عواصم - (وكالات): تكثف تركيا وروسيا التنسيق والاتصالات بينهما لضمان استمرار اتفاقية وقف إطلاق النار في سوريا تحضيراً للمفاوضات المزمع انطلاقها في أستانا عاصمة كازاخستان في 23 يناير الجاري، وسط استمرار انتهاكات الهدنة من قبل قوات النظام السوري والميليشيات الداعمة له مما قد يهدد بفشل المحادثات، في حين كثف النظام السوري قصفه لمنطقة وادي بردى المحاصرة قرب دمشق موقعاً قتلى وجرحى ودماراً كبيراً في البنى التحتية، بينما منع حاجز لميليشيا «حزب الله» اللبناني دخول ضباط روس لمراقبة الهدنة في وادي بردى. يأتي ذلك وسط تحذيرات من فرق الدفاع المدني من وقوع كارثة إنسانية بسكان المنطقة البالغ عددهم زهاء 80 ألف نسمة. وقال ناشطون إن «قصف قوات النظام وميليشيات «حزب الله» على منطقة وادي بردى مستمر منذ 14 يوماً».
وقالت مصادر في ريف دمشق إن خروقات النظام و»حزب الله» لوقف النار لم تتوقف منذ بداية الهدنة قبل 6 أيام، وأشارت إلى أن فصائل المعارضة تصدت لمحاولات تقدم النظام وميليشيات «حزب الله» من محاور قرى بسيمة وعين الفيجة ودير مقرن والحسينية، وسط قصف عنيف جوي وصاروخي ومدفعي للأحياء السكنية بالمنطقة.
وأوضحت المصادر أن وجهاء وادي بردى تواصلوا مع الجانب الروسي لضبط اتفاق وقف إطلاق النار، وأن الروس تجاوبوا مع ذلك وأرسلوا 4 ضباط لضبط الاتفاق، لكن ميليشيا «حزب الله» منعت الضباط الروس من دخول الوادي. ونقلت شبكة «شام» المعارضة أن قرى بسيمة وعين الخضرة وعين الفيجة والحسينية بوادي بردى تعرضت لأكثر من 19 غارة جوية وقصف بنحو 30 برميلاً متفجراً إضافة لعشرات الصواريخ، وقد ترافق مع اشتباكات عنيفة على عدة محاور، بينما أفادت وكالة مسار برس بأن القصف المكثف على المنطقة أدى لتقدم قوات النظام وميليشيا حزب الله في بعض النقاط على محور الحسينية، ولفتت إلى أن حصيلة ضحايا القصف خلال الأيام الثلاثة الماضية ارتفعت إلى 6 قتلى و73 مصاباً.
في هذه الأثناء، حذرت فرق الدفاع المدني من وقوع كارثة إنسانية قد تحل بزهاء 80 ألف مدني بوادي بردى، جراء انعدام المواد الطبية والحصار المفروض فضلاً عن استمرار العمليات العسكرية لقوات النظام وميليشيات حزب الله.
وأوضح الدفاع المدني أن منطقة الوادي تعاني نقصاً في الدواء والمستلزمات الطبية الضرورية، وأشار إلى أن فرقه الموجودة هناك على وشك التوقف عن العمل بسبب نقص الوقود واستهدافها بشكل مباشر من قوات النظام ومسلحي حزب الله.
وفي تطورات ميدانية أخرى لخرق الهدنة، تصدت كتائب المعارضة لمحاولة اقتحام قوات النظام بلدة حرزما بغوطة دمشق من محوري بلدة الميدعاني وكتيبة الصواريخ، حيث جرت اشتباكات بين الطرفين أسفرت عن مقتل 5 عناصر من قوات النظام وجرح آخرين.
في غضون ذلك، دعت أنقرة طهران إلى ممارسة ضغوط على دمشق والقوات الداعمة لها لثنيها عن الانتهاكات المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار في سوريا الذي دخل يومه السادس، معتبرة أن ذلك يهدد بتقويض مفاوضات السلام المرتقبة في كازاخستان.
ونقلت وكالة الأناضول التركية الموالية للحكومة عن وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو قوله إن «مفاوضات أستانة قد تتعثر إذا لم نوقف الخروقات المتزايدة» لوقف إطلاق النار الساري بموجب اتفاق روسي تركي.
وأعلن أوغلو أن بلاده تعمل مع روسيا من أجل فرض عقوبات على من ينتهك وقف إطلاق النار في سوريا، وحذر من أن تزايد الانتهاكات المكررة لوقف النار يهدد بتقويض مفاوضات أستانا.
وأوضح الوزير التركي أن النظام السوري و»حزب الله» اللبناني والمليشيا الشيعية الأخرى هم من ينتهكون اتفاقية وقف إطلاق النار في سوريا. وأشار إلى أن بلاده بالتنسيق مع روسيا قامت بإنشاء مركزيْ مراقبة وتنسيق أحدهما في موسكو والآخر في أنقرة لمتابعة الالتزام باتفاقية وقف النار وتدفق المساعدات الإنسانية.
ونص الاتفاق على وقف إطلاق النار في سوريا وإجراء مفاوضات في يناير في أستانة عاصمة كازاخستان، في محاولة لإنهاء النزاع السوري الذي خلف اكثر من 310 آلاف قتيل وملايين النازحين منذ 2011.
ويستثني الاتفاق بشكل رئيس التنظيمات المصنفة «إرهابية»، وخصوصاً تنظيم الدولة «داعش». وتقول موسكو ودمشق إنه يستثني جبهة فتح الشام «جبهة النصرة سابقاً»، الأمر الذي تنفيه الفصائل المعارضة.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الاتفاق مع المعارضة السورية حول الهدنة والتحضير لمفاوضات السلام في أستانة تم بشكل مشترك مع تركيا وإيران دون مشاركة الولايات المتحدة. من جهته، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الهجوم الذي يشنه مقاتلون سوريون بدعم من أنقرة لانتزاع السيطرة على بلدة الباب السورية من قبضة «داعش» في عملية «درع الفرات» سينتهي قريباً. وقال في كلمة بثها التلفزيون إنه عازم على تطهير مناطق أخرى في سوريا من بينها بلدة منبج خلال العملية التي تساندها تركيا.
من جهة أخرى، أعلن ساجد مالك ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا أن آلاف الأشخاص بدؤوا في العودة إلى منطقة شرق حلب التي كانت تخضع لسيطرة قوات المعارضة على الرغم من الطقس القارس البرودة والدمار الذي «يفوق الخيال». وقال إن إعادة الإعمار سيستغرق وقتاً طويلاً ولكن الأولوية الفورية هي إبقاء الناس في دفء وتزويدهم بالطعام.