عواصم - (وكالات): شنت صحيفة «سياست روز» الحكومية الإيرانية المتشددة، هجوماً عنيفاً على الاتفاق الروسي التركي في سوريا، مؤكدة أن «الاتفاق الأخير يهمش دور طهران في سوريا، ويخدم المعارضة السورية المسلحة»، معبرة عن «قلقها من تبعات الاتفاق، خاصة بنوده التي تنص على ضرورة خروج كافة المجموعات غير السورية من البلاد»، وهو مطلب تركي أصرت أنقرة على إدراجه ضمن الاتفاق مع روسيا.
من ناحية أخرى، جمدت أكثر من 10 فصائل سورية معارضة مشاركتها في أي محادثات حول مفاوضات السلام المرتقبة في أستانة عاصمة كازاخستان، متهمة قوات الرئيس بشار الأسد بخرق الهدنة الهشة التي دخلت اليوم يومها السادس مع استمرار المعارك قرب دمشق، فيما قتلت امرأة وأصيب آخرون في غارات روسية بقنابل عنقودية في ريف إدلب شمال غرب سوريا، تزامناً مع استمرار خرق النظام السوري لها في منطقة وادي بردى بريف دمشق.
وقالت الصحيفة الإيرانية المتشددة في افتتاحيتها تحت عنوان «تواطؤ تركي روسي حول سوريا»، إنه «يجب الانتباه إلى أمر هام ومثير للريبة، وهو أن وقف إطلاق النار في سوريا يتم في وقت يرى فيه مراقبون أن مكانة إيران همشت في الاتفاق الروسي التركي».
ورأت الصحيفة المقربة من التيار الأصولي المتشدد في إيران أن «الطرفين «روسيا وتركيا» أجريا مقايضة حول سوريا ويجب أن يجيبا على حساب طهران»، وتساءلت «لماذا تم تجاهل دور إيران في الاتفاق رغم كل ثقلها في المعادلات الإقليمية؟».
كما أبدت الصحيفة قلقها حول تبعات الاتفاق، خاصة بنوده التي تنص على ضرورة خروج كافة المجموعات غير السورية من البلاد، وهو مطلب تركي أصرت أنقرة على إدراجه ضمن الاتفاق مع روسيا. وقالت «قوات محور المقاومة لم تدخل سوريا حسب طلب تركيا لكي تخرج بطلب منها وتترك الشعب السوري وحكومتها مع مجموعات إرهابية في حالها وحيداً».
يذكر أن قوات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الشيعية التابعة لها عملت منذ بداية الهدنة على خرقها في عدة مناطق من سوريا، منها ريفا دمشق وحلب، وخسرت أحد جنرالاتها، وهو اللواء غلام علي قلي زادة. ميدانياً، جمدت أكثر من 10 فصائل سورية معارضة مشاركتها في أي محادثات حول مفاوضات السلام المرتقبة في أستانة، متهمة قوات النظام بخرق الهدنة الهشة التي تدخل يومها السادس مع استمرار المعارك قرب دمشق.
ويهدد القرار الهدنة ومفاوضات السلام المنوي عقدها نهاية الشهر الحالي في أستانة، بموجب اتفاق توصلت إليه موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة. وهو أول اتفاق يتم برعاية تركية مباشرة، بعدما كانت الولايات المتحدة شريكة روسيا في اتفاقات سابقة لوقف إطلاق النار لم تصمد. ومع بدء الهدنة، شهدت معظم الجبهات الرئيسة في سوريا هدوءاً مع خروقات محدودة، باستثناء منطقة وادي بردى، خزان مياه دمشق، حيث تدور اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والفصائل، يتخللها قصف جوي ومدفعي. واتهمت أكثر من 10 فصائل معارضة في بيان مشترك «النظام وحلفاءه بأنهم استمروا بإطلاق النار وقاموا بخروقات كثيرة وكبيرة خصوصاً في منطقة وادي بردى والغوطة الشرقية..». وقالت «نظراً لتفاقم الوضع واستمرار هذه الخروقات (...) تجمد أية محادثات لها علاقة بمفاوضات أستانا أو أي مشاورات مترتبة على اتفاق وقف إطلاق النار حتى تنفيذه بالكامل».
وحذرت الفصائل، وأبرزها جيش الإسلام وفيلق الشام، وهما فصيلان نافذان في ريف دمشق، وفرقة السلطان مراد القريبة من تركيا، من أن الاتفاق يعتبر «بحكم المنتهي» ما لم تتم «إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي».
وتدور اشتباكات عنيفة في منطقة وادي بردى بين قوات النظام ومقاتلين من «حزب الله» اللبناني من جهة، والفصائل المقاتلة من جهة أخرى، وسط استقدام قوات النظام لتعزيزات عسكرية إلى المنطقة، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وترافقت الاشتباكات وفق المرصد، مع غارات كثيفة وقصف بالبراميل المتفجرة على المنطقة، وذلك بعد يوم من وصول قوات النظام وحلفائها إلى أطراف عين الفيجة، النبع الرئيس في وادي بردى، والذي توقف ضخ المياه منه إلى دمشق منذ أسبوعين.
واتهمت السلطات التي بدأت هجوماً قبل أسبوعين في المنطقة، الفصائل بتلويث المياه بالمازوت ثم قطعها بالكامل عن دمشق. لكن المرصد أوضح أن انقطاع المياه سببه تعرض إحدى مضخات المياه في عين الفيجة لانفجار بفعل المعارك بين الطرفين.
وجددت الأمم المتحدة تحذيرها من أن «4 ملايين شخص في مدينة دمشق مازالوا محرومين من المياه منذ 22 ديسمبر الماضي جراء المعارك في منطقة وادي بردى».
ويهدف هجوم قوات النظام المستمر منذ 20 ديسمبر الماضي وفق المرصد، إلى السيطرة على منطقة وادي بردى التي تحاصرها منذ منتصف 2015، أو الضغط على الفصائل للتوصل إلى اتفاق مصالحة على غرار اتفاقات مشابهة جرت في محيط دمشق خلال الأشهر الماضية. ويستثني اتفاق وقف إطلاق النار التنظيمات المصنفة «إرهابية»، وبشكل رئيس تنظيم الدولة «داعش». كما يستثني، بحسب موسكو ودمشق «جبهة فتح الشام» الأمر الذي تنفيه الفصائل المعارضة.
ويزيد التباين من صعوبة تثبيت الهدنة بسبب وجود الجبهة ضمن تحالفات مع فصائل أخرى مقاتلة في مناطق عدة أبرزها محافظة إدلب شمال غرب البلاد، أبرز معقل متبقٍ للفصائل بعد خسارتها مدينة حلب الشهر الماضي.
في الوقت ذاته، قتل 25 عنصراً من «جبهة فتح الشام» «جبهة النصرة سابقاً»، بينهم قادة جراء غارة استهدفت مركزاً رئيساً للتنظيم في إدلب شمال غرب سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.