عواصم - (وكالات): أعلنت مصادر أن ميليشيات إيرانية ولبنانية موالية لنظام الرئيس بشار الأسد قتلت واعتقلت مدنيين أثناء خروجهم من حلب شمال سوريا بعد احتجازها حافلات تقل مئات المهجرين من شرق المدينة لإجبار المعارضة على إخراج جرحى من بلدتي الفوعة وكفريا بريف إدلب، شمال غرب البلاد، وإطلاق أسرى، فيما ذكرت مصادر إعلامية سورية أن «الجنرال جواد غفاري الذي يقود الحرس الثوري الإيراني في حلب و16 ميليشيات شيعية تابعة له يريد إبادة من تبقى من المحاصرين شرق المدينة، وهو من يعرقل استكمال عمليات الإجلاء لما تبقى من مدنيين ومقاتلين»، في حين قالت المعارضة السورية إن «40 ألفاً لا يزالون محاصرين شرق حلب». وأرغمت ميليشيات شيعية موالية للنظام موكباً من أكثر من 800 شخص تم إجلاؤهم على العودة إلى حي تسيطر عليه الفصائل المقاتلة.
وقبل ذلك، قالت تقارير صحافية إن «الميليشيات تحتجز منذ ساعات قافلة من الحافلات تقل الدفعة الرابعة من المهجرين بينهم عدد من الجرحى في منطقة الراموسة جنوب حلب، وكان يفترض أن تتوجه الحافلات نحو ريف حلب الغربي».
وأشارت التقارير إلى أن «عملية إجلاء المحاصرين من شرق حلب توقفت عقب إطلاق نار من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام. من جهتها، قالت حركة أحرار الشام إن روسيا عاجزة عن ضبط الميليشيات الإيرانية المعرقلة لخروج المحاصرين من شرق حلب.
وذكرت مصادر أن هناك أنباء عن إعادة الميليشيات المدنيين والجرحى إلى الأحياء المحاصرة بعد إهانتهم وسرقة أغراضهم، بينما نفت وزارة الدفاع الروسية إعادة أي منهم.
وعطلت الميليشيات الموالية لإيران عمليات الإجلاء سعياً لفرض شروط على المعارضة تشمل إخراج المئات من الفوعة وكفريا، فضلاً عن تسليم أسرى وجثث مقاتلين من تلك المليشيات «العراقية والأفغانية والباكستانية و»حزب الله» اللبناني».
وقال مصدر من المعارضة السورية إن كل الفصائل التي تحاصر الفوعة وكفريا - ما عدا جبهة فتح الشام «جبهة النصرة سابقاً»- وافقت على السماح بإجلاء الجرحى منهما، بينما تحدث مصدر آخر بالمعارضة أن «فتح الشام» وافقت هي الأخرى على خروج هؤلاء الجرحى. وعلق جيش الأسد عملية إجلاء المدنيين ومسلحي المعارضة من شرق المدينة التي دمرتها المعارك معلناً أن السبب هو «عدم احترام المسلحين لشروط» الاتفاق الهادف إلى إخراج آلاف السكان العالقين في ظروف مأسوية.
وعند معبر الراموسة الذي تسيطر عليه القوات الحكومية، سمع صوت إطلاق نار فاضطرت سيارات الإسعاف والحافلات التي كان يفترض أن تنقل مزيداً من الاشخاص من الأحياء التي لا يزال يتحصن فيها مسلحون إلى العودة خالية.
وقالت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا إليزابيث هوف «طلب من موظفي الصليب الأحمر والهلال الأحمر ومن منظمة الصحة العالمية «وهي الجهات المشرفة على عمليات الإجلاء» مغادرة الموقع»، دون تلقي تفسير لذلك.
