آخر حول العالم. وبينما ستغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي نسعى لإحداث قفزة للأمام ونتطلع لنصبح المدافع الأكبر عن التجارة الحرة على مستوى العالم.
التجارة الحرة تجعلنا كلنا أغنياء. إنها تخلق الوظائف. إنها تزيد الاستثمارات. إنها تحسين الكفاءة الإنتاجية. إنها تحول مستوى المعيشة للأحسن وتخلق الفرص لكل المواطنين. التجارة الحرة ستكون أكثر أهمية حينما تكون هنا مع أصدقائنا وحلفائنا في الخليج.
ولذلك يسرني أننا أتفقنا أمس على إنشاء مجموعة العمل المشترك لبحث كيفية إزالة الحواجز أمام التجارة واتخاذ خطوات لتحرير الاقتصادات من أجل الرخاء المشترك. على سبيل المثال لقد توصلنا لاتفاقية جديدة مع المملكة العربية السعودية للسماح للشركات البريطانية باستصدار التأشيرات لخمس سنوات في المرة الأولى وخلق فرص جديدة لزيادة التبادل التجاري. كما اتفقنا على استضافة المملكة المتحدة في مارس القادم لفعالية بعنوان «التحول الوطني الخليجي والتنوع الاقتصادي في «مانشون هاوس» وهي دار للتمويل والتجارة عبر القرون في قلب مدينة لندن.
هذه الخطوات بالضبط هي الإجراءات التي يمكننا أن نطبقها سوياً لإحراز التقدم في كل شيء وهذا ممكن من خلال العمل التجاري لمصلحة اقتصاداتنا وبالتالي مصلحة جميع مواطنينا.
وثانياً، أستطيع أن أؤكد أن المملكة المتحدة ستشارك في فعالية «معرض دبي 2020» استمرارية للتقليد الذي بدأ من بريطانيا في «المعرض الكبير» و»الأشغال والصناعات لكل الأمم» في حديقة «هايد بارك» منذ عام 1851. وسيتيح معرض دبي 2020 فرصة تجارية كبرى بمشاركة أكثر من 180 دولة والمتوقع أن يزوره أكثر من 25 مليون زائر.
ثالثاً: أريد أن تتكلل هذه المباحثات على مستوى المسؤولين بتمهيد الطريق أمام ترتيبات طموحة للتعاون التجاري حينما ستغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي. وأريد منا أن نتخيل حجم التبادل التجاري ومداه.
وأريد أن نستكشف حيوية وتنوع السوق والترتيبات التجارية الجديدة المتاحة مع كل منطقة الخليج وأريد أن لا أترك أي مجال للشك حول مدى طموحي أو مدى إصراري وعزيمتي على تأسيس تعاون تجاري متين بين المملكة المتحدة والخليج.
بناء المجتمعات المفيدة للجميع..
بينما نقوم باتخاذ كافة الخطوات الممكنة لكسر الحواجز التي تعيق تجارتنا ورخاءنا، كذلك يهمنا الاستمرارية في العمل على زيادة التقارب بين شعوبنا وضمان زيادة المنفعة والرخاء للجميع.
في بريطانيا لقد تكلمت أنا عن الحاجة لخلق بلاد مفيدة للجميع. ومن خلال ذلك، لقد بدأت بريطانيا إطلاق الفرص العالمية الكبرى من خلال إدارة القوى السالبة غير المقصودة المترتبة عن العولمة حتى لا يتم ترك أي شريحة من المجتمع وراء الركب وبالتالي إعادة الثقة بين المواطنين والمؤسسات.
مثلما نحن في الغرب نواجه بعض التحديات الاقتصادية والاجتماعية، فإن اقتصاداتكم بدورها تواجه التحديات وتسعى لتأمين الوظائف والفرص لمواطنيكم.
وكلنا ندرك أننا لا بد لنا من السير للأمام قبل أن تصبح اقتصاداتنا مفيدة لجميع المواطنين.
ولكنني تشجعت من خلال الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي حققتم في الفترة الأخيرة ومن خلال الروية الشجاعة التي تبنتها دول الخليج للمزيد من التغير الأساسي والمستدام وآخرها رؤية المملكة العربية السعودية 2030.
نحن في المملكة المتحدة حريصون على أن نكون شريككم المفضل وانتم تطبقون المعايير الدولية من خلال الإصلاحات الضرورية لجميع شعبكم. ونتيجة لمتانة العلاقات بين بلداننا والاحترام المتبادل فيما بيننا يمكننا أن نتحدث بكل صراحة وشفافية كأصدقاء.
معاً سيكون بوسعنا التغلب على كافة التحديات خلال الأوقات العصيبة من أجل المزيد من الرخاء والأمان. ولكن لكي نبلغ تلك الغاية المشتركة، لا بد لنا من الالتقاء أو تبادل الزيارة في غضون بضعة أعوام. ويتطلب منا ذلك تمتين العلاقات بين بلداننا على كل المستويات.
وعليه إنني أتطلع للفصل التالي من حوار المنامة الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية والذي سيحضره وزير خارجيتنا البريطانية في وقت لاحق هذا الأسبوع.