وأعربت هوف عن قلقها على مصير المدنيين العالقين في حلب. وقالت «هناك أعداد كبيرة من النساء والأطفال دون الخامسة من العمر يجب أن يخرجوا (...) هؤلاء يجب أن يعودوا إلى منازلهم بعد وقف المعارك وهذا يقلقنا كثيراً لأننا نعرف مدى معاناتهم». وكان الجيش الروسي أعلن في وقت سابق انتهاء عمليات إجلاء المقاتلين وعائلاتهم، وأن الجيش السوري يقوم بتصفية «آخر الجيوب المقاومة» في حلب.
واتهم الدفاع المدني السوري المعروف باسم «الخوذ البيضاء» وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان روسيا بارتكاب جرائم حرب في سوريا أو التواطؤ فيها ويقولون إن الضربات الجوية الروسية على حلب قتلت 1207 مدنيين من بينهم 380 طفلاً.
من جهته، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا إنه لا يزال نحو 40 ألف مدني عالقين في حلب وما بين 1500 إلى 5000 مقاتل مع عائلاتهم. ومنذ الخميس الماضي، تم إجلاء نحو 8500 شخص بينهم 3 آلاف مقاتل نحو أراض تسيطر عليها فصائل المعارضة وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقالت وسائل الإعلام السورية إن العدد بلغ نحو 8 آلاف. وقبل تعليق عملية الإجلاء، قامت سيارات إسعاف وحافلات أمنتها السلطات السورية بالانتقال طوال الليل بين حلب ومناطق تسيطر عليها الفصائل المقاتلة في مناطق أخرى في ريف حلب.
وبعد حصار استمر أكثر من 4 أشهر، سمح هجوم واسع وعنيف بدأ قبل شهر للجيش السوري وحلفائه باستعادة أكثر من 90 % من الأحياء التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة في حلب منذ يوليو 2012.
وتأتي عملية الإجلاء في إطار اتفاق تم التوصل إليه برعاية تركية روسية لإجلاء مقاتلي المعارضة ومدنيين من آخر المناطق التي تسيطر عليها الفصائل شرق حلب، إثر هجوم واسع لقوات النظام السوري ضد الأحياء الشرقية استمر شهراً.
وتعتبر محافظة إدلب المعقل الأخير المهم للفصائل المسلحة التي لم تعد تسيطر إلا على القسم الأكبر من محافظة درعا الجنوبية ومناطق قريبة من دمشق يحاصرها النظام. وعانى سكان حلب خلال المعارك التي استمرت شهراً ظروفاً مأسوية تحت وابل من الصواريخ والبراميل المتفجرة. وقتل خلال هذه الفترة مئات من المدنيين ودفع الحصار والجوع أكثر من 100 ألف إلى الهرب من المدينة التي تحولت إلى خراب أمام أعين المجتمع الدولي العاجز. وكان التدخل الروسي في 2015 أتاح لقوات النظام السوري استعادة زمام المبادرة. سياسياً، صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طوكيو أن «المرحلة المقبلة» لسوريا ستكون «وقفاً لإطلاق النار على كل الأراضي». وقال بوتين حليف الأسد «نجري مفاوضات مع ممثلي المعارضة المسلحة، خصوصاً بفضل وساطة تركيا».
ورد رياض حجاب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة السورية بأن الهيئة مستعدة للانضمام لمحادثات السلام بشرط أن يكون هدفها تشكيل حكومة انتقالية. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أن مجلس الأمن الدولي سيجتمع لمناقشة نشر سريع لمراقبين من الأمم المتحدة شرق حلب لضمان عدم وقوع انتهاكات ووصول المساعدات الإنسانية للمدينة. وقد دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جميع الأطراف إلى احترام وقف إطلاق النار في حلب للسماح بمواصلة عملية الإجلاء من الأحياء الشرقية في المدينة.
وقال مسؤولون أتراك إن تركيا تخطط لإقامة مخيم داخل سوريا لإيواء بعض من تم إجلاؤهم من مدينة حلب لكنها ستواصل استقبال المرضى والجرحى في مستشفياتها.