هذه العلاقات الاستراتيجية بين المملكة المتحدة ودول الخليج عبارة عن شراكة ممتدة عبر التاريخ وهي شراكة واعدة لمستقبلنا - والآن تتطلب منا المزيد من تركيز الجهود.
ولذلك فإنني أريد الاستمرار في المناقشات الإيجابية التي نحن بصددها هذا الأسبوع من خلال أول حوار بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي على مستوى القادة. ويسرني أنكم وافقتم على جعل هذه الفعالية فعالية سنوية. وأتطلع للترحيب بكم في لندن في السنة القادمة.
ولمواجهة بعض التحديات الكبيرة الماثلة أمام أممنا ورخائنا، سوف ننجح معاً. سوف ننجح في من خلال التزامنا المستمر حيال النظم القانونية التي بني عليها رخاؤنا. وسننجح في تعميق تعاوننا الأمني وتوسيع تجارتنا والعمل الجاد أكثر من أي وقت مضى على بناء اقتصاداتنا ومجتمعاتنا المفيدة لكل المواطنين.
وأنني أؤمن بأن هذه اللحظة هي اللحظة المناسبة لتصحيح ذلك. وبقيادتي، ستقوم بريطانيا بدورها بالكامل في تحقيق تلك الرؤية».
بعد ذلك ألقى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة كلمة هذا نصها:
«بسم الله الرحمن الرحيم
جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين الشقيقة
معالي تيريزا ماي رئيسة وزراء المملكة المتحدة الصديقة
أصحاب الجلالة والسمو
أصحاب المعالي والسعادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرني بداية أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى أخي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على استضافته لهذه القمة الهامة مع حليف استراتيجي نرتبط به بعلاقات تاريخية وروابط عميقة ومصالح استراتيجية في وقت نشهد فيه تحديات سياسية واقتصادية وأمنية تتطلب التشاور والتنسيق للوصول إلى رؤية مشتركة نتمكن من خلالها من مواجهة تلك التحديات.
كما يسرني أن أجدد الترحيب بتيريزا ماي رئيسة وزراء المملكة المتحدة مشيداً في هذا الصدد بما تضمنته كلمة جلالة الملك الاستهلالية من عبارات عكست عمق ومتانة العلاقات الخليجية البريطانية والبعد الاستراتيجي لتلك العلاقة.
لقد أثبتت الأحداث الدولية عمق وصلابة العلاقة مع المملكة المتحدة باعتبارها حليفاً تاريخيا عبر الدور الكبير الذي تلعبه في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة وتأتي هذه القمة اليوم لتضيف أبعادا أخرى إلى هذه العلاقة للانطلاق بها إلى آفاق أرحب تعكس عمقها وتجذرها استكمالاً لسلسلة اللقاءات التي تعقد على كافة المستويات بين مجلس التعاون وبريطانيا حيث يتواصل العمل المشترك بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة من خلال الحوار الاستراتيجي على مستوى وزراء الخارجية والذي يشكل امتداداً للجهود المبذولة لتنسيق المواقف حول القضايا ذات الاهتمام المشترك والذي انبثقت عنه خطة العمل المشترك التي نسعى إلى توسيع نطاقها وتمديد إطارها الزمني.
أصحاب الجلالة والسمو
تعتز بلادي الكويت بعلاقات الصداقة التاريخية الراسخة والمتميزة مع المملكة المتحدة والتي بدأت منذ قرون مضت كان سعينا المشترك فيها متواصلاً لتوطيدها وتعزيزها في كافة مجالاتها السياسية والاقتصادية والاستثمارية والعسكرية والثقافية.
واستذكر هنا بكل التقدير الدور البارز الذي قامت وتقوم به بريطانيا في دعم أمن دولة الكويت من الأخطار التي واجهتها وصولاً إلى دورها التاريخي وجهودها في تحرير دولة الكويت من الغزو والاحتلال الغاشمين.
إن اعتزازنا بهذه العلاقات الوطيدة يدفعنا إلى العمل وبكل جهد لتعزيزها وإيجاد السبل الكفيلة التي تفتح آفاق جديدة تضيف أبعاداً أخرى لهذه العلاقة المتميزة فكان التوجه لتشكيل لجنة مشتركة تضم كافة القطاعات ذات العلاقة في البلدين استطاعت خلال السنوات الأربع الماضية من تحقيق خطوات مهمة في طريق الانطلاق بهذه العلاقات بما يعزز التواصل بين الشعبين الصديقين ويضاعف من الشراكة الاستراتيجية بين بلدينا وسيستمر هذا العمل لنضمن بلوغ الأهداف التي نسعى إليها ونصون بها العلاقات الاستراتيجية التي تربط بلدينا الصديقين.
وفي الختام أجدد الترحيب بمعالي السيدة تيريزا ماي متمنياً لأعمال اجتماعنا كل التوفيق والسداد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
بعدها ألقى الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني كلمة هذا نصها:
«بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسولنا الكريم، نبينا محمد الصادق الأمين،
حضرة صاحب الجلالة، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون،
خادم الحرمين الشريفين،
أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون،
دولة رئيسة وزراء المملكة المتحدة، السيدة تيريزا ميي،
أصحاب السمو والمعالي والسعادة، الضيوف الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يشرفني بداية أن أحيي جمعكم الكريم في هذا اللقاء الأول الذي يجمعكم، أصحاب الجلالة والسمو، ودولة رئيسة وزراء المملكة المتحدة السيدة تيريزا ميي، مرحباً بها والوفد المرافق، آملا أن يكون هذا اللقاء المبارك خطوة إيجابية بناءة على طريق تعزيز علاقاتنا وتطويرها لما فيه خير وصالح الجانبين.
إن هذا اللقاء المبارك هو ثمرة من ثمار الحوار الاستراتيجي القائم بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة، والذي وجهتم، أصحاب الجلالة والسمو، إلى المضي فيه وتطوير مخرجاته، سعياً لترسيخ التعاون المشترك، وفتح آفاق جديدة لتعزيز العلاقات التاريخية الوطيدة بين دول المجلس والمملكة المتحدة، والعمل معاً من أجل تحقيق نماء وازدهار المنطقة، والحفاظ على أمنها واستقرارها.
ففي إطار الرغبة المتبادلة لترسيخ علاقات الصداقة والتعاون المشترك بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة عقد أول اجتماع وزاري للحوار الاستراتيجي بين الجانبين في مدينة لندن عام 2012، وتوالت بعدها الاجتماعات الوزارية المشتركة، ولقاءات مجموعات العمل المشترك، حيث تم إقرار خطة العمل المشترك بين الجانبين، والتي شملت التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، والطاقة والمياه، والتعاون السياسي والأمني، والتعليم والبحث العلمي، والتعاون الثقافي والاجتماعي والسياحي. كما تمت موافقة المجلس الأعلى في لقائه التشاوري الأخير، على عقد هذا اللقاء التاريخي الذي نتطلع إلى أن يشكل دفعة قوية على طريق تعزيز العلاقات وتطويرها.
أصحاب الجلالة والسمو،
دولة رئيسة الوزراء،
إن العلاقات التاريخية الوطيدة الراسخة بين دول مجلس التعاون والمملكة المتحدة، شهدت عبر العصور تطوراً ونماءً كبيرين، وتعاوناً مثمراً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وكانت مثالاً نموذجياً للصداقة الوثيقة والعمل الجاد لتحقيق المصالح المشتركة، وحماية أمن المنطقة واستقرارها.
ففي إطار التعاون الاقتصادي المشترك ارتفع حجم التبادل التجاري بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة من حوالي 9 مليارات دولار في عام 2001 إلى حوالي 30 بليون دولار في عام 2015، ويسعى الجانبان إلى الارتقاء بهذا التعاون التجاري الى مستويات أعلى تعكس ما يتمتع به الجانبان من قدرات وإمكانات اقتصادية كبيرة.
كما إن التعاون السياسي والأمني بين الجانبين الخليجي والبريطاني قائم وفاعل، بما في ذلك التعاون القائم لمكافحة التنظيمات الإرهابية، وكذلك التنسيق المستمر بين الجانبين من أجل دعم الشرعية وإعادة السلام والاستقرار الى اليمن، والتعاون المتواصل والبناء في تجمع أصدقاء اليمن الذي ترأسه كل من المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة والجمهورية اليمنية، والذي حقق خطوات ملموسة عبر عقد عدة مؤتمرات دولية لدعم اليمن، أسفرت عن التبرع بما يقارب خمسة عشر مليار دولار، لمساعدة اليمن في تنفيذ خططه التنموية.
ويعمل مجلس التعاون لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار وبناء اليمن حال التوصل إلى السلام المبني على المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216. وبهذا الخصوص تؤكد دول مجلس التعاون دعمها لجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن.
إن اهتمامكم ومتابعتكم الحثيثة لسير التعاون المشترك بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة تشكل حافزاً مهما لتطوير العلاقات المتميزة بين الجانبين، ونتطلع أن يتم خلال هذا اللقاء التاريخي تعزيز العلاقات بين مجلس التعاون والمملكة المتحدة في المجالات السياسية والدفاعية والأمنية والاقتصادية والتنموية والثقافية، ووضع الأطر اللازمة لترسيخ هذه العلاقة.
مرة أخرى أرحب بدولة رئيسة الوزراء بالمملكة المتحدة والوفد المرافق، متمنيا أن تكلل هذه الجهود الخيرة بدوام التوفيق والسداد لتعزيز علاقات الصداقة التاريخية الخليجية البريطانية، وتحقيق مزيد من التعاون خدمة للمصالح المشتركة.
ختاماً اسمحوا لي، أصحاب الجلالة والسمو، ودولة رئيسة الوزراء أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى أصحاب السمو والمعالي وزراء الخارجية وكبار المسؤولين من الجانبين الخليجي والبريطاني، على جهودهم ومتابعتهم والتحضير والإعداد المتميز لأعمال هذا اللقاء المبارك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،».
بعد ذلك ترأس حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى جلسة العمل الثانية المغلقة بحضور أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودولة رئيسة وزراء المملكة المتحدة الصديقة.